عبد الله مسار يكتب.. وَطَني ولا مَلِي بطنِي
كَتَبَ ضابطٌ عراقيٌّ عظيمٌ في مذكراته، أنّه تخرّج في الكلية الحربية العراقية في يوليو عام ١٩٧٧ وكان أول دفعته، وأُرسل ومعه اثنان من زملائه إلى أكاديمية ساند هيرست الملكية الحربية البريطانية لإكمال دراستهم. ولما وصلوا مقر الأكاديمية استقبلهم الجنرال ((كرايمر توم كلفين)) مدير الأكاديمية وسألهم هل أنتم من العراق؟ قالوا نعم رغم إنّهم كانوا يُعلِّقون أيقونة العلم العراقي على صدورهم. اجابوا نعم سيدي نحن من العراق. وتجهّم وجهه وبدأ يدقق أسئلته من أي العشائر، ومن أي المدن، حتى وصل لآخر سؤال مَن منكم يحب الجنرال عبد الكريم قاسم؟
ولَم يتجرأوا على الرد بالإيجاب كونهم ينتمون إلى حزب البعث، وسارت أيام الدراسة وظلت تلك الأسئلة في بال الطالب العراقي وظل يتحيّن الفرصة ليسأل الجنرال كرايمر عن أسباب سؤاله عن حب الجنرال عبد الكريم قاسم.
ولما أتى يوم التخرُّج كان لطلاب العراق الثلاثة لقاءٌ مع الجنرال كرايمر، لأنهم حصلوا على المراتب الثلاثة الأولى.
حصل الضابط (جنيد محمد خضر الحبوري) على عصا الأكاديمية الذهبية، وحصل كاتب المذكرات، على سيف الأكاديمية. أما الضابط عبد الستار محمد أمين السبعاوي حصل على صولجان الأكاديمية وهو لم يمنح من أكاديمية منذ تأسيسها إلا لأربع مرات كانت لكل من (تشيرشل ومنتغومري وايزنهاور ورومل)، والآخرون منحت لهم شرفية مع أنهم أعداء لبريطانيا وخاصةً رومل الذي حارب بريطانيا لفترة طويلة. والمرة الخامسة للضابط العراقي عبد الستار محمد أمين السبعاوي.
وعندما مُقابلة الضباط العراقيين الثلاثة للجنرال كرايمر قائد الأكاديمية سألوه عن سؤاله لهم عن الجنرال عبد الكريم قاسم فكان جوابه:
(نحن كقادة لأكاديمية ساند هيرست عندما يأتي الطلاب الجدد ننظر هل بينهم عراقي، فإذا كان، نعلم أن المرتبة الأولى في الدورة تذهب للعراق، وها أنتم أتيتم ثلاثة وحصلتم على مراتب لم يحصل عليها أحدٌ من قبلكم).
قال في إحدى السنوات قدم إلى الأكاديمية تلميذ عراقي وتخرج بتفوق، وكان عندنا سياق في الأكاديمية قبل التخرج يطلب من كل تلميذ أن يقدم خطة عسكرية لطريقة احتلال عاصمته، فما كان من الطالب العراقي إلا أن قدم خُطته العسكرية وكتب عنوان لها (أسهل خُطة لاحتلال بغداد).
وحين قُمنا بتدقيق الخطة وجدناها خُطة لاحتلال لندن وليست لبغداد، وكانت خطة محكمة وبدقة عالية لا يُمكن أن يرسمها ويضع تفاصيلها إلا قائد بريطاني.
فأرسلنا في طلب هذا التلميذ العراقي وسألناه ما هذا الذي قدمه، فأجاب وهل أنا خائن أو عميل أو غبي لأقدم لكم خطة لاحتلال بلادي.
وقال منذ ذلك اليوم ونحن نتخوّف من التلاميذ العراقيين
وكان ذاك الطالب هو عبد الكريم قاسم.
أيها السادة الحاكمون، أرجو أن تعتبروا بهذا الطالب العراقي عبد الكريم قاسم، حتى لا تكونوا خائنين أو عُملاء لتبيعوا أوطانكم.
أخشى أن تكون خُطة احتلال الخرطوم في أدراجكم وغداً في أيدي المُحتلين، وإن غداً لناظره قريبٌ.
تحياتي