الطاهر ساتي يكتب.. والوطن بخير..!!
:: لكل أم ودّعت ابناً أو زوجاً أو أخاً ذهب إلى علياء الشهادة، ولكل أسرة امتحنتها أقدار السماء بأحزان فقد شهيدها، ونجحت في الامتحان بإرادة صلدة وصبر لا يئن، رمضان كريم وتقبّل الله صيامكم، وزادكم صبراً ورحمة وإيماناً واحتساباً.. ولرفاق الشهداء، وهم يتوشحون بأنواط الكبرياء ويلتحفون بالصمود ويتزيّنون بالثبات ويستظلون بحب الوطن، أكرم الله وطنكم بحرية وسلام وعدالة، لتمتلئ البيوتات بالأفراح والآمال..!!
:: ولفرسان الجيش، وقد تعاهدوا على حماية أرض البلد، واتخذوا الخنادق والملاجئ وخطوط النار مساكنَ لهم، وهم تاركون بينهم وبين أطفالهم وأهلهم أميالاً من الذكرى و(أمل التلاقي).. لهم، وهم يرسخون عزيمتهم على عهد لا يؤتى الوطن الحبيب من قبلهم بغدر غادر أو مُعتدٍ أثيم.. ولهم، وهم يهبون حياتهم للموت والجرح والأسر ليهبوا حياة البلد أمناً ولحياة الناس سلاماً.. لهم التقدير بقدر ما يعطون لهذا الوطن من بذل وعطاء، أثابكم الله وزادكم صبراً وثباتاً..!!
:: وللأهل بالأرياف، ولسواعد تفلح الأرض تحت لظي الشمس لتطعم الناس (قمحاً وأملاً).. لهم، وهم يزينون مسيد القرية بالبروش والأباريق والأزيار، ثم بالوجوه المتوضئة التي على سيمائها آثار الكد والكسب الحلال.. لهم، وهم يفترشون ثرى البلد عند المغيرب ويتراصون كما النجيمات بحيث لا تُميِّز فقيرهم عن ثريّهم من أثر التآخي.. لهم الود، وهم يغرسون قيم الخير في موائد الرحمن العامرة بـ(عرق الجبين)، وبلا رياء يذهب أجرهم أو من يفضح أمرهم يقسمون (اللقمة بيناتم).. بارك الله في زرعكم وضرعكم، وتقبّل الله صيامكم..!!
:: ولكلِّ صادق دأب أن يخرج إلى ملح الأرض حين يسدل الليل أستاره، ليطفئ غضب الرب، وينال رحمته وبركته و(الناس نيام).. لهم، وهم يطرقون بيوت المتعففين في جنح الدجى، ثم يُغادرونها سريعاً حتى لا تعلم يسراهم ما قدّمت يمناهم ليتامى فقدوا الأب ولكنهم لم يفقدوا رحمة السماء، ولأرامل يكدحن بشرف واستبدلن موت عزيزهن بإحياء العزة والعفّة التي في نفوسهن لتكون لأنجالهن نبراساً يضئ مستقبلهم بالكرامة التي عجزت محن الزمن عن كسرها، تقبل الله عطاءكم وصيامكم..!!
:: ثم الأوفياء لوطنهم وأهلهم، بالداخل تنعم قلوبهم بحب الأهل والديار كانوا أو بالخارج يحملون الأهل والديار عشقاً نبيلاً في قلوبهم.. ويبقى التذكير، لنفسي، ولشعب كل فرد فيه يفتخر بالانتماء إليه، بأن مائدة الإفطار العامرة بأهل الحي في الشارع العام، أمام بيت كبير الحي أو في بهو المسجد وصحن المسيد، ثقافة سودانية يجب ألا تندثر وتتلاشى.. ومهما كانت ظروف الناس وأحوالهم التي لم تعد خافية، يجب أن نعض على قيم التآخي بالنواجذ.. وتقبّل الله صيامكم وتصوموا وتفطروا على خير في (وطن الخير)..!!