الخرطوم: الصيحة
يصف الأديب صلاح هاشم السعيد عطاء الشاعر حميد الأدبي بأنه “مشروع شعري” لم يكتمل بعد، ولا عجب أن هذا الافتراض محل إجماع كثير من الأدباء والنقاد؛ لأن إشكالية ذلك المشروع تكمن في حب الوطن، ومعاداة ظلم الحاكمين، وتحريض المحكومين على مدافعة الظلم. لقد نسج حميد هذه المنظومة الثلاثية في أول قصائده التي أنشدها بعد رحيله إلى الخرطوم، بقصيدته الرمزية الشهيرة بـ “نادوس”، التي نادى فيها بثورة الغلابة، قائلاً: “تعالي وشي الوطن دركان عساكر آخر الزمن واطاه *** تعالي وما علي كيفك تعالي وريِّحي الواطة “. فلا جدال أنَّ هذه القصيدة التحريضية قد جلبت عليه وابل غضب النظام المايوي، فتعرَّض حميد، حسب رواية الدكتور يس محمد يس، “لأسوأ أنواع المضايقات من رجال الأمن والسُّلطة، وهو لا يملك حولاً ولا قوةً”، سوى الكلمة التي صنع منها سلاحاً ماضياً في وجه زبانية النظام المستبد.