:: ومن الأخبار الجيِّدة، أن تبدي شركة البانوفا، رغبتها في الاستثمار ببلادنا، وذلك في مجال توريد المواد النفطية وزيادة السعات التخزينية وتوسعة مرابط السفن بميناء بورتسودان.. هذه شركة سعودية إماراتية، ومن الطبيعي أن تُبدي هذه الرغبة، وذلك في إطار الاستثمار المشروع.. وقد تم الترحيب بها رسمياً، بحيث رحّب لها وزير النفط جادين علي عبيد، ثم وجّه السلطات الفنية بتقديم العون اللازم حتى تتكلّل المساعي بالنجاح المنشود..!!
:: مرحباً بشركة البانوفا السعودية الإماراتية، ولقد أحسنت الحكومة بهذا الترحيب، وبالتشجيع على تنفيذ استثمارها لحد توجيه السلطات الفنية بالشروع في التنفيذ.. ولكن يبقى السؤال المُر، ماذا لو كانت هذه الشركة وطنية؟.. بمعنى، ماذا لو أبدت إحدى شركات القطاع الخاص في بلادنا رغبتها الجادة في توريد المواد البترولية، وزيادة السعة التخزينية وتوسعة المرابط بالموانئ..؟؟
:: فالإجابة، حسب التجارب السابقة، لما رحبت بها الحكومة لحد تفرغ وزراء القطاع الاقتصادي لمقابلة رئيس مجلس إدارتها، ولما شجعها الوزير جادين لحد توجيه السلطات الفنية بالشروع في التنفيذ (فوراً)، أو كما فعل لتلك الشركة الأجنبية (البانوفا)، ثم الأدهى والأمر لما انتشت وسائل الإعلام برغبة الشركة الوطنية لحد الاحتفاء بها، بحيث تكون على صدارة قوائم الأخبار..!!
:: لا كرامة للشركات الوطنية في بلادها، وشركة الفاخر نموذجاً.. وما استشهدت بالفاخر إلا لأنها أرادت العمل في ذات المجال الذي تطرقه شركة البانوفا.. لقد طاردوها وطردوها وأشانوا لسمعتها في وسائل الإعلام، حتى هربت بجلدها.. وقد يرفع أحدهم أذنيه – بكل غباء – ليبرر ما حدث لشركة الفاخر بأنها لم تستورد الوقود بالعطاء والمنافسة الشريفة، وكأن شركة البانوفا هذه فازت في عطاء معلن، لتجد كل هذا الترحيب والتشجيع..!!
:: لو كانت الفاخر أجنبية، لتم الترحيب بها وتشجيعها، لتستورد (كما تشاء)، بلا عطاء أو منافسة، كما ستفعل شركة البانوفا في قادمات الأيام.. وهذا التمييز السلبي ليس فقط في مجال استيراد المواد النفطية، بل في كل المجالات، بحيث تجد الشركة الأجنبية الحفاوة وحُسن الاستقبال وكرم الضيافة، بيد أن الشركات الوطنية مصيرها الرفض أو الإساءة إليها بالإعلام أو مصادرة مشاريعها بلجنة إزالة التمكين، أو كما حدث لمشاريع معاوية البرير وآخرين..!!
:: على كل حال، فمع جذب وتشجيع المستثمرين الأجانب، فمن حُسن مظهر الاقتصاد الوطني تشجيع أبناء الوطن (معنوياً ومادياً)، بحيث يُؤسِّسوا المصانع، ويزرعوا الأرض، وينافسوا الاستثمار الأجنبي – بالجودة وتطوير الأفكار – في الإنتاج والتصدير، وذلك حتى لا يتحدث العالم عن كسل المواطن السوداني وعجز رجل الأعمال وفشل الإرادة الوطنية في النهوض بالوطن..!!
:: وليس فقط الحكومة، بل حتى السواد الأعظم من المجتمع والإعلام، فبدلاً من الاستثمار في الحقد والحسد لحد الاكتفاء، عليهم أن يحموا القطاع الخاص (الوطني) بالتشجيع والتحفيز، ليستثمر مُطمئناً، وليس مُتوجِّساً – من الخسائر والمصادرة – كما الحال الآن.. فالاستثمار الوطني هو الاستثمار الاستراتيجي الذي لا يتأثر بالمؤثرات الخارجية وتقلبات طقس العلاقات السياسية، ولعلكم تعقلون..!!