تقرير / نجدة بشارة
كشف القيادي بحزب الأمة ورئيس اللجنة القانونية للمكتب السياسي للحزب آدم سليمان جريجير لـ( للصيحة) عن قرار صادر عن الأمين العام للحزب أمس الأول الأربعاء قضى تشكيل لجنة قانونية لتقصي الحقائق حول الفيديو المسرب للإمام الراحل الصادق المهدي والذي بين فيه احتمال تصفيته عبر نقل فايروس كورونا إليه عمداً بالمصافحة أو السلام بالأحضان. وقال جريجير إن الحزب كون اللجنة نتيجة للبلبلة التي تسبب فيها المقطع المتداول للراحل .. والذي وجد رواجاً إعلامياً كبيراً وسبب القلق وسط قيادات الحزب .. ما استدعى عقد اجتماع طارئ خلص إلى تشكيل لجنة قانونية للبحث عن الحقائق الدامغة حول الفيديو وأسباب تسربه في هذا التوقيت حتى تكشف للرأي العام.. ونفى توجيه تهم أو تقييد أي بلاغ ضد أي جهة أو حتى أشخاص حتى اللحظة، كما نفى ما أثير عن اتهام قيادي بقوى الحرية والتغيير (قحت) بضلوعه في إيصال معلومات للأسرة أو اتصاله محذرًا لها بشأن وجود شبهة جنائية في وفاة الإمام كما تناولت بعض الوسائط..
ما وراء الحدث
وكان مقطع فيديو للراحل الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام طائفة الأنصار في السودان بشأن احتمال تصفيته من قبل إسرائيل؛ قد أثار ردود فعل كبيرة ومتباينة على منصات التواصل الاجتماعي لجهة ترجيحات لمطالب بفتح تحقيق دولي حول إمكانية إصابته بفيروس كورونا عن قصد كما أفاد في المقطع.
وفي تطور لافت، قال حزب الأمة القومي إنه شكل لجنة لتقصي الحقائق حول ما أدلى به المهدي في المقطع الذي سربته أسرته، ومن ثم يمكن أن يحدد الحزب ما إذا كان سيطلب تدخل وعون السلطات الحكومية. وعلى مستوى الأسرة، قالت رباح ابنة الصادق المهدي وفقاً للجزيرة نت إن ثمة شخصية سياسية – تحفظت على الكشف عنهاـ اتصلت بالأسرة وتحدثت عن خيوط يمكن تتبعها. وتشير رباح إلى أن هذه الشخصية إذا تمكنت من الإتيان بمعلومات يمكن للأسرة أن تقيمها، ثم تطالب بفتح تحقيق حول إمكانية تعرض المهدي للاغتيال…
وفي المقابل ترك الفيديو استفهاماً كبيراً وسط أحبابه وأسرته .. هل تمت تصفية الإمام الصادق المهدي؟
رحيل ولكن؟
خمسة أشهر مضت على وفاة رئيس حزب الأمة القومي وآخر رئيس وزراء سوداني منتخب- في 26 نوفمبر الماضي عن عمر يناهز 85 سنة بالإمارات التي نقل إليها للعلاج، وذلك بعد نحو شهر من إصابته بفيروس كورونا. لكن وقبل أن تجف دموع أسرة الإمام المكلومة وأحبابه بدأت الشكوك تساور أسرته وحزبه إثر تسريب هذا الأسبوع لمقطع مصور من حديث للمهدي خص به عائلته أثناء إصابته بالمرض. وقال المهدي في المقطع المصور “أنا مستهدف، الإسرائيليون يستهدفون الناس الذين لديهم فاعلية ضدهم ويقتلونهم، من أساليب الاغتيال الممكنة هذا الوباء”، في إشارة إلى كورونا. وأضاف المهدي أنه لا يستبعد أن بعض المأجورين قد نقلوا إليه الوباء عمدًا بالمصافحة أو السلام بالأحضان. لكن ما أثار لغطاً أكثر توجيه أصابع الاتهام والتشكيك بوجود طرف ثانٍ له علاقة بالتصفية.
انتقال كورونا للمهدي:
ظل هذا السؤال يطرق الأبواب للبحث عن إجابات شافية منذ حياة الراحل، خاصة وأن كوورونا لم يصب الإمام فقط وإنما، تزامن مع إصابة 16 من المخالطين له من أسرته وقيادات حزبه .. لا سيما أبناء الأمام عبد الرحمن والبشرى، ووزير الخارجية مريم الصادق، وزوجة الإمام وفي ذات توقيت إصابة الإمام الراحل كانت وزارة الصحة قد سجلت إصابة 13 ألفاً و819 إصابة بفيروس كورونا، بينها 837 وفاة، و6 آلاف و764 حالة تعافٍ.
وفي ردود سابقة لعضو المكتب السياسي، ندى جوتار، على بعض تساؤلات (الصيحة)، بشأن ظهور أول إصابة بالفيروس بالحزب نفت وجود أي ملاحظات بشأن الإصابة ومن أصيب أولًا الإمام الراحل أم أحد افراد أسرته ..بينما يلاحظ أن الإصابة شملت أغلب قيادات الحزب في فترة وجيزة 10 أيام على أقل تقدير، ولعل الراحل قبيل إصابته بكورونا قدم محاضرة في جامعة الأحفاد للبنات ضد التطبيع، وكانت ذات قيمة فكرية وسياسية عالية، دعا خلالها لتكوين جبهة عريضة ضد التطبيع بالاعتماد على قانون مقاطعة إسرائيل.
