الخرطوم: الصيحة
(1)
تُعد «الكمنجة» الآلة الموسيقية الغربية الأكثر ارتباطاً بالوجدان السوداني والأحب للسودانيين، إذ كانت أولى الآلات الموسيقية الغربية التي صاحبت الأغنيات الأمدرمانية المعروفة في السودان باسم «أغاني الحقيبة» التي تم تسجيلها في القاهرة على الأسطوانات (الفونوغرافية) وسادت كأغان وطنية، ومن ثم أخذ الغناء السوداني شكله الذي وضعه الرواد.
(2)
وتُشكِّل «الكمنجة» عنصراً أساسياً في الموسيقى السودانية، إذ ارتبطت بالوجدان السوداني لأنها صاحبت الأغاني الأمدرمانية الأولى، إلى جانب البيانو والقرب الاسكتلندية وهي التي أحدثت نقلة نوعية، وطفرة فنية كبيرة للأغنية السودانية، ذلك أن الأغاني الأمدرمانية التي كانت تعتمد على جزالة ألفاظها لم تكن محتاجة إلا إلى إيقاعات بسيطة تحدثها آلياً (الرق) و(المثلث الحديدي) و(التصفيق) والكورس (الشيّالين) الذين يُردِّدون مطلع الأغنية في كل فاصل في الأغنية، فأسند الترديد والتطريب للآلات الموسيقية الغربية بدلاً منها.
(3)
والأمر الذي لا شك فيه أنّ «الكمنجة» قد دخلت السودان مع جيش الغزو الإنجليزي الذي قاده (اللورد كتشنر) وفتح الخرطوم العام 1898م إلا أنها كانت قاصرة آنذاك على الجنود الإنجليز ولم تكن معروفة عند السودانيين. عبد الله حامد العربي.. أمهر عازف لآلة الكمان في تاريخ الموسيقى السودانية، وصاحب «الصولات الجميلة» ويُعد أحد جيل العمالقة المبدعين الذين منحوا الساحة الفنية أجمل الأغنيات من حيث المُفردة واللحن والعزف الموسيقي الفريد، وصاحب أجمل الألحان التي تغنّى بها كبار الفنانين من بينهم «عثمان حسين وأحمد المصطفى».
(4)
والده السيد حامد محمد من أوائل المنشدين في خمسينيات القرن الماضي، حيث كان ينشد الشعر على نهج الشاعر الكبير محمد سعيد العباسي المكتوب باللغة العربية الفصحى دُون مُصاحبة أية آلة موسيقية، مُعتمداً على قوة حنجرته وقُدرته العالية على ابتكار أساليب تعبيرية رائعة.
(5)
تعلّم العزف على آلة العود أولاً في عام 1947م في منزل الأخ قاسم أمين الذي يُعتبر مُلتقىً جامعاً لكل الموسيقيين مثل عبد الفتاح الله جابو وحمزة مع فنان الحي الطيب الجزار والملحن أحمد خليل. ودخل الإذاعة القومية وتم تعيينه بها بصفة رسمية عام 1955م، وأول حفل رسمي شاركت به عازفاً كان عام 1953م مع الفنان أحمد المصطفى.