الخرطوم: سراج الدين مصطفى
زمن أندريا:
وليم أندريا لاعب سلة سوداني فاز مع المنتخب ببطولة العرب بالكويت عام 1975، وهو موسيقي يغني ويعزف على الجيتار، وفنان تشكيلي، قُتل في حادثة غامضة إبان محاولة الانقلاب على نظام الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري في الثاني من يوليو/ تموز 1976، والتي أطلق عليها آنذاك اسم “حركة المرتزقة والغزو الليبي”. وتزامن ظهور فرقة أندريا للجاز، والتي كان لها حضور كبير في مسارح وأندية الخرطوم مع حراك فني وثقافي وسينمائي كبير شهدته سبعينيات القرن المنصرم.. يقول الجزولي (إنه انشغل عبر كتاباته بتسجيل سير الحقب والأحداث بالسودان، لأن حفظ سير التاريخ بكافة نواحيه ومفاصله للأجيال اللاحقة، وتسجيل دقائق الوقائع وحفظها في أضابير التوثيق للأجيال القادمة، يشكل أحد عناصر نهضة الشعوب والحضارات.
خرطوم السبعينيات:
ويمضي الجزولي قائلاً إن اهتمامات جيل السبعينيات في الخرطوم تعددت بين السينما والمسرح والفنون التشكيلية والمنتديات الثقافية المفتوحة، وكانت المدينة قد احتفلت مع الموسيقار اليوناني العالمي ميكس ثيودراكس مؤلف الموسيقى التصويرية “لفيلم زد” الشهير، حيث تم استقباله “بسينما كلوزيوم” وسط العاصمة.
ويقول أيضاً إن الحياة الثقافية في السودان كانت زاخرة بالمكتبات العامة، وباهتمام الصحف والدوريات ونشر الإبداع، واشتهرت المقاهي بروادها من الشعراء والمسرحيين والصحفيين والفنانين كأندية ثقافية اجتماعية مثل “مقهى ود الأغا” و”جورج مشرقي” و”يوسف الفكي”.
زيارة جيمي كليف:
وفي تلك الفترة، زار المغني العالمي جيمي كليف السودان، واستمع إلى فرقة “البلوستارز”، التي كان من ضمن أعضائها وليم أندريا، وهم يتغنون بأغنياته، فانضم إليهم وشغف بأداء أندريا، ومن تلك الزيارة استوحى كليف إيقاعات حلقات الذكر بمنطقة حمد النيل غرب مدينة أم درمان لتأليف أحد “إلبوماته الغنائية”.
ويحكي الكتاب عن تلك الخرطوم التي كانت تتلاقى بين ربوعها حفلات الجاز ومباريات كرة السلة والمنتديات المفتوحة في المقاهي والأندية المختلفة، والتي تعيش في رحابة اجتماعية وفنية وثقافية لمجتمع متطور وسط كل ثقافات العالم.
تاريخ منسي:
ويروي الكتاب اهتمام الراحل وليم أندريا بالغناء والرياضة والتشكيل الذي أعطاه ملكة التعرف على المجتمع وسبر أغواره كفنان مبدع، كما أنه أوجد لنفسه أصدقاء لهم مكانتهم في الرياضة والفن، مما أسهم في تنمية موهبته وصقلها مع إجادته التامة للغناء باللغة الإنجليزية، إلا أنه اتجه للغناء باللغة العربية مع إيقاعات غربية سيطرت على إنتاجه الفني.
والتحق الراحل بمعهد الموسيقى والمسرح، ولم يكمل دراسته به لرحيله المبكر، إلا أن إدارة المعهد منحته درجة البكالوريوس مع الشرف في تخريج دفعته.
وزمن وليم أندريا الذي رسمه الكاتب يتعدى سيرة الفنان الراحل إلى سيرة مجتمع كامل في الفن والموسيقى والسينما والرياضة والإعلام من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون.