الطاهر ساتي يكتب.. (فرق الفهم)
:: قانون جديد للاستثمار.. ولعلكم تعلمون بأن من شروط المُساعدات الخارجية تعديل قوانين كثيرة، منها قانون الاستثمار.. وتحدث رئيس الوزراء عن القانون الجديد، موضحاً بأنه يوفر بيئة جيدة لجذب المستثمرين الأجانب، وتقريباً هذا ما نسمعه – من المسؤولين – عند إجازة كل قانون جديد للاستثمار.. والقانون الجديد – المُحتفى به حالياً – يُعد السابع في الترتيب خلال العقد والنصف الأخير.. فالحكومة السابقة كانت (مُدمنة قوانين)، وكانت تشرع قانوناً جديداً للاستثمار كل ثلاث سنوات..!!
:: والمدهش أن كل قانون كان يحتفظ بصفة الجديد حتى لحظة الإلغاء، ثم يصبح قديماً بعد إجازة (قانون جديد)، وهذا يعني أن فترة السنوات الثلاث لم تكن كافية بحيث تنطق الألسن اسم قانون الاستثمار بلا صفة الجديد.. وصحيح أن التطوير والتحديث من طبيعة الأشياء، وأن إلغاء أي قانون قديم واستبداله بقانون جديد يعني أن هناك تطويراً وتحديثاً ومواكبة لما يحدث في العالم من حولنا في قطاع الاستثمار!!
:: ولكن المؤسف، فإن كل قوانين الاستثمار – الجديدة والمتجددة – مخالفة لطبيعة الأشياء، بحيث كانت نصوصها مثل أصنام الجاهلية (لا تنفع ولا تضر)، أي لا تحرك ساكناً في دنيا الاستثمار، ولا تحدث تطويراً في قطاع الاستثمار، ولا تحل أزمات المستثمرين.. كانت مجرد قوانين يحتفى بها يوم إجازتها، بدليل عجزها عن إزالة أسباب هروب المستثمرين.. ونأمل أن يكون هذا القانون الجديد – الذي يتحدث عنه حمدوك – هو الأخير والأجدى والأقوى..!!
:: ولو لم يكن من مطالب دول الخليج، ثم مؤتمر باريس المرتقب – في مايو المقبل – لما أجازت الحكومة قانون الاستثمار.. فالحكومة – ما شاء الله – لا تتأخر في تلبية مطالب الخارج، ثم (تطنش) مطالب الداخل التي من شاكلة المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وغيرها من مؤسسات الدولة.. كيف يكون المستثمر الأجنبي مطمئناً في دولة تفتقر إلى أهم جهاز رقابي (البرلمان) وأقوى سلطة قضائية (المحكمة الدستورية)..؟؟
:: ولكي نقف على (فرق الفهم) بين مسؤولي البلدين، نقرأ مطلب فرنسا – من السودان – لإنجاح مؤتمر باريس.. قابلت سفيرة فرنسا بالخرطوم وزير الاستثمار الهادي إبراهيم، وقالت إن بلادها تُفضِّل مشاركة القطاع الخاص السوداني في مؤتمر باريس، وذلك لطمأنة المستثمرين الأجانب.. ثم اقترحت السفيرة وجود متحدثين رسميين من رجال الأعمال السودانيين يقدموا مشروعاتهم في كل قطاع، ونوهت أن لدى رجال الأعمال الفرص لعرض القصص والنجاحات.. هكذا الطلب الفرنسي..!!
:: فرنسا لم تطلب غير السماح لمن يستثمرون في بلادنا بالمشاركة في المؤتمر، ليتحدثوا عن مشاريعهم، فتطمئن قلوب الأجانب.. ولعلكم تذكرون، بزاوية الخميس عندما كتبت: (مع إصلاح القوانين وتقوية المؤسسات، فإن تقديم مشاريع نموذجية – للمستثمرين – أفضل من مليون ملتقى وطق حنك)، ما كنت أعلم بأن فرنسا أيضاً طلبت ذلك، أي عرض المستثمرين في بلادنا مشاريعهم، مع الحديث عن نجاحاتهم، وعن (المخاطر)، والتي منها مصادرة المشاريع – بدون محاكم – بواسطة (لجنة سياسية)..!!