الخرطوم: جمعة عبد الله
استقبلت الأسواق شهر رمضان بحالة من الركود رغم تزايد معدلات الشراء إلا أنها لا تتناسب مع السنوات الماضية، بسبب الغلاء الطاحن، ومعاناة الغالبية العظمى من المواطنين من ظروف معيشية ضاغطة حتمت عليهم ترشيد متطلباتهم للحد الادني.
يستقبل المواطنون شهر رمضان المعظم هذا العام وسط ظروف اقتصادية قاسية على قطاعات واسعة من المجتمع، ورغم أن موسم رمضان لهذا العام لم تشهد إرتفاعا قبل حلول الشهر إلا أن الأسعار “ليست في متناول يد الغالبية العظمي”، من المواطنين وعانت الأسواق من الركود وضعف القوي الشرائية بسبب غياب الكاش وارتفاع الأسعار مع تعدد المتطلبات المتعلقة بشهر الصيام.
وقال، عبد الباقي الشيخ، وهو تاجر سلع بالخرطوم، لـ “الصيحة” إن الطلب على السلع ما يزال ضعيفاً بالرغم من دخول شهر رمضان، وقال إن التوقعات تشير لتنامي القوي الشرائية خلال الاسبوع الاول لرمضان وزيادة حركة التسوق، وقطع بأن الوضع أفضل مما كان متوقعًا حيث كانت الأسعار ترتفع سنويا في مثل هذا الوقت بالتزامن شهر رمضان، موضحًا أن بعض المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود لا يمكن توفير متطلبات الشهر دفعة واحدة، وبالتالي يقومون بشراء السلع علي فترات متقطعة كل أسبوعين او عشرة أيام.
الثابت أنه ما من حاجة للتذكير بمستوى الأسعار، فهي مرتفعة بلا شك، لجميع السلع بلا استثناء، ويقول كثير من المواطنين إنهم باتوا غير قادرين على مجاراة ارتفاع الأسعار المتوالي، فيما قال بعضهم إن ترشيد الاستهلاك فوق ما هو مرشد بالفعل هو السبيل الوحيد أمامهم، فيما قطع البعض بأن توفير سلع رمضان سيكون على قدر المتاح من إمكانات بحيث يوفرون جزءًا يسيراً منها فقط.
وأثرت الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، على قدرة المواطنين علي تلبية احتياجاتهم المعيشية وتوفير السلع والمستلزمات الإستهلاكية، وزاد الامر سوءا ارتفاع معدلات الفقر في السودان لمستويات عالية كانت تقدرها الحكومة السابقة بـ “46%” من جملة السكان، وهو رقم بعيد من الواقع بحسب ما يقول مختصين حيث يشيرون إلى أن أكثر من 75% من سكان السودان فقراء وفق المعايير المحلية، ويرتفع الرقم إلى “90%” بالمعايير العالمية
وتصف الخبيرة الاقتصادية، د. إيناس إبراهيم، غلاء أسعار السلع بالأسواق بـ “الفوضى”، وأرجعت الأمر لتقاعس الجهات المختصة عن القيام بدورها في مراقبة الأسواق، وقالت إنها غائبة تماماً عن لعب هذا الدور المفترض، ودعت السلطات والقائمين على الأمر بالولايات والمحليات بإعداد خطط تمكن من إيصال السلع الاستهلاكية للمواطنين بأسعار مناسبة وأن تحد من الفوضى والتضارب في تسعيرة السلعة بين محل وآخر، وقطعت بأن السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في السنوات الأخيرة تسببت في خلل كبير يعاني منه المواطن حالياً، وقالت إن هذه الجزئية يجب أن تتصدر اهتمامات الحكومة المقبلة وأن تضع حلولاً مناسبة لمعالجة الوضع المعيشي المتردي.
وضع اقتصادي
وبسبب الوضع الاقتصادي العام، واجه المستهلكون وخاصة من محدودي الدخول مهمة هي الاصعب لتوفير سلع ومستلزمات شهر رمضان هذا العام، فارتفاع الأسعار وفوضى الأسواق وتزايد معدلات التضخم وركود أسواق البيع، كل هذه العوامل اجتمعت لتجعل الحصول على السلع والضروريات الحياتية أمراً غير سهل، وشكا عدد من المواطنين من عدم قدرتهم على توفير سلع شهر رمضان مرجعين الأمر لغلاء وارتفاع الأسعار، وانتقد البعض غياب التدخلات الحكومية لتوفير ولو جزء يسير من السلع المخفضة، علاوة على تزايد نسبة العاملين في القطاع غير المنظم، وهم من لا يمكنهم الحصول على السلع عبر تعاونيات مواقع العمل.
الوضع المعيشي العام يمكن معايرته بحالة موظف واحد كمثال يمكن التعميم والقياس عليه، وهنا يقول حسن الأمين وهو موظف حكومي إن الراتب الذي يحصل عليه لا يفي بربع المتطلبات الحياتية الضرورية، مشيراً إلى أن توفير سلع الشهر الكريم من قبل المؤسسات أسهم في إزاحة حمل ثقيل عن كاهله.
ولكن توجد نسبة كبيرة من المواطنين بالقطاع غير المنظم، وهؤلاء ليس أمامهم سوى اللجوء للسوق وشراء ما يلزم من السلع الرمضانية، وفي ظل تواضع مستوى الدخول والغلاء لا يمكن توفير سوى القليل من المطلوبات، وتنطبق هذه الحالة على قطاع عريض من المواطنين، فبات توفير لوازم المعيشة معاناة يكابدها الموظفون، أما الشرائح الأشد فقراً والمهن غير المستمرة يبدو حالهم أصعب.