المساجد.. ضبط المصنع:
هناك حالة من التهييج يقوم بها بعض أئمة المساجد في حالة من الاستغلال الواضح لعواطف البسطاء من خلال تقديم تعريفات خاطئة لاتفاقية البرهان والحلو.. ومثل هذا الخطاب الديني الموغل في الغلو والشطط ستكون له عواقب وخيمة في حال تركت وزارة الشئون الدينية الحبل على الغارب.. لذلك يجب أن تضبط الوزارة محتوى الخطاب الديني بأن يكون معتدلاً ومتماشياً مع المرحلة وروح الثورة.. ومن الواضح أن هنالك استغلالاً من بعض عناصر النظام المباد للمنابر لتهييج الناس وحقنهم بأمصال العصبية ودغدغة مشاعرهم بالخطاب الديني الزائف والشعارات البراقة والإسلام الشكلاني الذي أنتج الفاسدين والمفسدين..
على السيد نصر الدين مفرح أن يتوقف في هذا الأامر بجدية وقوة حتى لا يمتد ذلك المد الديني المغلف بالشعارات البراقة التي اكتشف الناس حقيقتها وأسقطوا من كان ينادي بها ويخدع بها البسطاء.
الدولة العلمانية:
على المستوى الشخصي لا أدعو للعلمانية ولكن بالمقابل لا أقف ضدها.. طالما أن السودان بلد بتكوينات مختلفة من حيث الأديان والثقافات والإثنيات.. ومن حق الجميع أن يعيش على مبدأ المساواة.. لأن الإسلام لم يفرض بحد السيف ولغة التعصب والخطاب الديني المتشدد الذي عادة ما ينفر ولا يقرب المسافات.. ولعل الخطاب الديني في السودان محشو بالأغراض والدين ليس هدفه الأول.. ومن يملأون المنابر بالزعيق عليهم أن يكفوا عن خداع الناس بذات الشعارات البالية التي رفعها النظام السابق الذي كان نظاماً فاسداً في كل مفاصله، وأبعد ما يكون عن دين الله.. الذي يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة وليس السرقة والقتل.. وهذه الشعارات المرفوعة حالياً هي تجارة بائرة وكاسدة لأنها تفتقر للمسوغ الأخلاقي.
محمد ميرغني:
دائماً ما كنت أقول بأن الفنان الجميل محمد ميرغني، هو الفنان السوداني الوحيد الذي لم يتغن بأي أغنية (هايفة) عبر تاريخه الغنائي الطويل.. فهو من العينة التي تجيد تماماً اختيار المفردات الشعرية المتجاوزة والألحان البديعة ذات الأبعاد المدهشة.. ومن ينظر للقائمة الوسيمة من أغنياته يلحظ ذلك ولا يجد بينها ولا أغنية واحدة ضعيفة من حيث تركيبتها الشعرية واللحنية.
الدقة التي يتسم بها محمد ميرغني جعلته واحداً من أعظم مطربي هذا البلد أن لم يكن أعظمهم على الأطلاق.. ولعل نجاح محمد ميرغني في أن يبقى بهذه العظمة يرجع لكونه مربياً ومعلماً تخرجت على يديه العديد من الأجيال التي تتبوأ الآن أعلى المناصب القيادية.
فنان بتلك الصفات والمواصفات يحق له أن يطلق الأحكام من واقع تجربته العريضة والكبيرة في الحياة والغناء والتعليم، وحينما يصدر محمد ميرغني أي حكم أو رأي على أي فنان فذلك يستوجب التوقف والتمعن والتأمل لأنه يصدر أحكامه من مخزون خبراته كفنان مؤهل تخرج من كلية الموسيقى ويمسك بكل تفاصيل العملية الفنية.
أحكام محمد ميرغني التي نطالعها في الصحف هي بالطبع تختلف عن تصريحات كمال ترباس التي دائماً ما تترك الجانب الفني وتتجه للشخصنة بينما محمد ميرغني يصدر تصريحاً علمياً يبعد عن القضايا الشخصية..
سمية حسن… ولا أغنية واحدة تمشي في الشارع:
سمية حسن.. صوت لا يشبه إلاّ نفسه غير قابل للتكرار أو الاستنساخ، فهي فنانة نسيج وحدها تتمتع بقدرات تطريبية هائلة ومدهشة، وهي منذ زمن باكر استطاعت أن تحفر اسمها في ذهن المتلقي للغناء.. وسمية عرف عنها قدراتها العالية في التحرك في كل السلالم صعوداً وهبوطاً مع القدرة على التلوين في الأداء.. تلك الخصائص والمكونات صقلتها عبر الدراسة في كلية الموسيقى وهي من الفنانات الأوائل اللائي انتبهن لضرورة صقل الموهبة عن طريق الدراسة، لذلك كانت سمية حسن في طليعة بنات جيلها المتعلمات.. وسمية حسن رغم اسمها العريض والكبير في مجال الغناء ورغم تاريخها الطويل الذي يمتد منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، ولكن الى الآن لا يعرف لها المستمع ولا أغنية واحدة.. وهي رغم أن رصيدها من الأغنيات كبير، ولكن كل هذه الأغنيات بعيدة تماماً عن المستمعين. ويظل السؤال حاضراً.. لماذا رغم تاريخها الطويل لا نعرف أو نحفظ لها ولا أغنية واحدة؟