توقيت الفيديو
وبالعودة إلى الفيديو الذي ظهر بعد فترة من رحيل الإمام وبحسب رباح الصادق – التي كانت أكثر أبنائه مرافقة له في أيام مرضه- أشارت أن والدها أحس بالأعراض بشكل ملحوظ يوم 27 أكتوبر 2020، وفي اليوم الذي يليه تم إجراء فحص كورونا لتتأكد إصابته يوم 29 من الشهر ذاته. وتشير رباح إلى أن ما أدلى به الصادق المهدي كان جزءاً من محاضرة طويلة ألقاها في منزل الأسرة بأم درمان مساء الخميس 29 أكتوبر، قبل نقله لمستشفى علياء وقبل سفره إلى الإمارات للعلاج في 2 نوفمبر. وكان هناك حضور لافت في المحاضرة حول قضية التطبيع والتي اتسمت بالطول رغم معاناته من الفيروس، شمل أبناءه وبناته وأحفاده وأصهاره بحسب ما أعلنت رباح على فيسبوك، والتي نقلت فيها لأول مرة عن والدها قوله إنه “لا يستبعد أن يكونوا قد أرسلوا له من يحمل إليه الفيروس ليتخلصوا منه”. وتقول رباح للجزيرة نت إنهن – بنات الصادق المهدي- كن مرابطات مع والدهن أثناء مرضه ولمسن أن همه الأساسي رفض التطبيع بكل أبعاده. وفي ثاني يوم لتأكد إصابته تحامل المهدي على نفسه والمرض ودخل مكتبه منذ الساعة العاشرة صباحاً وحتى المساء ليدون مقاله الموسوم بـ”الحبل الرابط بين التطبيع والتركيع والتقطيع”. في ثالث أيام التأكد من الإصابة بكورونا، تقول رباح إن حالة والدها تدهورت وجرى نقله لمستشفى علياء، حيث اتضح تأثر الرئة بالفيروس، وفي اليوم الرابع حدث المزيد من التدهور، وفي ذلك اليوم وصلت طائرة إماراتية مجهزة. وتضيف أن والدها رفض السفر للخارج بحجة أن العناية التي يجدها جيدة رغم أن مصر عرضت استقباله، كما أن الحكومة عرضت نقله إلى ألمانيا، لكن وبعد نصائح الأطباء وقرار مؤسسات الحزب رضخ المهدي ليتم نقله إلى الإمارات في الثاني من نوفمبر.
محاولة اغتيال
وتقول رباح – وهي مساعدة رئيس حزب الأمة القومي وعضو المكتب السياسي ومسؤولة الدراسات والمكتبة والنشر في الحزب- إن والدها سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال. وتضيف أنه في أغسطس 2014 “تلقت الأسرة اتصالاً ورسالة بريدية من الأمينة العامة لنادي مدريد جاء فيهما أنه يجب توخي الحيطة والحذر، لأن جهة ما لم ترغب في الاتصال بالأسرة مباشرة أفادت نادي مدريد بأن ثمة مخططاً لاغتيال المهدي خلال اجتماعات لتحالف نداء السودان وقتها بأديس أبابا”. وأشارت إلى أن الأسرة وقتها قررت إيفاد البشرى نجل المهدي – وهو ضابط في الجيش- إلى العاصمة الإثيوبية لحماية عميد الأسرة.
بدوره، كشف الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير للجزيرة نت أن الحزب كون لجنة للبحث في هذا الأمر وإتاحة المعلومات لمؤسسات الحزب والرأي العام. ويقول “شكلنا لجنة تقصٍ للحقائق لتمليكها للرأي العام وقواعد الحزب، نحتاج لمعرفة الملابسات والإطار الذي قال فيه الراحل هذا الحديث، وبعدها يمكن أن نحدد تدخل السلطات العليا”.
هواجس وظنون
من جهته، استبعد المحلل السياسي د. عبد اارحمن أبوخريس تعرض الإمام الراحل للتصفية من قبل أسرائيل.. وقال لـ(الصيحة)، إن المهدي مشهود له بالديمقراطية والانفتاح.. ومواقفه وآراؤه الشخصية تخصه وحزبه ولا يمثل رأي أغلبية الشعب ولا يشكل أي تهديد جدي لإسرائيل، وقال إن أي حديث الآن بخصوص إسرائيل يعتبر مجرد آراء وليس توجه دولة، لجهة أن التوجه معني به المجلس التشريعي. وأردف: في اعتقادي أن وفاة المهدي أجل الله.. وإصابته بفيروس كرونا لسبب أن الإمام منفتح على الناس ويستقبل الضيوف من كل مكان في منزله ومكتبه.. أضف إلى ذلك أن الإمام تجاوز 85 سنة، وبالتالي هنالك تأثير للعوامل الفسيولوحية للإمام أدت إلى الوفاة والشاهد أن مواقف حزب الأمة مع إسرائيل.. تحولت إلى هواجس ومخاوف حتى إن وزيرة الخارجية مريم الصادق.. في بداية تقلدها للمنصب كثر حولها الهمس والجهر بشأن مواقف حزبها من إسرائيل في وقت ترفيعها كواجهة دبلوماسية للدولة.. لكن سرعان ما أعلن الحزب أن مواقف الحزب ليسن بالضرورة أن تؤثر أو تتشابك مع توجهات الدولة.. ويحق للمنصورة السباحة مع تيار وتوجه الدولة الخارجي، والآن وقد فتح تحقيق بشأن مزاعم تعرض والدها الراحل للتصفية من قبل إسرائيل وفي الوقت الذي تتوجه الدولة لبناء علاقة حقيقية مع تل أبيب، كيف ستحافظ المنصورة على توازنها وسط هذه التناقضات، ولأي جهة ستميل المنصورة؟