الناظر إبراهيم موسى مادبو
هو ناظر عموم الرزيقات، تولى نظارة الرزيقات في عام ١٩٢٠ واستمر حتى عام ١٩٦٠م، وخلف في نظارة الرزيقات والده الناظر موسى مادبو علي. والذي كان له الفضل في توحيد الرزيقات، بل قادهم في رحلة الهجرة من أم درمان إلى أبو جابرة شرق دارفور بعد سقوط دولة المهدية.
الناظر إبراهيم موسى يسميه الرزيقات (قيد البكر) وهي البقرة التي تلد لأول مرة من شدة قوته. كان شديد المراس، قوي الشكيمة، صاحب بصيرة نافذة وعقلٍ راجحٍ، كان رجلا تقيّاً وعابداً وعادلاً، كان صاحب قرار.
اتّسم عهده بالعدل بين الرعية وثبات واستقرار أرض الرزيقات، بل كان عهده من أرخى العهود، كانت له علاقات مُمتدة مع كل قبائل دارفور والسودان.
كان رجلاً تجاني المنهل، وفارق الأنصارية نهائياً، والتي كان أغلب عشيرته تتبعها، وكان من مؤسسي الحزب الجمهوري الاشتراكي ولا علاقة له بحزب الأمة.
كان رجلاً مُعتداً بنفسه وقبيلته، في ذلك أسّس نظاماً اجتماعياً تكافلياً خاصاً بالقبيلة وهو نظام المطامير والشون لحفظ عيش احتياطي لظروف الجفاف وللمساكين وضعاف سكان البلد والقبيلة، وكان يجمع في الدرت وعمل في ذلك ربطاً على كل عُمدة.
كذلك عمل مشروع جمع غنم وبقر تُوزّع على المساكين والفقراء، وأدخل نظام حلب الشوايل، وعمل نظاماً لتحسين الخيول لأنّها دابة الحرب والسفر.
ومنع إحضار زكاة الرزيقات إلى دائرة المهدي وجعلها محلية لأهله.
من مواقفه المشهودة، منع الخمور بما في ذلك المحلية وحتى التمباك في عموم دار الرزيقات، وكان في غيبة من البلد، صدّق مُفتشٌ صَغيرٌ برخصة لأحد المسيحيين لتجارة الخمور، ولما عاد الناظر الى الضعين وعرف ذلك، أحضر صاحب الرخصة وخمره وأمره بتكسير الزجاج ودفنه وجلده أربعين جلدة وطرده من دار الرزيقات نهائياً.
الناظر ابراهيم هو الذي حوّل عاصمة دار الرزيقات من أبي جابرة الى الضعين.
من مواقفه، إنه زار إنجلترا للعلاج، دعته الملكة لقصر برمنجهام وأقامت مأدبة على شرفه ولا يحدث ذلك إلا لرؤساء الدول.
في طريق عودته جاء عبر القاهرة، وعرف بذلك الرئيس عبد الناصر، وكلف صلاح سالم بإبلاغه بدعوة غداء ثاني يوم له في قصر عابدين، وقال لصلاح سالم أنا مسافر غداً واعتذر، ولكن الرئيس جمال لحرصه لمُقابلته، جعل المناسبة عشاء ذات الليلة، ولبّى الدعوة ووجّه دعوة مماثلة للرئيس جمال لزيادة دار الرزيقات وتمت الزيادة في بحيرة سبدو جنوب شرق الضعين.
وتوفي هو قبل حضورها وحضرها خلفه الناظر محمود موسى مادبو. وهذه الزيادة أظهرت قوة ومنعة وكرم قبيلة الرزيقات.
أيضاً من مواقفه المشهودة، ان المتمردين احتلوا مدينة واو، وكان مدير جنوب دارفور الإداري إسماعيل حبه، أرسل الناظر ابراهيم موسى مادبو تجريدة من الفرسان بقيادة العمدة حامد برام عُمدة المحاميد في منطقة عسلاية غرب الضعين، وحرّرت واو وطردت المتمردين وسلّمتها للحكومة لاحقاً، ولما سُئل الناظر لماذا قام بذلك دون إذن الحكومة، قال إنّ للرزيقات مصالح في هذه المنطقة وهي امتداد مرعاهم، ولهم كذلك صلات طيبة مع الدينكا لا يمكن أن يسمحوا لأي جهة تهدد هذه العلاقات والمصالح.
وللناظر ابراهيم موسى مادبو مواقف وطنية وقومية ومحلية مشهودة، وكان من أعدل النُّظّار وكان ملاذ كل ضعيف.
توفي في صيف ١٩٦٠ بمدينة نيالا، ويوم وفاته أمطرت السماء، ودُفن في الضعين، ولديه مزار هناك.
وهو رجل من الزعماء العظام الذي لم يكتب عنهم كثير، ولكن يحفظ لهم السودانيون كثيراً من المواقف مشافهة.
رحم الله الناظر إبراهيم موسى مادبو وأسكنه فسيح الجنان في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصالحين.
تحياتي