الخرطوم ــ سارة إبراهيم
أدت السياسات المتبعة حالياً إلى تدني وضياع عائدات حصائل الصادر بسبب تهريب المنتجات المحلية وتصديرها بطرق غير رسمية مما يفقد البلاد حصائل مقدرة، خاصة في قطاع الذهب الذي تشير الوقائع لتهريب أكثر من (70%) من إنتاجه بعوائد تصل إلى (6) مليارات دولار سنوياً، كما عانت المنتجات الزراعية من مشكلات عديدة كبدت الصادر خسائر فادحة تمثلت في فوضى الأسواق بمناطق الإنتاج وتفشي المضاربات وتنامي الفساد.
لجنة تحقيق
وفي الفترة الماضية خسرت البلاد نصف مليون رأس من الإبل، إضافة إلى (80) مليون دولار عبارة عن حصيلة تصدير الإبل إلى مصر.
وأكدت تقارير صحفية فقدان (3.5) مليارات دولار، هي حصائل صادرات زراعية وحيوانية، وقال وزير الثروة الحيوانية المُكلف عادل فرح إنه تقدم بمقترح لرئيس الوزراء لتشكيل لجنة تحقيق حول خسران البلاد لحصائل الصادر، وأفاد بأنه اقترح تكوين اللجنة من مجلس الوزراء ووزارتي الصناعة والتجارة والثروة الحيوانية وبنك السودان المركزي وإدارة الجمارك وغرفة المصدرين.
تدهور الصادرات
وفي السياق، أشار أحد المصدرين ــ فضل حجب اسمه ــ إلى المشاكل التي أدت إلى تدني الصادرات السودانية، وقال لـ(الصيحة) إن دخول الطفيليين في هذا المجال أدى إلى تدهور الصادرات وفقد السودان بسببه ملايين الدولارات، وحمل بنك السودان المركزي مسؤولية ضياع حصائل الصادر، ولفت إلى القصور وعدم المتابعة والرقابة فيما يخص مواعين التصدير.
كارثة اقتصادية
وأكد رئيس تجمع أصحاب العمل معاوية أبايزيد، توقف الشحن إلى ميناء بورسودان من جميع موانئ العالم ما عدا شركات في موانئ الصين حيث ضاعفت قيمة الشحن لأكثر من ثلاثة أضعاف (من 3000 دولار في شهر أكتوبر 2020 إلى 10.850 دولاراً) للحاوية (40) قدماً وذلك لتأخير التفريغ في ميناء بورتسودان وبطء إجراءات الجمارك التي تعمل لخمس ساعات في اليوم فقط.
وحمل الحكومة مسؤولية الضعف وسوء إدارة الميناء وعدم متابعتها ملف معوقات الميناء رغم مناشدتهم لهم منذ يناير الماضي إلى أن تفاقمت المشكلة وأدت لتعطيل الوارد والصادر مما سيؤدي لكارثة اقتصادية.
خطط وسياسات
وقال الخبير الاقتصادي د. حسين القوني، إن الصادرات واحدة من وسائل بناء النقد الأجنبي للدولة ومعظم الدول تزيد من مواعين الإيرادات وتسهيل عمليات الصادر ووضع الخطط والسياسات المناسبة لأنها واحدة من أهم الوسائل الرئيسة لتمويل الواردات لتوفير النقد الأجنبي وتوفير احتياجات الدولة ففي البلاد الفترة الأخيرة اتضح أن هناك تمييزا لبعض المصدرين على غيرهم في البلاد ويجدون فرصاً على غيرهم ويوفر لهم نقد أجنبي واستيراد سلع، ولفت إلى نقص النقد الأجنبي في البلاد والذي أدى بدوره إلى عدد من الممارسات السالبة، ومع مرور الأيام ستكون هناك مشكلة حقيقية، وهناك أناس محددون تأثروا بنقص النقد الأجنبي والاستيراد، ومن هنا بدأت الدولة التفكير في كيفية سياسات جديدة لزيادة حصائل الصادر تمنح من خلاله الحق للمستورد بالتصدير، وبهذه الطريقة فتحت باباً لدخول عدد من المصدرين دون ضوابط ورقابة مناسبة بل دون التأكد من قدرتهم على التصدير والإمكانيات، وهذه الأشياء أساءت لسمعة البلاد خارجياً وأثرت على أسعار سلع الصادر السوداني وبالتالي قلت حصيلة النقد الأجنبي أقل مما يجب أن تكون بسبب المنافسة بين المصدرين السودانيين والذي بدوره أدى إلى خفض السعر في الخارج.
قصور إداري
وواصل القوني حديثه لـ(الصيحة) قائلاً: إن حصيلة الصادر تدنت نتيجة لنقص وقصور إداري ببنك السودان إدارة النقد الأجنبي مما فتح الباب واسعاً أمام المتهربين من سداد حصائل الصادر ولم يتخذ بنك السودان السياسات المناسبة في وقتها وتكاثرت مع مرور الأيام الأموال والمشاكل من نقص النقد الأجنبي إلى أن وصلنا للوضع الحالي، مشيرا إلى الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد والذي فاقم من المشاكل لمقابلة الاحتياجات بالرغم من تحديد الجهات التي لم تلتزم بتسليم حصائل الصادر، إلا أننا لم نشهد ما يؤكد استرداد تلك الأموال واتخاذ أي إجراءات ضد هذه الجهات وبالتالى أثرت على ميزان المدفوعات وتحجيم النشاط الاقتصادي وأدت إلى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية محلياً والتصخم الذي وصل إلى أكثر من (200%) مما أثر على حياة المواطن ومدخلات الإنتاج الزراعي وارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي بنسبة (100%).
كل ذلك انعكس على النشاط الاقتصادي وقلل الناتج القومي وزاد من مصاعب الاقتصاد، وقال: لم ألحظ أي قرارات اقتصادية أو سياسية أو مالية لحل المشاكل الاقتصادية التي أصبحت مشاكل هيكلية وانصرفوا بتقسيم الكيكة السياسية ونسوا المواطن وأصبحت المشاكل متراكمة متصاعدة ومتفاقمة مطالباً بمعالجة مشاكل الاقتصاد الهيكلية، وشدد على أهمية الاعتماد على الذات والاستفادة من الإعلام في تغيير العقلية السودانية والالتفات إلى العمل الخاص بدلًا من الوظائف الهامشية.