لا عودة لما قبل الثورة والإنقاذ تعبّر عن مصالح فئات الرأسمالية الطفيلية
بعض الإسلاميين يقودون خط المصالحة لصالح عودة النظام لكن ….
حوار: أمنية مكاوي
الذكرى الثانية لسقوط لنظام الإنقاذ، هي ذكرى يجللها الفرح والفخر بانتصار شعب أعزل تميز بالعديد من هتاف الحناجر والإيمان بانتصار القضية، على نظام لم يكن يأبه بنزيف دماء الآلاف من شباب الوطن الذين قدموا أنفسهم فداء له، بل ولم يأبهوا سطوته، لكن تناسي الشعب حجم قضيته الذي سماها ثورة ديسمبر المجيدة التي كان شعارها القوي (حرية سلام وعدالة) لكن مساحة الفرح في هذه الذكرى الثانية، جاءت أقل وأضيق بكثير من مساحة الذكرى الأولى للثورة رغم أنها جاءت مع اقتراب الشهر الكريم، فالجميع محبطون ويشعرون بالخذلان تجاه ضآلة الإنجازات، لمطالب الثورة والثوار.
في هذه الذكرى التقت (الصيحة) بالقيادي بحزب البعث الاشتراكي محمد ضياء الدين، فماذا قال:
*أين كان محمد ضياء الدين ليلة السقوط؟
كنت في الاعتقال منذ بداية الحراك وخرجت في ١١ أبريل.
*قصة اعتقالك قبل السقوط وكيف كنتم تتلقون أخبار الثورة؟
تم اعتقالى مع حوالي ١٢ عضواً من الهيئة العامة في اجتماع بدار البعث بالسجانة قبل نهاية ديسمبر ٢٠١٨، بعد يوم واحد من عودتي من العلاج بالخارج. مكثت في المعتقل أسبوعين، ثم تم إطلاق سراحى لمرضي، ومن جديد بعد أسبوع واحد فقط تم اعتقالى، وخرجت من المعتقل في ١١ أبريل بعد إعلان السقوط.
*هل كان لكم علم بسير المواكب داخل الأحياء؟
كانت دائمًا ما تصلنا الأخبار في المعتقل عبر عدة طرق، من خلال زيارات بعض الأسر، ومن المعتقلين الجدد، ومن بعض المعتقلين الذين يتم التحقيق معهم، ومرات حتى من بعض عناصر الأمن.
بالتأكيد لم يكن لنا تواصل مباشر بالمواكب.
*ماهي تداولات ليلة السقوط؟
لأننا بين جدران المعتقل، أصبحنا نسمع الهتافات وصوت الرصاص، وكانت تصلنا أخباراً مقتضبة عن الاعتصام رغم التعتيم.. الروح المعنوية للمعتقلين في قمتها. كنا حينها نتداول سيناريو السقوط. وكان تخوفنا من دور مرتقب باسم الجيش (انقلاب قصر)، وخسائر كبيرة في الأرواح، وكان الخوف الأكبر هو احتمال الدخول فى مرحلة من مراحل الانزلاق الأمني، وكثير من تحليلاتنا كانت تتأسس على معلومات ناقصة نتيجة الاعتقال والظروف المحيطة بالمعتقل .
*هل تحالف الحرية كان واثقاً من سقوط النظام؟
قوى الحرية والتغيير تكونت أثناء الحراك، قبلها كان هناك أكثر من تحالف سياسي على رأس تلك التحالفات قوى الإجماع الوطنى وهي القوى الرئيسة التي تأسست على مقاومة النظام والعمل على إسقاطه.. لكن الأهم أن الشعب بقيادة قواه الوطنية كان مؤمنًا بسقوط النظام.. هذا الإيمان عبر عنه الإصرار ورباطة الجأش التي أسقطت النظام في نهاية المطاف.
*ماهي المخاوف التي كانت وقتها؟
كثير من المخاوف، لأنه كان داخل علينا شهر رمضان الخوف كان من تراجع قوى الثورة، والخوف من فقد أبناء الوطن بسبب السلاح.
