التفاوض مع عبد الواحد.. خطوة للتحول الديمقراطي
تقرير: أمنية مكاوي
لا زالت خطوات السلام تمضي، ولكن بصورة بطيئة تجاه التحول والتغيير الديمقراطي على الرغم من الخطوات الكبيرة التي قطعتها الانتقالية وشركاء السلام من خلال منبر جوبا وغيره من المنابر الأخرى في أديس وأوغندا وتشاد. ففي الوقت الذي طوت فيه بعض الحركات سنوات الحرب وأعلنت دخولها مسيرة التحول الديمقراطي التي تخطو نحوها البلاد بخطى حثيثة، إلا أن البعض الآخر من الحركات لا يزال يقف عند نقاطه المختلف حولها مع حكومة الفترة الانتقالية والتي يعتبر السلام من أولوياتها الأولى.
خطوات أكيدة قامت بها الحكومة الانتقالية من خلال اتصالات مع القائدين الحلو وعبد الواحد تكللت مؤخراً بالاتفاق على استئناف التفاوض عقب الاتفاق على نقاط جوهرية مع الحلو وهو الوصول إلى التحول الديمقراطي الكامل والمنشود بطريقة ديمقراطية وفرص متساوية، لمخاطبة جذور الأزمة التي حالت في سنوات مضت دون قيادة المسيرة والوصول إلى تلكم الأهداف المبتغاة.
التمهيد للسلام
وبالأمس كشف مقرر الوساطة الجنوبية لاتفاق السلام ضيو مطوك، عن ترتيبات جديدة تمهيداً لبدء المفاوضات بين حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحكومة الانتقالية، وقال مطوك في تصريح لـ(الصيحة)، إن القائد عبد الواحد محمد نور طلب من دولة الجنوب إقامة ورشة عمل لقياداته لتقرر في مصير الانضمام للسلام، وأضاف (نفتكر أنها خطوة في الاتجاه الصحيح). وأعلن مطوك أن دولة الجنوب تعهدت بتنفيذ مطلب عبد الواحد بدعوة واستضافة كل قيادات حركة جيش تحرير السودان في جوبا لإقامة الورشة المعنية تمهيداً لدخولهم في اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية في السودان. علماً بأن دولة جنوب السودان هي من استضافت المفاوضات السابقة بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية السودانية لأكثر من عام في العام المنصرم، كما أقر مطوك بأن اتفاق سلام جوبا لم يُعالج كل القضايا السودانية المصيرية لكن وضع أسساً متينة يمكن من خلالها أن ينُاقش السودانيون كل القضايا الخلافية من بينها (العلمانية، والاقتصاد والعلاقات الخارجية)، كما رأى بعض المراقبين هنالك بطئاً شديداً لازم تنفيذ اتفاق السلام وأنه لم ينفذ على أرض الواقع وأن التأخر في ملفاته ليس من الصالح ولا يقود الى استقرار خاصة وأن البلاد في فترة عدم الأمن والاستقرار.
أجواء التفاوض:
هذه الخطوة أتت من اتفاق سلام جوبا وقد فتحت أبواباً واسعة نحو تحقيق السلام وإمكانية التوصل الى فصيل الحركة الشعبية بقيادة عبد الواحد لأن التوجه إلى تحقيق السلام هو قدر وأصبح السلام مطلباً لتحقيق الانتقال السلمي لذلك الحرية والتغيير حريصة على تحقيق السلام الشامل لا يستثنى أي فصيل مسلح، وفي نفس الوقت يغلق الباب أمام أي فرصة لتجدد الحرب مرة أخرى، واعتبر القيادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله في حديثه لـ( الصيحة) أن التهديدات التي صاحبت الحرب طيلة الفترة الماضية أن الاستعداد للتفاوض في ذات نفسه هو خطوة الى الأمام، مضيفاً أنهم كحكومة واضعون في الاعتبار كل التأثيرات القديمة أن التفاوض يفضي لنتيجة ولكن أول جولة غير الممكن أن تحقق دفعة واحدة السلام، لكن بالتأكيد أن هذه الخطوة هي خطوة إلى الأمام أما تحديد التوصل إلى اتفاق سلام شامل يحددها أجواء التفاوض إما أن وقع إما أن حدد وقت لاحق لتوقيع .
