× عدة حالات قفزت لواقعنا المعاش بالسودان وبدأت تهدد أحقية السكن الآمن للمواطن, والسكن حق وضرورة ملحة والسكن استقرار وركيزة تنمية للعائلة والأسرة والأفراد, وهو تربية متوازنة وبناء للشخصية الصالحة الفاعلة في المجتمع..
× ويكفي أن نقول إن سكن المواطن الآمن المستقر يعتبر في مقدمة واجبات الدولة والحكومات ويقاس به استقرار الدولة ونهضتها ومدى فاعلية الحكومة ونجاحها وسعة أفقها وسلامة تخطيطها للحاضر والمستقبل..
× وعلى النقيض من ذلك فإن إهمال الدولة وإغفالها لكل تلك المقومات في حقوق السكن للمواطن تدق ناقوس الخطر وتعنى أن الدولة لا تملك مقومات استقرارها ونهضتها وأن حكوماتها لا تعي أهم واجباتها وقس على ذلك مدى التردي الذي يمكن أن يعصف بها..
× واستناداً على ما ورد ذكره فإننا اليوم نعيش في حالة من التوهان والتخبط, منها الموروث من نظم سابقة ومنها المستجد بفعل الظروف الاقتصادية والسياسية والعالمية الراهنة والتي لا يخفى على احد مدى آثارها السالبة بل والمدمرة إن لم نتدارك مستصغر شررها..
× سنتعرض عبر هذه العجالة لنماذج لحالات ومستجدات متشابهة ومتباينة أحياناً لها دلالات ومؤشرات خطيرة تهدد قضايا سكن المواطن وحقه في أن يستقر ليسكن آمناً ومرتاحاً ليؤدي دوره كاملاً تجاه أسرته ووطنه..
× ونتناول النموذج في الحالة الاولى والتي طالت الكثيرين في مثلها وهي عن المواطن حسن.. وحسن مواطن أكمل تعليمه الجامعي والتحق بوظيفة مناسبة له في الحكومة وكون أسرة قوامها ستة أفراد جميعهم في مراحل تعليمية مختلفة وزوجته تعمل لمساعدته في أعمال خاصة لزيادة دخل الأسرة.. ومجابهة تكاليف المعيشة التي تزداد قساوتها يوماً بعد يوم بمعدلات مذهلة, تعيشه البلاد في أزمات اقتصادية وارتفاع جنوني في الغلاء. واستطاع حسن بعد جهد جهيد الحصول على منزل في الإسكان بالأقساط أكملها وأصبح له ولأسرته مأوى مناسباً في وسط اجتماعي مريح..
× ولكن فجأة تدور الدوائر على أسرة حسن عندما اصبحت متطلبات الحياة أكثر قساوة فاقت بكثير قدراته المالية في المرتب والدخل.. وإزاء كل هذه الأوضاع المتردية كان كلما ضاق الحال بحسن قفز الى رأسه خيار منزله الذي تبلغ مساحته 400 م.م وفكر في بيع نصف تلك المساحة واستثمار العائد في وسيلة تدر عليه مبلغاً يومياً لسد فجوة العجز الماحقة الخطيرة وقد فعل ذلك بعد التشاور مع زوجته لزمن طويل وبعد أن أغلقت أمام وجهه كل الخيارات الاخرى..
× اشترى حسن ركشة بالعائد من بيعه لنصف مسكنه واكتفى بالسكن في منزل مساحته فقط 200م.م وأوكل شأن العمل بالركشة لسائق غريب اقتسم معه العائد وتمتع حسن بانفراج نسبي للأزمة لزمن قصير..
× ولكن وكما يقولون تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. لم ينجح خيار الركشة في تلبية المطلوب كما كانت تحلم الأسرة.. فاضطر حسن لخيار آخر وهو بيع النص الآخر وشراء منزل آخر أقل سعراً في أحياء طرفية والدخول في استثمار جديد..
ماذا حدث بعد ذلك؟ ذلك ما سنتناوله في العدد القادم إن شاء الله..