الخرطوم: الصيحة
مدخل مهم:
الدكتور أنس العاقب أسم كبير وعريض في الحياة السودانية.. وربما يعرفه الكثيرون على أساس أنه أستاذ للموسيقى وملحن ولكن الرجل بتقديري الخاص واحد من أعظم المثقفين السودانيين.. وله إهتمامات عديدة وكثيفة توزعت ما بين الموسيقي والغناء وكتابة الشعر والبحث والتقصي في العديد من المواضيع الحياتية.. السطور التالية مجرد محاولة للتوثيق للدكتور المبدع أنس العاقب.
ميلاده ونشأته:
د. أنس العاقب حامد ولد في مدينة بربر في منتصف الأربعينيات, والده شيخ العاقب خريج الأزهر والداعية الإسلامي الذي استقر في مدينة كسلا من أجل الدعوة, تزوج والده السيدة رابحة رضوان (زوجته الثانية) ابنة المادح رضوان. تربى الدكتور في كسلا في أسرة صغيرة مكونة من أختين وأخوين ووالديهما, ولكن هذا البيت كان مليئاً بالناس من الأهل والأقارب وكذلك من الجنسيات التي تدخل الإسلام على يد أبيه, ولايزال له أخ بالتبني يدعى (محمد صالح) اسلم على يد أبيه.
طفل ذكي:
كان طفلاً ذكياً حافظ للقرآن وكما تعلمون أن له صوتًا جميلًا كان محط إعجاب أساتذته عند تلاوة القرآن, والشيء الذي لم يمر بخيال الشيخ الجليل العاقب حامد بأن ابنه سوف يغدو فناناً وملحناً، إذ ترعرع في أسرة دينية متصوفة (وهذا يظهر جلياً في الدكتوراه التى أعدها).
درس المراحل الأولية في كسلا, ثم الثانوية في بورتسودان والتحق بمعهد الموسيقى والمسرح, ثم سافر إلى ألمانيا لكي يكمل دراساته العليا.
حب في الأسرة:
عاش الدكتور أنس مع أسرته في حب لا يمكن أن يوصف وذلك حسب ما حكى, فرغم أن والده داعية لكنه رجل عطوف ليس بالقاسي في تربيته, وكانت والدته امرأة عظيمة صبورة جداً في حياتها, تلك الحياة التي وصفت بأنها حياة بسيطة, فعندما يسافر إلى بورسودان للمدرسة لا تتركه حتى القطار, يقول بأنه كان لا يحب بأن تكون معه والدته لأن كل أصدقائه يأتون لوحدهم, ولكنه قلب الأم وهو كبيرها لا تنصاع لأوامره.
رجل حبوب لطيف:
هذه الحياة خلقت منه رجلاً لطيفاً في تعامله مع إخوته, كلهم يحبونه ورغم أنه الكبير إلا أنه لم يفرض عليهم سلطة أو يهين احداً منهم, رجل مواصل رحمه, وإذا حدث ما يفجع برغم مرضه يصر على السفر لكي لا يفقدوه بعد أن توفي أخاه الصغير الذي كان يسد مكانته. ما تعلمناه منه كمربٍّ كثير, فإذا تحدثنا عنه كأب فهو ذلك الرجل الواضح مع أبنائه, يحادثهم ويلاطفهم ويحثهم على الأدب والتجمل بالأخلاق الحميدة. لا يعترف بالسلطة القهرية ضد المرأة, ولكن المرأة في نظره هي الحنان والمودة, وهذا ما اكتسبه من تربيته واحترامه الشديد لأمه وأخواته ولكل امرأة في أسرته.
أهم صفاته الشخصية:
احترام المواعيد من أهم صفاته, فعندما يخرج من البيت ولم يكن بهذا البيت غير طفل صغير يخبره بمكان ذهابه وأنه سوف يعود في الزمن المحدد وإذا تأخر بأن لا يقلقوا عليهو يخبر هذا الصغير بأن يخبر الجميع بذلك (وذلك للمبالغة في اهتمامه بالآخر). تعلمنا منه الكثير رجل يحب القراءة بصورة لا توصف, فيومه مقسم بالساعات, بعد أن يأتي إلى البيت من العمل يتغدى في جو أسري جميل وهو يحب هذه العادة, وبعد ذلك يأخذ راحة قليلة وبعدها يبدأ بالنشاط الآخر من الغذاء الروحي, تبدأ بالاسنماع الى الأخبار وقراءة الجرايد بكل أنواعها, ثم الاستماع إلى الألحان, وعندما يحين المساء ويخلد الناس الى النوم تأتي العبقرية في التلحين, والإلهام في الكتابة.