البروفسير الفاتح حسين، فنان صاحب تجربة موسيقية جديرة بالاحتفاء والتقدير، ظل يكابد ليفتح للموسيقى السودانية فضاءات جديدة وجغرافيا أخرى، ويظل هو الوحيد الذي يشعرنا بأننا شعب له موسيقى تستحق أن تنتشر ويسمعها العالم،(الحوش) جلست مع البروف الفاتح حسين عميد كلية الموسيقى بعيداً عن هموم ومشاغل الموسيقى، حاولنا أن ندخل لتفاصيل حياتية أخرى لم يرها الناس تتعلق بهذا الشهر الكريم، ثمة قصص وحكايا نجدها في الأحرف التالية من حوارنا الرمضاني معه.
حوار: سراج الدين مصطفى
ـ أولاً دعنا نقرأ في بطاقتكم الشخصية؟
الفاتح حسين أحمد، مواليد مدني حي دردق . المراحل التعليمية بمدني، مدرسة الشرقية الابتدائية، فريني الثانوية العامة، مدني الثانوية العليا. المعهد العالي للموسيقى والمسرح، اكاديمية روسيا الموسيقية والآن أتولى منصب عميد كلية الموسيقى والدراما.
ـ أول سنة بدأت فيها الصيام.. متى كانت؟
كان ذلك في العام 1970 ووقتها كنت صغيراً جداً ولكن رغم ذلك أديت فريضة الصيام والصوم منذ الصغر جعل الفريضة سهلة وعادية
ـ ماذا يمثل لكم شهر رمضان؟
شهر للرحمة والتوبة والغفران والتواصل والمحبة ونسيان الخلافات وأعتقد بأنه سانحة جيدة لأن نضع كل خلافاتنا جانباً ونتفرغ للعبادة والقيام ..لأن رمضان فرصة لغسل ما علق بالنفوس.
ـ كيف تستقبل شهر رمضان؟
أستقبله بالعبادة والتواصل الأسري وفي صعيد العمل أعتبره هدنة للتفكير والإعداد للمرحلة المقبلة لا سيما أنني أتولى منصباً يتطلب مجهودا بدنياً وذهنيا كبيراً.
ـ موقف محرج حدث لك في الشهر الكريم؟
حدثت مواقف كثيرة ولكن يبدو أنني في هذه اللحظة بالذات لا أذكرها.. لأنني أكتب في نهار رمضان وممكن تقول الآن الدوائر مشغولة بالجوع والعطش لذلك يصعب تذكرها.
ـ موقف محزن حدث معك في الشهر الكريم؟
في منتصف الثمانينات ووقتها لم أتزوج وأعمل مساعد تدريس بمعهد الموسيقى تعودت أن أقضي كل شهر رمضان مع والدتي فتحية مرحوم وباقي الأسرة بود مدني .. وفي أول يوم من رمضان وأنا اجهز نفسى للسفر إلى مدني للحاق بوجبة الفطور هنالك، إذا ببعض طلاب المعهد يحضرون فجأة الي حيث أسكن ببيت الديم المشهور ببيت الموسيقى إذ كل ساكنيه من خريجي وطلاب المعهد وأحسست بأن هنالك حركة غريبة داخل المنزل ولكن لم أعطها الاهتمام، وبعد فترة من الزمن دخل هولاء الطلاب إلى غرفتي وسألني أحدهم:- ( يا أستاذ الفاتح.. كيف كان حال والدتك في آخر زيارة قمت بها الى مدني؟؟) وهنا كان ردي كانت بصحة وعافية وبسرعة سألتهم . هل توفيت؟؟ وقبل الاجابة على سؤالي إذا بالفاتحة وبدأت مراسم العزاء.
ـ كيف كانت تلك اللحظة المحزنة؟
كانت هي لحظة حزينة عشتها حتى انني لم استطع قيادة عربتي التي تعودت السفر بها واتجهنا أنا والفنان علي السقيد وعازف الاورج سعد الدين الطيب إلى السوق الشعبى وسافرنا إلى مدني والدموع تنهمر مني ولا استطيع التملك فيها خاصة انني فقدت أعز انسان هو الذي رباني وعلمني وضحى بحياته من أجلي وكنت أقول لنفسى، لماذا رحلت فى هذا الوقت المبكر، لماذا رحلت من غير أن تري ابنك الكبير وهو مخضب بالحناء وفي ليلة زفافه وخاصة أن زواجي كان على مقربة، وأصبحت الدقيقة تمر كالسنة إلى أن وصلنا مدني..