تلكؤ الحركات:
وقال المحلل السياسي دكتور معتصم أحمد الحاج لـ(الصيحة)، إن الأوان إلى التفاوض مع قائد الحركة الشعبية عبد الواحد محمد نور قد آن للوصول إلى تفاهمات كبيرة تؤدي إلى الوصول إلى سلام شامل بين الدولة والقوة التى لها وجود في الأرض مع (عبد العزيز الحلو وعبد الواحد)، وقال الحاج إن الظرف الآن بات ملائماً أكثر من الأوقات الماضية إلى الوصول لسلام شامل، وأن خطوة التفاوض مع عبد الواحد هي من الأهمية بمكان لإنهاء الحروب بالإضافة إلى اشتعال بعض المناطق والتوترات مع إثيوبيا وأيضاً ما يحدث من توترات في شرق أفريقيا. ويرى معتصم أنه لابد من إعادة تشكيل هذه القوى للعبور بالبلاد وإعادة الاستقرار . كما استبعد الأستاذ معتصم الحاج في حديثه ألا توجد هنالك أي تحديات أو عقبات من شأنها عرقلة هذا التفاوض معتقداً أن الخطأ الأكبر هو تأخير عملية السلام عقب عملية التغيير الديمقراطي التي اجتاحت البلاد عقب الثورة، ثانياً، التلكؤ الذي حدث من الحركات المسلحة جميعها بعد انتصار الثورة، حيث أنها لم تأتي إلى الانخراط مع الجميع لمناقشة قضية السودان بل إنها تعاملت مع الثورة كدولة وليس حكومة للثوار، وهذا الخطأ نتج عنه الكثير من العقبات والمشكلات، ويرى أنها من السهل جداً أن تقود هذه الخطوة إلى توقيع اتفاق سلام مع الحركتين.
أكثر واقعية
ويرى محللون أن خطوة الدخول في تفاوض مع أحد أكبر طرفي الحركات المعارضة والتي يتزعمها عبدالواحد، يعتبر أحد أكبر الصفقات التي قد تؤدي وتقود لاستقرار البلاد في المرحلة المقبلة.
ويرى د. عبد السلام إسماعيل الخبير في شؤون الحركات لـ(الصيحة)، أن واحدة من العقبات التي لم تعجل بدخول حركة عبد الواحد لمحاور السلام المختلفة التي عقدت مع الجانب الحكومة هي عقبة الثقة لجهة أن أطراف العملية السلمية المشتركة بين حكومة التغيير والحركات المسلحة استطاعا أن يضعا منهاجاً وجد القبول عند جماعة الحلو والآن يخطو عبدالواحد بذات الاتجاه وهو ما كان مفقوداً في الأمس القريب. وربما والحديث لعبد السلام يكون الحلو قد لامس حقيقة ورغبة عارمة لدى الطرف الآخر وهي الخطوة التي من شأنها أن تعجل بالدخول المباشر في عملية التفاوض وإنجاحه دون المرور بمختبرات تأكيدات الثقة وتوفرها في الطرفين. خاصة وأن عبدالواحد قد أعلن من قبل وبصورة منفصلة أنه مستعد للتحاور والتفاوض داخل الخرطوم وهذا ما لم تبده الحركات الأخرى وذلك لأنه يرى أن الخلافات والنقاط الجوهرية الآن باتت مفروشة على طرقات الأحياء في السودان، وأن خير شاهد عليها هو المواطن السوداني نفسه والذي يأمل أن تنطوي صفحة الحرب اليوم قبل الغد، مؤكداً أن التفاوض مع عبد الواحد حتماً له ما يميزه لجهة المواقف الفردية التي ظل الرجل يبديها باستمرار ولأنه يرى الأمور بمنظار يختلف عن الآخرين. مؤكداً أن تلك المواقف مجتمعة من شـأنها التعجيل بالوصول إلى سلام حقيقي وأكثر واقعية مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور من خلال منبر جوبا القادم.