مقدمة مهمة:
حسن سليم، واحدٌ من الأصوات الفنية الجديدة التي تتكئ على موهبة عميقة.. ويُمكن وصفها بأنها من المواهب النادرة التي تحمل سمات إبداعية جديدة.. وهو بتقديري الخاص تجربة جادة فيها الكثير من الإشارات والبشارات التي تنبئ عن مولد فنان قادم ليُغيِّر راهن وواقع الساحة الفنية.. “الصيحة” جلست مع حسن سليم وخرجت منه بالعديد من الإفادات حول تجربته الفنية:
حوار- سراج الدين مصطفى
دعنا أولاً نقرأ في بطاقتك الشخصية ونتعرّف عليك عن قرب؟
أنا حسن سليم.. إنسان بسيط عادي.. أحاول أن أقدم نفسي للشعب الصوتي عن طريق الغناء.. وأن أقدم مساهمة وإضافة عساها أن تجد القبول من شعب من الصعب أن يتقبّل فناناً جديداً ويفرد له مساحة.. لأنهم شعب صاحب ذائقة فنية عالية يصعب مُخاطبتها واختراقها.. وأسال الله أن يمنحني التوفيق في هذه المحاولة والتي اعتبرها جادة وفيها قدر من المسؤولية.
حدثنا عن النشأة والميلاد؟
إن لا بد من الخوض في تفاصيل الزمان والمكان.. فأنا ولدت ونشأت في قرية شمال الجزيرة تسمي (سليم) هي منطقتي وقريتي وبلدتي.. ولعلي أقول إن قرية سليم كانت هي ملهمتي الأول وهي المكان الذي تشبّعت فيه بالفنون والتي أرضعتني محبة الفن والغناء والفضل يعود لها ولأهلها الكرام الذين احتفظ لهم بجميل كبير لا يمكن نكرانه مطلقاً.
كيف كانت البدايات الفنية ومَن هو الذي اكتشف الموهبة؟
الرجل القامة الفنية والموسيقي المطبوع عبد الوهاب وردي هو من اكتشف الفنان حسن سليم وأفرد لي مساحات واسعة في ألحانه ونضجت الفكرة معه له من كل وود واحترام وتقدير.. وعبد الوهاب وردي كما معروفٌ عنه بأنه موسيقار لا يعرف المجاملة وواضح كشعاع الشمس.. وأنا سعدت جداً حينما أفرد لي مساحة مقدرة وفتح لي الأبواب ومنحني الدافع المعنوي.
بمن تأثّر حسن سليم في بداياته؟
الفن في السودان حقل كبير وشاسع وملئ بشتى الأنواع.. ومن البديهي أن يتأثر من يدخل هذا الحقل الجميل.. وأنا أعتز وافتخر وأقول بأنني خرجت من حصاد تجارب فنية عظيمة كعبد العزيز محمد داؤود والعملاق عثمان حسين.. وأنا أعتبر نفسي مولوداً شرعياً لكل تجربة فنية أبدعت وأجزلت العطاء.. وأنا كما قلت أحاول أن أكون امتداداً وسيماً لتلك التجارب العظيمة والخالدة.
ما هو دور الأسرة ودعمها الفني؟
دور الأسرة كان عظيماً.. وأنا أعتقد بأن أي فنان ما لم يتشرّب فن الغناء منذ الصغر مع الأسرة فلن يصبح فناناً صاحب حضور وبصمة.. وأنا اعتبر نفسي رضعت فن الغناء من محبة الوالد وخصوصاً غناء الحقيبة وكل الغناء القديم، ولعلي استفدت كثيراً من ذلك الميول في والدي.. وكانت تلك الشرارة الأولى التي جعلتني اختار هذا الدرب لأواصل فيه وأمشي خطوات بعيدة وجديدة حافلة بالجديد والتجديد.
كيف تخطط لمشروعك الفني؟
من يريد أن يحقق فعلاً محسوساً ويؤثر في الناس، لا بد له من تخطيط وتفكير استراتيجي.. هذا محور مهم جداً في حياة أي فنان.. وأنا أخطط لتجربتي الفنية بكل هدوء وبعيداً عن الاستعجال ويمكن أن تقول بأنني أتعامل بقاعدة النار الهادئة وأدع التجربة تنضج بكل هدوء.. وهذا الهدوء ربما يكون هو الذي يسبق العاصفة لفنان جديد.
هل لديك رسالة فنية واضحة المعالم وما هي أبرز ملامحها؟
أنا يا صديقي سراج، مازلت مشروع فنان يحاول أن يقدم نفسه للناس بطريقة مُغايرة وجديدة.. ولكن هذا لا يمنع أن أقول بأنني أخطِّط لغرس وزرع مفاهيم غنائية وموسيقية فيها الكثير من الابتكار والتحديث مع المُحافظة على الذائقة السودانية.. وأحاول جاهداً أن أبعد عن الغناء السهل والمُستسهل عبر مفردة شعرية تخاطب الوجدان وتلامس أعلى الفضاءات.
كيف ستتميز بين أبناء جيلك وما هو الجديد على مستوى تجربتك الفنية؟
التميز والتفرد لا يأتي مُصادفةً، ولكن عن طريق الصبر والحفر في العوالم والمعالم.. وكما تعلم أخي سراج أنّ مبدعينا الكبار قدموا إبداعاً كبيراً.. ولتجاوز ذلك لا بد من جهد كبير حتى أصل لطريقة غنائية تميزني عن الآخرين من أبناء جيلي.. ودعني أقول بأنني ما زلت في طور التجريب والمحاولة.
التراث في تجربة حسن سليم؟
التراث هو الأساس والقاعدة التي ينطلق منها الفنان ويفتح فضاءات جديدة.. والتغنِّي بالتراث هو نوعٌ من المُحافظة على كلاسيكات الغناء السوداني.. وأنا أمنح التراث الغنائي السوداني مساحةً كبيرةً في تجربتي الفنية الجديدة.. كما أدرك تماماً بأنّ التراث هو طريقي للعالمية.. ولعلّ أديبنا الكبير الطيب صالح وصل للعالمية من خلال لغته المحلية.
هل تُخطِّط لأن تكون فناناً صاحب بصمة داخلياً وخارجياً؟
كما قلت من قبل أن التخطيط هو أساس النجاح لأيِّ مشروع في الحياة.. ومن أجل الوصول للناس داخلياً وخارجياً، هناك مجهودات كبيرة أقوم بها ومحاولات لم تزل في طور البناء والتكوين من أجل الوصول لرؤية عميقة تجعلني أتحسّب لخطواتي الفنية.. وأنا لست مُستعجلاً يا صديقي وسوف أصل للناس كما أريد بإذن الله.