ـ وماذا حدث بعد ذلك؟
عندما أخذنا التاكسي من موقف مدني الى حي دردق أنا وسعد الطيب وعلي السقيد لاحظت وبمجرد دخول التاكسي الى حي دردق كان بعض الأصدقاء من الحي يؤشرون لي بأيديهم ويقولون لي حمدا لله على السلامة كأنما لم يكن هناك شبء حصل وهذه ليست من عادات سكان دردق وحتى اليوم، والتاكسي متحرك داخل الحي وأنا في رحلة غياب ذهني تام ممزوج بالحزن والاستغراب والتفكير.. هل كل هؤلاء الأصدفاء ومعارفي بالحي لا يعرفون أن الوالدة توفيت.. نحن سكان دردق الأصليون كل حي دردق يعرف الوالدة ويعرف أسرة مرحوم بابكر.
ـ وكيف كان حالك وقتها؟؟
أثناء سير التاكسي إلى منزلنا وأنا أنظر شرقا وغرباً في الشوارع، تارة أرى أن هنالك صيوانا منصوباً أمام منزل جدي . وأنظر شرقاً أرى أن هنالك صيوانا منصوباً بمنزل الحبوبة، وعندما اتجه التاكسى يميناً بمحازاة جامع حسن عبد العزيز كنت أرى منزلنا من بعيد والصيوان والحزن على الوجوه إلى أن وصل التاكسي أمام المنزل … لا شيء هناك يدل على أي وفاة وكنت ما بين مصدق ومكذب لما أشاهده… وفي نهاية القصة والحمد لله الوالدة على قيد الحياة حتى الآن وربنا يطول عمرها، ولكن المفاجأة المحزنة كانت أثناء نزولي من التاكسي وبمعيتي علي السقيد وسعد الطيب إذ بي أشاهد خالتي سعدية مرحوم والدة الموسيقار السوداني الكندي المرحوم طارق ابوبكر عازف الساكسفون ومعها خالاتي وبعض أفراد اسرتي من النساء شاهدنني وأنا أنزل من التاكسي وهن في طريقهم من منزل جدي الى بيت والدتي ويصرخون من بعيد بالبكاء (يا الفاتح… أمك ما ماتت)
ـ وماذا حدث بالضبط؟؟
وبعدها التفوا حولي وطوقوني ووضعوني في النصف وهن يبكين كعادة النساء في السودان.. في كل هذه الدراما كانت والدتي وأختي الكبرى الهام نائمتين بداخل المنزل وبعد سماعهن الصياح والبكاء في الشارع وأمام المنزل هرعتا الى باب الشارع وفى هذه الاثناء رأت أمي خالتي واختها سعدية والتي تسكن الخرطوم .. بالتالي ظنت الوالدة أن هنالك مكروهاً حصل لابنها الفاتح بالخرطوم لأنها لم تستطع رؤيتي وأنا محاط بنساء الأسرة وأصبحت الوالدة تصرخ وتصيح وتقول (الفاتح مالو؟ الفاتح مالو؟) وأنا وسط دائرة أفراد الأسرة من النساء كنت أسمع صوتها ولا أصدق وفجأة رأيت أختي الهام منهارة وهي على الأرض وأمي تحضنني وتسألني (مالك في شنو؟) وأنا أبكي وأحضنها وأقول لها (يمة انتي قالو توفيتي) حان موعد الإفطار وفطرنا وكل الناس فى ذهول.
ـ أكلة رمضانية مفضلة تحرص على تواجدها على السفرة؟
أنا مثل كل سوداني أحرص على العصيدة لتكون هي الوجبة الأساسية.
ـ اشياء تحرص على فعلها برمضان؟
الهدوء وضبط النفس والعبادة وعمل المؤلفات الجديدة وزيارة الأسرة والأصدقاء والأقارب.
ـ هل تفضل الإفطار في منزلك أم عند الأهل? أو الأصدقاء؟
بالترتيب أولًا في المنزل ثم الأهل ثم الأصدقاء
ـ هل تقل ساعات دخولك للنت برمضان.. وما هي الأوقات المفضلة؟
أكثر فترة ادخل فيها النت خلال رمضان كله وفي كل الأوقات
ـ هل أنت جرسة؟
أنا أجرس من سيد جرسة ذاتو، لأنو بالرغم من حبي لشرب الماء والعصائر خلال اليوم والتدخين إلا انني في رمضان لا أحس بحاجتى لهذه الأشياء وخاصة عادة التدخين المضرة.