عبد الله مسار يكتب.. مياه الخرطوم
اطلعنا عبر الصحف السّيّارة والوسائط الإعلامية أنّ هيئة مياه الخرطوم قرّرت توزيع مياه الشرب بالتناكُر في بعض أحياء الخرطوم، وقيل إنّ الهيئة قررت منح كل منزل برميل مياه يومياً، وأكد السيد مدير هيئة مياه الخرطوم من خلال هذه الوسائط أنّ السبب في شُح المياه في عدد من الأحياء السكنية هي أنّ محطات المياه مُتهالكة، وإن الهيئة بصدد وضع خطة لإدارة الصيانة وإنشاء محطات بالعاصمة الخرطوم.
الحقيقة، الأمر يَستدعي الوقوف على أمر المياه في الخرطوم، وكذلك يدعو إلى التعجُّب عاصمة السودان تشرب مياهاً عبر الكارو أو التناكر، وليس هذا الأمر في أطراف الخرطوم، ولكن في وسط الخرطوم في أحياء كالبراري، وهي أحياء (جدعة فأس) من مكتب السيد رئيس وزراء السودان، وكذلك على بُعد رمشة عين من مكتب والي الخرطوم!.
بأمانة، الأمر يدعو إلى الاستغراب، هل معقول أمر الخدمات في السودان وصل هذه المرحلة من السُّوء حتى تشرب عاصمة البلاد بالتناكر وبأمر لجنة ولائية برئاسة والي الولاية؟ والأغرب أنّ الثورة في عامها الثالث، وتُعاني عاصمة البلاد من العطش وتُسقى بطريقة بدائية جداً، وقفت المياه من جوف المواسير وصارت منقولة عبر الكارو والتناكر وصارت سلعة تموينية في دولة وعاصمة بها بحران ونيل عام وبينه وبين الأحياء المطلوب سقياها بالتناكر أمتار.
هل فقدت الحكومة القدرة على توفير المياه عبر المواسير لنصل مرحلة مياه الخُرج والكارو والتناكر، إذا كانت هذه العاصمة حيث د. حمدوك ينوم ويقوم، وكيف حال الريف البعيد الذي لا يُرى بالعين الحكومية المُجرّدة ولا هو في قلبها، إذا عجزت الحكومة عن توفير المياه لأهل عاصمة البلاد كيف تستطيع توفير المياه للأصقاع البعيدة والريف المُتناهي البعيد؟ وأخشى أن تقول حكومة ولاية الخرطوم الكيزان هُم المسؤولون عن ذلك.
أعتقد أننا وصلنا مرحلة مُتأخِّرة جداً من مرض الحكم طالما وصلنا لتوفير المياه بالتناكر وبرميل مياه للأسرة!.
عرفنا أزمات الوقود وقلنا إن هذه لأنها مستوردة من الخارج وتحتاج لعملة صعبة، وحكومتنا لا تستطيع توفير هذه العملة لأنها غير مُحاصرة من الخارج ولا هي مُتّهمة بالإرهاب، وهي منفتحة على العالم، والحكومة السابقة مُحاصرة ومتهمة بالإرهاب ولَم تسقِ مواطنيها مياه الشرب بالتناكر، بل والمياه على مرمى حجر من مكتب الوالي، بل الخرطوم بلد فيه بحران ونيل.
أيُّها الحكام، الحكم ليس نزهة ولا أمانٍ، ولكن هو إدارة شأن المُواطن، حياته وخدماته وأكله وشربه وعلاجه وسفره وترحاله، بل الدولة مطلوبٌ منها ليس توفير العيش الضروري، ولكن مطلوبٌ أن توفر الرخاء والرفاه والعيش الناعم.
أخي الوالي المياه هي أكثر الأمور ضرورية ولا تحتمل أيِّ كلام التقصير فيها يعني الموت عليه الأمر مُحتاج لاهتمام أكثر من توفير “التناكر والكوارو”.
على العموم، أخي الوالي رجعنا العصر الحجري والعالم في عصر التقانة والتكنولوجيا، والله يضحك علينا العالم الثالث.
حكام ثورة جاءوا على دماء الشهداء صار أولياء الشهداء يحتاجون لمياه الشرب في عاصمة البلاد إنها قصة..!
تحياتي