السلاح في دارفور.. من أين المورد؟
تقرير: النذير دفع الله
لم يكن لأحد عاش في دارفور ثمانينيات القرن الماضي وإلى وقت قريب قبل مجيء الإنقاذ يتوقع أنه في يوم من الأيام سيشهد الانتشار المريع والكبير للسلاح في تلك البقعة الطاهرة، وأن يأتي يوم يكون فيه الموت والاقتتال أهون عند البعض من شرب الماء، ولكن ثمة من حاول شيطنة أولئك الأبرياء وزرع الفتنة والتحريض وتأليب الجانب العرقي والقبلي ومحاولة تسييس القضايا لأجل مصالح حزبية ضيقة، بينما تعتبر تلك الحدود المفتوحة على طول أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع امتداداً من لبيبا مروراً بتشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى، هي سبب دخول السلاح والممنوعات والمجموعات المسلحة والتي يستقر بها المطاف في دارفور محاولة صنع واقع جديد مستغلة في ذلك طيبة أهل دارفور، وشهوة قيادات المركز لاستثمار تلك المجموعات في صراعاتها السياسية وأجندتها الحزبية، فما بين انتشار السلاح وأهداف السياسيين قتل الآلاف من الأبرياء، وسفكت الدماء في وضح النهار، واستيقظت الفتنة من سباتها، فكان الموت هو المشهد الغالب في دارفور وإلى اليوم فمن المستفيد؟
النظام البائد
المختص في النزاعات المسلحة في دارفور وباحث حول اتفاقيات السلام عبد العزيز سليمان أوري، قال (للصيحة)، إن عملية إدخال ووجود السلاح في دارفور مرت بمراحل متعددة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفي كل مرحلة، ولكن ما يهمنا في السلاح هو المرحلة الحالية والتي كانت سبباً في الاقتتال الدائر خلال الأيام الماضية في ولاية غرب دارفور، مؤكدًا أن الجهة الأساسية في تغذية دارفور بالسلاح هذه الايام بالتحديد هي أنظمة تتبع للنظام، وأضاف أوري هنالك مجموعات تعمل على تأجيج النزاع في دارفور من أجل عدم اكتمال عملية السلام التي من شأنها أن تعود على دارفور بالأمن والتنمية والرخاء، والمستفيد الأول من هذه الزوبعة هي جهات معروفة. وشدد أوري أن المسؤولية الأساسية في وجود السلاح وانتشاره في دارفور ليس مسؤولية أي مواطن أو شخص أو مجموعة وإنما هي مسؤولية الدولة في الأساس الأول، كاشفاً أن نظام الإنقاذ تم تغييره من البشير وغيره، ولكن ما زالت المنظومة الأمنية هي ذات المنظومة التي كانت تحمي الإنقاذ والبشير، ولذلك يجب تغييرها كاملاً حتى تختفي هذه الآثار السالبة وأي إفرازات في دارفور تتحمل هذه الأجهزة الأمنية المسؤولية لأن من مهامها الأساسية حماية البلد وأمنها، مشيراً إلى أن المراحل التي مرت بها دارفور حول انتشار السلاح تحتاج لبحث حقيقي.
عقلية المركز
الناشط والقيادي في حركة التحرير مختار شايبو، أوضح (للصيحة)، أن 80% من السلاح المتواجد في دارفور يأتي من المركز وأحزاب المركز التي تحاول تصدير الصراع لإقاليم دارفور من أجل صناعة سياسات استعمارية وتجارة السلاح والتحريض والرشاوى، وأضاف شايبو أن أهالي إقاليم دارفور يتم استغلالهم في الحروب لتغيير الأنظمة المركزية، وهم أبرياء من تلك النزاعات، مشيرًا إلى أن جزءاً من السلاح المنتشر في دارفور يأتي من دول الجوار وبعض الدول التي كانت تخدم أجندة محددة بواسطة نافذين في الدولة ومنها السلاح الذي جاء به القذافي لدارفور في إطار ما يسمى بالتجمع العربي أو الاستيطان العربي، مبينًا أن النزاع الذي كان دائرًا في دارفور وشرق تشاد سابقاً واستغلال بعض الشخصيات لتنفيذ تلك الأجندة وبعض القبائل العربية في دارفور التي تم استغلالها من قبل حكومة الصادق المهدي سابقاً، حيث كان السلاح يأتي لهذه القبائل عبر البوابات المفتوحة والتي تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر من ليبيا وتشاد والنيجر ومالي، يتم استغلال تلك الحدود للأعمال غير الشرعية، ومنها تجارة السلاح.
وكشف مختار أن ما يعرف بالمرتزقة الأولى والتي تم تكوينها جاءت من وادي هور ومن فيافي تشاد كان السلاح الذي يأتي لتلك المجموعات من ليبيا، حيث دخلت تلك المجموعات للخرطوم وكان الغرض هو خدمة أجندة محددة لأنظمة محددة ولجهات محددة، أين اختفت تلك المجموعات، لذلك لابد من آثار سلبية ناتجة من تلك التكوينات القبلية والحزبية، مشددًا على أن أي مجموعات معارضة من أفريقيا الوسطى أو تشاد ينتهي بها المطاف بدارفور، وأكد مختار أن المركز يستغل تلك الصراعات وينشئ بها مليشيات جديدة تستخدم فيها القبلية لتحقيق الأجندة السياسية والحزبية، مطالباً المركز برفع يده من الأقاليم وبالتحديد دارفور وعدم إقحام الفبائل والضعفاء في الصراعات السياسية.
وقال شايبو إن الصراع الذي يحدث في ولاية غرب دارفور وبقية مناطق دارفور هو عدم تنفيذ اتفاقية جوبا. وترحم على أوراح الذين سقطوا من الضحايا في الجنينة وكل مناطق دارفور، ودعا بالشفاء للمصابين والجرحى، وأن يجعلها الله آخر الأحزان والحروب والنزاعات في دارفور وفي كل السودان .