*ما هي حقيقة التفاف العسكريين حول الثوار لحمايتهم؟
الشعب السوداني لن ينسى المواقف البطولية لصغار الضباط وضباط الصف والجنود الذين انحازوا للثورة وحموا الثوار أمام القيادة، في وقت كان فيه بعض كبار الضباط يؤدون فروض الطاعة والولاء لقائدهم المنهار حينها، هؤلاء الشباب الأبطال الذين نجهل أغلبهم سيأتي الوقت المناسب ليكرمهم شعبهم، هؤلاء الشباب يجب أن يكونوا نواة الجيش الجديد صاحب العقيدة الوطنية المنحازة لإرادة الشعب.
*في اعتقادك العسكر مع تفكيك النظام البائد؟
العسكر كانوا جزءاً من النظام ولجنته الأمنية، أعلنوا انحيازهم للجماهير ضمن ظروف معلومه للجميع، توازن القوى والظروف المحيطة بالتغيير حينها أسهمت في أن يكونوا ضمن مؤسسات السلطة الانتقالية.
لا أحد ينكر دورهم المنتظر إذا تطابقت أقوالهم مع أفعالهم فى قضية إزالة التمكين، ومن جانب آخر إذا اعتبرنا لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد هي الجهة المعنية بتفكيك بنية النظام الساقط، نستطيع القول إن موقف العسكر من اللجنة ليس بالإيجابي، وهو ما أدى لطرح سؤال هل العسكر مع تفكيك النظام؟
*هل الحكومة قائمة على المصالح الشخصية؟
الحكومات تعبر عن مصالج فئات اجتماعية، حكومة الثورة يفترض أن تعبر عن مصالح الفئات الاجتماعية التي قادت الثورة وأحدثت التغيير. كما كانت سلطة الإنقاذ تعبر عن مصالح فئات الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية.
*في رأيك ما هو السبب في تعطيل تكوين مؤسسات السلطة الانتقالية؟
أسباب كثيرة متداخلة منها ما هو ذاتي يخص قوى الحرية والتغيير، ومنها ما هو موضوعي لطرف مؤسسات السلطة الانتقالية، وأيضاً من الأسباب المعلومة انتظار استكمال خطوات تحقيق السلام الشامل، بما يضمن مشاركة حركات الكفاح المسلح في كامل المؤسسات الانتقالية.
*جاء في اتفاق جوبا للسلام دمج الجيوش هل الأمر بهذه السهولة؟
أمر الدمج والتسريح، مسألة فنية معقدة تحتاج لأصحاب الاختصاص الفني للإجابة الدقيقة على تعقيداتها.
لكن كسياسي أقول إن ما تم الاتفاق عليه في جوبا واجب النفاذ في كل بنوده، وعلى جميع الأطراف أن تحافظ على الإرادة والعزم الذي تم به التوقيع على اتفاق جوبا من أجل تنفيذ بنود الاتفاق حسب المصفوفة المتفق عليها بندًا بندًا.
*لماذا رفضتم في وقت سابق دعوة الحوار مع المؤتمر الوطني؟
أولاً، لا يوجد حزب بهذا الاسم بعد أن تم حله، ثانياً. كيف نحاور الأموات.
ثالثاً.. لم نحاور المؤتمر الوطني عندما كان في الحكم، فكيف نحاوره بعد أن شبع موتًا. (بعدين هو بالله دعا لحوار؟ لم أسمع بذلك..
وإذا كنت تقصدين من السؤال عن دعوة المؤتمر الوطني للحوار عندما كان فى السلطة، فموقف البعث كان واضحًا حينها، ولا حاجة لي في الإسهاب في التوضيح.
*كيف تقيّم تنفيذ اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية؟
بالتأكيد لم يتم تنفيذ كامل بنود اتفاق سلام جوبا، هناك مصفوفة زمنية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، فقط نتطلع للالتزام الجاد بالتنفيذ.
*الآن هناك قوى سياسية تنادي بالمصالحة الوطنية، ما رأيك؟
(مصالحة مع منو)؟ أحياناً تطرح مثل هذه الأمور بغرض ولأغراض معروفة لا تنطلي على أي ناشط سياسي. بعض الإسلاميين يقودون هذا الخط مشكلين مظلة لعودة النظام الساقط من بوابة المصالحة. نؤكد لا عودة لما قبل الثورة.