كتب: سراج الدين مصطفى
ثمة ما يجعل التأمل في غنائية الراحل محمد وردي نوعاً من التحليق والتهويم في عوالم بديعة وجميلة ،والرجل غير عادي عادي يجبرنا علي التوقف في كثير من ثنايا وتفاصيل تجربته،ومن يتمعن فيها ويرهف السمع فيها بعمق يجد فيها الكثير المثير..وهناك العديد من الأشياء تستوجب والوقفة والتمعن ،ومن أكثر ما لاحظت خلال التأمل أن محمد وردي أصبح أكثر ميولاً لأيقاع السيرة دون الأيقاعات الأخري وهذا إتضح في العديد من الأغنيات
سلام السودان:
حينما عاد الموسيقار محمد وردي من أمريكا ،كان الجميع في حالة ترقب وإنتظار للحفل الذي سيقيمه في أرض المعارض ببري،ولعل تلك الحشود المهيبة التي حضرت الحفل كانت تأكيد علي شعبيته التي لا تحتاج لجدال،وذلك الشغف الكبير كان نوع من الرغبة لسماع الأغنيات الجديدة التي لحنها في غيابه عن الوطن،ويومها غني وردي العديد من أغنياته المسموعة بالأضافة الي الأغنية الوطنية “سلام السودان” والتي وجدت تجاوباً كبيراً نسبة لثراؤها اللحني وتعدد إيقاعاته التي طاف فيها علي نماذج كثيرة من الأيقاعات ولكن كان إيقاع “السيرة” هو الأبرز مابين ثنايا الأغنية،ورغم أنها وجدت تجاوباً ولكنها لم تجد حظها من الأنتشار.
نختلف أو نتفق:
من ضمن الأغنيات الجديدة أيضاً أغنية “نختلف أو نتفق” للشاعر سعد الدين أبراهيم،وهي من الأغاني التي يمكن أن نطلق عليها بأنها من الأغاني ” الروائية” ذات النفس الطويل ،ولعلها أيضاً لم تخرج عن مذهبة في التلحين الذي يعتمد علي المقدمة الموسيقية الطويلة ،وهي في تلحينها وشكل تأليفها تشبه الي حد ما أغنية ” السنبلاية” و ” الطير المهاجر” حيث نجد التنوع يسكن مفاصل الأغنية،وبنفس طريقة التفكير الموسيقي أدخل محمد وردي في ثناياها أيقاع ” السيرة” وكان ذروة سنام الأغنية وفكرتها اللحنية الأساسية.
فراشة تدور:
الشاعر الكبير محمد المكي ابراهيم كتب العديد من الأغنيات الكبار لمحمد وردي والذي دائماً ما يفتخر بكل أغنيات ود المكي، وأغنية فراشة تدورهي أول قصائده التي لم يكتبها باللغة العربية الفصحي وهي أغنية ذات لغة ” دارجة” عبرت تماماً عن مقدرته في الكتابة وبكل الأنماط والأشكال رغم تخوفه من الكتابة باللغة الدارجية،وأغنية فراشة تدور كانت فكرتها الأساسية ايضاً هي الأعتماد علي إيقاع ” السيرة” وهذه الأغنية تختلف عن سابقتها أنها لا تحتوي علي أي شكل أيقاعي أخر بعكس تلك الأغنيات التي ذكرناها والتي تحتشد بمختلف الأيقاعات.
نجفة:
نجفة هي أحدث أغنيات محمد وردي وهي من كلمات الشاعر الكبير أسحق الحلنقي،وهذه الأغنية هي ثمار للعودة الفنية ما بين وردي والحلنقي بعد توقف وقطيعة أمتدت للعديد من السنين،وهذه الأغنية واحدة من أدهاشات الحلنقي وقدرته علي صياغة المفردة البسيطة والمحتشدة بالكثير من الجمال،وهذه الأغنية تغني بها وردي لأول وأخر مرة في برنامج ” سوداني ” الذي يبث علي قناة الشروق،وهي لم تختلف كثيراً في شكل تأليفها الموسيقي عن أغنية ” فراشة تدور” حيث ظل إيقاع ” السيرة ” هو القاسم المشترك بينهما.
المرسال ووسط الدايرة:
من الأغاني التي أعتمدت علي ايقاع السيرة أغنيات مثل ” المرسال” و” وسط الدايرة” ولعل هذه الأغاني كان شكل كتابتها يحتم علي الملحن أن تكون ” السيرة ” هي الأساس وهذا يتضح أكثر في أغنية ” سواة العاصفة” للشاعر أبو قطاطي.