مباحثات الحكومة والحلو.. فتح (جوبا) أم اتفاق جديد؟
تقرير- نجدة بشارة
من المنتظر أن تعاود الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو المباحثات مع الحكومة الانتقالية في نهاية شهر أبريل عائدة إلى طاولة جوبا للمفاوضات مجددًا بعد أن قفزت من الطاولة قرب إعلان اتفاقية السلام بساعات معدودة، بحجة عدم الاتفاق على فصل الدين عن الدولة.
ومؤخرًا أعلن رئيس الوساطة بجنوب السودان، للسلام في السودان، توت قلواك، عن انطلاق المفاوضات بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في الخامس والعشرين من مايو المقبل بجوبا، بعد أيام من اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه الحلو مع البرهان.. وبالمقابل يتساءل متابعون عن الجولة القادمة هل ستكون في ذات الإطار السابق لاتفاقية جوبا وتتطابق مع منهجها..؟ أم ستكون تحت منهج وإطار جديد؟.
محطة جوبا
وكان رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، استقبل رئيس الوساطة الجنوبية توت قلواك.
وقال قلواك في تصريح صحفي إن إتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، بمدينة جوبا مؤخراً، أرضى جميع الأطراف.
وأضاف: أن الخامس والعشرين من مايو المقبل سيشهد انعقاد أول جلسة للتفاوض بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية شمال لترجمة ما تم الاتفاق عليه، مشيراً إلى الدور الكبير الذي لعبه وفد الحكومة برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو وعضوي المجلس، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ومحمد حسن التعايشي، في التوصل إلى اتفاق جوبا لسلام السودان .
على صعيد آخر قال قلواك إن لقاءه برئيس مجلس السيادة تطرق لقضايا السلام والاستقرار والملفات المتصلة باتفاق جوبا لسلام السودان، وسير عمليات تنفيذه، مبيناً أن اللقاء استعرض كل خطوات التنفيذ بدءًا من تكوين الحكومة الانتقالية وأجهزتها ومجلس السيادة.
وقال إن هنالك لجاناً تعمل حاليًا على معالجة القضايا المتصلة بالحكم الإقليمي وتعيين الحكام، بجانب متابعة مسار تنفيذ الترتيبات الأمنية، مضيفاً أن اجتماعًا مشتركًا سيلتئم بين الوساطة والأطراف الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
إزالة العقبات والمتاريس
ويرى مراقبون أنه ليس سهلًا وضع الحركة الشعبية في إطار ثابت، فقد ظلت الصفة الملازمة لها منذ بداية مفاوضات جوبا القفز في منتصف الطريق، ما يجعل استمرارها في الشراكة مع الحكومات أشبه بالمعجزات. بيد أن اتفاق إعلان المبادئ منح الأمل لبدء مرحلة جديدة للاتفاق بين الحركة والحكومة خاصة وأن الاتفاق على فصل الدين عن الدولة أزال المتاريس والعقبات الكؤود التي كانت تقف حجر عثرة أمام الوفاق.
ويرى المحلل السياسي عبد الله خاطر في حديثه لـــ(الصيحة) أن المناخ الآن بات مهيأ أمام الحركة الشعبية بعد التوقيع على إعلان المبادئ.. وتبين للشعب السوداني أن فصل الدين عن الدولة ليس المعني به الدين وإنما مجرد أطر سياسية وتوقع أن يكون الاتفاق القادم بذات الإطار وأقرب لنصوص وثيقة جوبا مع اختلاف في بعض البنود المتعلقة بعلمانية الدولة.. وتوقع أن تضم الطاولات ذات الأشخاص الذين جلسوا للمفاوضات السابقة.
اختبارات صعبة
ويرى خاطر أن دولة جنوب السودان قدمت نموذجًا للإرادة الصلبة التي مهدت ورصفت للحركات طريق السلام، وبالتالي فإن الوساطة ربما ستفاوض بذات الأهداف، وقال إن حركة الحلو ستخضع لاختبارات سياسية صعبة إذا أرادت ضمان استمرار علاقتها بأصحاب المصلحة من الذين عانوا ويلات الحروب طيلة السنوات الماضية.
وأكد أنه تقع على عاتق قادة الحركة المسلحة أدوار فاعلة لتخفيف صعوبة الأوضاع المعيشية في أقاليم الهامش، لأن تخليهم عن حمل السلاح سوف تكون له آثار إيجابية على توجيه ميزانيات الحروب لصالح التنمية في مناطق الحروب.
إعلان المبادئ
وجاء في بنود الاتفاق لإعلان المبادئ أن “السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية.”
وأشار إعلان المبادئ إلى “تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة، وأن لا تفرض الدولة ديناً على أي شخص، ولا تتبنى دينًا رسمياً”.
وأكد الاتفاق الموقع بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية أن “الحل العسكري لا يقود إلى سلام واستقرار دائمين”.
ورجح خبراء أن اتفاق المبادئ سيكون “بداية حقيقية وفعلية لإظهار التزام حكومة الفترة الانتقالية بالتصميم على التغيير، التغيير الحقيقي الذي يقود إلى سلام عادل، وسلام منصف، سلام مُرضٍ لجميع الأطراف.
فيما رأ الحلو أن “الاتفاق يمهد لمفاوضات أوسع ترمي لترجمة المبادئ المتفق عليها إلى نصوص وبنود تضمن دوران عجلة التغيير في البلاد واستمرار جهود الإصلاح للانتقال من الشمولية إلى رحاب الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان”.
ذات المنهج ولكن!
المحلل السياسي د. صلاح الدومة توقع في حديثه لـــ(الصيحة) أن المباحثات القادمة ستكون في ذات المنهج والإطار القديم لاتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة وحركات السلام.. وقال إن الحلو ظل يجلس إلى طاولة التفاوض لحين اقتراب التوقيع النهائي.. وأردف أن المباحثات متوقع أن تبدأ من حيث انتهت.. ولكن النصوص التي تم تعديلها بالوثيقة الدستورية قد لا يُعاد فتحهها نسبة إلى أن الاتفاق لا يعلو على الدستور.
وتوقع الدومة أن تكلل المباحثات القادمة بالنجاح وأن يلحق الحلو بركب السلام الشامل.