(1)
أعتقد جازماً أن الجميع ما قبل بداية أغاني وأغاني في قناة النيل الأزرق وبرنامج يلا نغني على قناة الهلال كان الريموت يتحرك ما بين القناتين فقط وليس أي قناة أخرى.. ورغم الفاصل الإعلاني الطويل ولكن حالة الترقب والمتابعة للقناتين تزداد كثافة.. ومثل هذا الموقف من الترقب لم يأت وليد صدفة أو اعتباطاً ولكنه نتاج حفر عميق وتخطيط برامجي مضنٍ يستهدف مخاطبة أشواق المشاهد ببرامج فيها قدر من الإمتاع والمؤانسة.
(2)
نجحت قناة الهلال في لفت الأنظار في الفترات الماضية ولعل برنامج مثل (يلا نغني) أصبح في وقت وجيز ينافس برنامج راسخ وثابت مثل أغاني أغاني.. وهي كلها برامج مخدومة وفيها جهد كبير ومقدر.. ومن عينة البرامج التي تخصص لها ميزانيات مليارية.. وضرورة المنافسة تقتضي ذلك.. لأن المشاهد يتابع القناة التي تلبي مطلوباته ورغباته ببرامج فيها حيوية ورشاقة.
(3)
في هذا العام غابت المذيعة تريزا شاكر وحضرت بدلاً عنها المذيعة رشا الرشيد.. تريزا كانت تتميز بخفة الروح ولها علاقة بالموسيقى والغناء مع أنها كمغنية فاشلة جدا ولكنها لها طعمها الخاص في التقديم البرامجي رغم أنها تفتقر للعمق في طرح الأسئلة مع أن ذلك يحسب على معد البرنامج ومدى قدرته في وضع (اسكربت) متقن بجانب البحث العلمي عن الموضوع والمحتوي للحلقة.. وهنا تتفوق رشا الرشيد بقدراتها العالية في ملاحقة السؤال وإستخلاص براحات جديدة من إجابات الضيف أو المتحدث.. وأعتقد بأن رشا الرشيد لن تعاني في جزئية طرح الأسئلة وملاحقة نتائجها لأن كل ضيوفها تقريبا يفتقرون للباقة والقدرة على الكلام.. وتلك جزئية كتبت عنها العام الماضي حينما توقفت في ضعف القدرات الكلامية لمعظم مطربي برنامج يلا نغني.
(4)
كان من الأفضل والأوجب استضافة شخصيات وضيوف بقدرات خاصة تمكنهم من مناقشة مواضيع الحلقات.. وحلقة اليوم من برنامج يلا نغني كان موضوع الحلقة عن (ألم الفراق) ولكن فشل معظم من تحدثوا في تقديم جملة مفيدة عن محتوى الحلقة.. وفي الجانب الآخر يتفوق أغاني وأغاني بالقدرات العالية للأستاذ السر قدور في التنظير والتأريخ لمحتوى الحلقة وذلك لأنه يعتبر من أبرز شعراء الأغنية وله أغنيات معروفة من التي رددها كبار المطربين السودانيين ومثالاً لا حصرًا من أشهر أغنياته الخالدة الشوق والريد – يا صغير – أرض الخير للكاشف، ياريت – قمر باين – نسيم شبال – عيونك فيها شي يحير- الريد يجمع يفرق – لكمال ترباس، حبيبي نحنا اتلاقينا مرة للعاقب محمد حسن وغيرها من الأغنيات التي رسخت في وجدان الشعب السوداني.
(5)
ويظل برنامج أغاني وأغاني محل اهتمام كبير من الجميع.. وهذا البرنامج ظل طيلة السنوات الماضية يثير جدلاً كثيفاً لا يتوقف حتى بعد نهاية البرنامج .. ولعل هذا الجدل الكثيف يعبر تماماً عن نجاح البرنامج وقدرته على الصمود طيلة هذه الفترة الطويلة التي بلغت سبعة عشر عاماً .
صحيح أن البرنامج أصبح عبارة عن نسخة مكررة لا جديد فيه من حيث المحتوى ولكن عدم التجديد في مثل هذه البرامج لا يعد منقصة أو سبة تجعلنا نقلل من المجهود الضخم في إعداد البرنامج.. لأن فكرته الأساسية هي التوثيق والتذكير بماضي الأغنية السودانية عبر إجترارات الأستاذ السر قدور.. وهو المعاصر لكثير من التورايخ والأحداث تجعله في مقام الراوي. في هذا العام أبعدت بعض الأسماء وأضيفت أخرى وحافظ بعضهم على وجوده لاعتبارات يصعب فهمها.. كما تمت إعادة البعض للظهور مرة أخرى.
ولكن يظل البرنامج هو المتحكم على المزاج العام وهو الأكثر حضوراً رغم مزاحمة بعض البرامج وأبرزها بالطبع (يلا نغني).