الوثيقة الدستورية.. خروقات وتعديات!!
تقرير- أمنية مكاوي
بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة، تم وضع وثيقة دستورية وقعت هذه الوثيقة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، واعتبرت دستور الفترة الانتقالية وتكونت من ستة عشر فصلاً وسبعين مادة، وجاء على حسب الوثيقة وصف السودان أنه دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية برلمانية تعددية لا مركزية، تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي بما فيها الرأي السياسي، وقد تم تعديل الوثيقة الدستورية في أقل من شهرين وهذه الوثيقة خضعت لتعديلين أحدهما بعد ستة وأربعين يوماً والآخر بعد توقيع اتفاق السلام وإلحاق الحركات المسلحة، وقد تم بموجبه إنشاء مجلس الفترة الانتقالية وصلاحياته، السؤال هل التزمت السلطة الحاكمة بهذه الوثيقة أم خرقتها، ولماذا لم تنفذ بعض بنودها؟.
خطأ مكرر:
اعتبر المحلل السياسي محمد علي فزاري، أن على قدر الخطأ الذي جاء على تعديل الوثيقة الدستورية لكنه قد تم اختراق كبير في الوثيقة الدستورية، ولا بد أن تكون وثيقة حاكمة أو دستوراً مؤقتاً إلى حين انعقاد المجلس التشريعي، ومن الواضح من وقت توقيع اتفاقية السلام، هنالك تناقض واضح بين الاتفاقية والوثيفة الدستورية، وأصبحت الاتفاقية تسمو على الوثيقة الدستورية، واعتبر أن هذا الأمر يعود بنا إلى اتفاقية نيفاشا التي وقعت في العام ٢٠٠٥ ومعها دستور السودان الانتقالي للعام ٢٠٠٥ في كثير من الأحيان كان تعلو الاتفاقية على الدستور، وهذا وضع غير قانوني وغير دقيق وربما قوى الحرية والتغيير كررت نفس الخطأ في اتفاقية سلام جوبا وجعلت الاتفاقية في كثير من الأحيان تسمو على الوثيقة الدستورية، دليل على ذلك فقد تم تشكيل مصفوفة زمنية وتم خرقها لأكثر من مرة تتعلق بالمجلس التشريعي واستكمال هياكل السلطة التنفيذية، وأن جميع هذه القضايا لم تعد موجودة والوثيقة ظلت حبراً على ورق إلى الآن، وأنها تحتاج إلى تعديل نهائي حتى تصبح وثيقة دستورية حاكمة، لأنها بشكلها الحالي مليئة بالخروقات ولا تخاطب جذور الأزمات إلا بعد انعقاد المجلس التشريعي الذي لم يتم تكوينه بعد، والخطأ الكبير أن كل القوانين والتشريعات تتم خارج إطار المجلس التشريعي وهو الجهة المنوط بها التشريعات وكذلك المصادقة على الاتفاقيات الدولية ومراقبة أداء السلطة .
غياب المؤسسات:
ولأن غياب المجلس التشريعي يعطل عمل الحكومة الانتقالية قال القيادي بالحرية والتغيير نور الدين صلاح الدين في حديثه لـ(الصيحة) إن الوثيقة الدستورية هي ليست برنامجاً ليتم تحديده من الصعب أن نتحدث عن أهداف أو ما نفذ وما لم ينفذ، الوثيقة الدستورية عبارة عن دستور مصغر يضع لدولة معالمها، وهنالك تقصير واضح من الأطراف المعنية إلى الآن، هنالك مؤسسات حكم لم يتم إنشاؤها على رأسها المجلس التشريعي وهذا تقصير كبير في حق القوى السياسية، وأيضا عدم القدرة على التوافق وهذا تتحمله قوى الحرية والتغيير وأطراف العملية السلمية، لأنهم إلى الآن غير قادرين على تكوين مجلس تشريعي يحمل البلاد ويظهر ملمحها الدستوري والتشريعي، وأيضاً هنالك انتقاد بشكل صريح وواضح لرئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك في عدم قيام المفوضيات والوقوف عليها حسب ما جاء في الوثيقة، هذه مهمة مجلس الوزراء، وأيضاً هنالك مفوضيات أخرى معني بها المكون المدني والمكون العسكري، الواجب علينا نحن كقوى سياسية العبور الآمن بالقترة الانتقالية، والعقبة الأساسية أن هنالك حالة هشاشة طبيعية يمكن أن تواجه أي عملية انتقال، وهي التباين بين مكونات الحاضنة السياسية الموجودة ونحن غير قادرين على رؤية سياسية واحدة وهذا أنتج عدم الإرادة السياسية حول عمل موحد وأصبح الهدف غير متفق عليه كما في السابق، هنالك عمل واحد كان يجب القيام به وهو اسقاط النظام، لكن الآن قد تفرعت المهام حتى ما يتم الاتفاق عليه توجد به تباينات، لذلك هنالك ضبابية إذا لم يتم تشكيل المجلس التشريعي لن يتم تنفيذ كثير من مواد الوثيقة الدستورية.
تعديلات الوثيقة
وأوضح القانوني أيمن محمد أحمد في تصريح لـ (الصيحة)، أن كثرة التعديلات التي جرت على الوثيقة الدستورية بعد التوافق عليها بين المكونين العسكري والمكون المدني، أضعفت زخمها وهيبتها كدستور مقدس للبلاد يحكم الفترة الانتقالية الحالية. فهناك اتفاق واضح يضمن سير العملية السياسية بسلاسة تامة من خلال إعلان قيام المجلس التشريعي، لكن غيابه جعل المجلسين السيادي والوزاري يبتكران كل مرة طريقة لممارسة صلاحياته، والآن اتجهوا لتكوين سلطة ثالثة باسم مجلس الشركاء الانتقالي، في تعد واضح على السلطة التشريعية، ولا أدري لماذا هذا الإصرار على عدم تكوين المجلس وكذلك المحكمة الدستورية. وفي تصوري، أن هناك خوفاً من إبطال القرارات والقوانين التي صدرت في الفترة الماضية، لما فيها من عيوب واضحة”.