(1)
لم يكن يعلم ذلك الفتى اليافع أنه على مَوعدٍ مع القدر ليلعب دوراً كبيراً ومهماً في قيادة إحدى المؤسسات الإعلامية العريقة، وإن تراءت له بعض الأحلام، وهو يقف على شباك البريد لمُراسلة برنامج المسابقات الشهير (جرِّب حظك) لأحمد خوجلي صالحين، وهو يتخيّل وقع رسالته وهي تقرأ لمُستمعي الإذاعة السودانية، إذن كان تحدياً مع الذات خاضه ذلك الفتى اليافع الذي جاء إلى الدنيا في العام 1949، ومنذ صرخة الميلاد الأولى بدا القدر في تسطير ملامح مشواره الإعلامي لتتكشّف مواهبه في الكتابة للأطفال والأسرة منذ المرحلة الثانوية، ونشأت حينها علاقة وطيدة بينه وبين هُنا أمدرمان، ليلتحق بها في نوفمبر العام 1972 بمجرد تخرجه في جامعة أمدرمان الإسلامية حاصلاً على بكالوريوس الآداب.
المدير العام للهيئة العامة للإذاعة القومية، السابق معتصم فضل عبد القادر، التحق بالإذاعة السودانية مخرجاً استهوته في البداية تجربة إخراج برامج الأطفال ليضع لمساته الأولى في ذلك العالم ليكتب سيناريو حُب كبير بينه وبين هذه الشريحة استمر منذ العام 1975 حتى اليوم.
(2)
أظهر فضل، قُدرات عالية في مجال الإخراج، أرغمت رؤساءه على ترقيته كبيراً للمُخرجين في فترة لا تتجاوز السنوات العشر.. أخرج العديد من البرامج الإذاعية الناجحة في مجال المنوعات والثقافة، إضافةً لبرامج الأخبار والسياسة.. المشاركة في إعداد وتقديم أكثر من 20 برنامجاً إذاعياً من أبرزها: شخصيات خلّدها التاريخ، جوله النهار، غريبٌ وعجيب, دراما، كلمات وألحان، مسابقات ورحيق السنين.
(3)
وفي مجال المنوعات، تألق نجمه وسُرعان ما استحق لقب ملك المنوعات.. تدرّج بعدها فضل ليصبح رئيساً لإدارة الإخراج في العام 1986.. ثم مديراً لإدارة التنفيذ.. أخرج خلال تلك الفترة العديد من البرامج في مجال المنوعات.. ومن أشهر البرامج التي أخرجها فضل في هذا المجال برنامج نفحات الصباح الذي قامت بتقديمه الراحلة ليلى المغربي.
برنامج البث المباشر هو أول برنامج صباحي يُقدّم على الهَواء مُباشرةً في الإذاعة السودانية, حيث كانت البرامج تُقدّم مُسجّلةً, وكان ذلك في العام 1988م.. برنامج بطاقات للكاتب صلاح التوم من الله.. برنامج الجريدة للكاتب سعد الدين إبراهيم.
(4)
لفضل، جولات سطّرت لتجربة مشهودة في مجال الدراما الإذاعية، وذلك عبر فترة إنتاج غزيرة شهدتها الإذاعة السودانية أثناء عمله فيها كمخرج.. البصمة الأولى لمعتصم فضل كانت عبر برنامج (حكاية من حلتنا) الذي جمع بين المُبدعين، الكاتب الصحفي سعد الدين إبراهيم والفنان الراحل عبد العزيز العميري وهو الراوي للحكاية، تجربة ثرة ومختلفة برزت من خلال هذا العمل رسخت في الذاكرة والوجدان.. وضع فضل لمساته الإخراجية على عدد من حلقات برنامج (دكان ود البصير) للكاتب عبد المطلب الفحل أحد كبار رموز التجربة الإذاعية في السودان.. أيضاً أنتج فضل حلقات من برنامج (الدرب القبيل) لمحمد خوجلي مصطفى وبرنامج (هذا الإنسان) لعثمان أحمد إدريس.