التوقيع على إعلان المبادئ.. ثم ماذا بعد؟
تقرير- نجدة بشارة
في خطوة مفاجئة وقعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو بجوبا عاصمة جنوب السودان أمس الأحد على اتفاق إعلان المبادئ بين الطرفين.
وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي خلال التوقيع إن التوقيع على اتفاق السلام سيقود إلى صناعة سودان للجميع وأشار إلى أن توقيع المبادئ مع الحلو بداية حقيقية للفترة الانتقالية.
من جانبه قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبد العزيز الحلو: نقدر موقف البرهان على توقيع اتفاق السلام وحرصه عليه، وأشار إلى أن إعلان المبادئ يتيح الحريات الدينية والعرقية ويحافظ على حقوق الإنسان في السودان.
ولعل التوقيع بين الحركة الشعبية والحكومة الانتقالية سترصف الطريق أمام اكتمال ملف السلام الذي ظل منقوصاً منذ توقيع الجبهة الثورية مع الحكومة أكتوبر المنصرم .. ووسط أجواء الفرحة والتفاؤل التي ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي ..يتساءل متابعون ماذا بعد إعلان المبادئ؟.
نص إعلان المبادئ:
ونص إعلان المبادئ التي جرى التوقيع عليها بين حكومة الفترة الانتقالية لجمهورية السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال قد اتفق الطرفان على عدد من المبادئ التي اعتبرت كإطار لحل الصراع في السودان: حيث اتفق الطرفان على العمل سوياً لتحقيق سيادة السودان؛ التأكيد على تاريخ وطبيعة الصراع في السودان مع الإشارة إلى أن الحل العسكري لا يقود إلى سلام واستقرار دائمين، وهذا يتطلب أن يكون التوصل إلى حل سياسي وسلمي عادل هدفاً مشتركاً لطرفي التفاوض.
السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية، وإذ نؤكد حق شعب السودان في المناطق المختلفة في إدارة شؤونهم من خلال الحكم اللامركزي أو الفيدرالي.
أضف إلى ذلك تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين وحرية الممارسات الدينية والعبادات لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة وأن لا تفرض الدولة دينًا على أي شخص ولا تتبنى ديناً رسميًا وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشئون الدينية وشئون المعتقد والضمير كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور.
ويجب أن تستند قوانين الأحوال الشخصية على الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية.
أضف إلى ذلك تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة بين جميع شعوب وأقاليم السودان للقضاء على التهميش التنموي والثقافي والديني واضعين في الاعتبار خصوصية مناطق النزاعات.
تضمنت الاتفاقية إدراج حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والواردة في المعاهدات الدولية (التي صادق عليها السودان) في اتفاقية السلام.
ثم يجب أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة يلتزم بحماية الأمن الوطني وفقاً للدستور، على أن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني وأن يكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة . يجب أن تكون عملية دمج وتوحيد القوات عملية متدرجة ويجب أن تكتمل بنهاية الفترة الإنتقالية وبعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدستور كما هو مشار له في الفقرة ، بجانب الاتفاق على ترتيبات انتقالية بين الطرفين تشمل الفترة والمهام والآليات والميزانيات وغيرها.
يعتبر ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين من ضمن عملية تطوير الوثيقة الدستورية لكي تصبح دستوراً دائمًا بنهاية الفترة الانتقالية.
ثم أن يتفق الطرفان على وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان.
خطوة تعزّز السلام:
وفي المقابل رحبت قطاعات واسعة شعبية وسياسية بالإعلان وعبر نائب الأمين العام للحركة الشعبية لقطاع الشمال الأستاذ “ياسر عرمان” عن ترحيبه بإعلان جوبا للمبادئ الموقع بين رئيس المجلس السيادي الانتقالي وعبد العزيز الحلو. وكتب “عرمان” في تغريدة على تويتر: إعلان جوبا للمبادئ الموقع بين رئيس المجلس السيادي برهان والرفيق عبد العزيز الحلو خطوة تعزز السلام وتعزز اتفاق جوبا، وتجد منا الترحيب الكامل.
إكمال نقائص:
قال القيادي بالجبهة الثورية إسماعيل أبو في حديثه لـ (الصيحة)، إن توقيع إعلان المبادئ خطوة كانت منتظرة وبالتأكيد لها ما بعدها من حيث أنها تشكل قوة دفع للسلام.. وأكد أن توقيع الحلو سيكمل نقائص اتفاقية جوبا التي رغم توقيتها أكتوبر الماضي إلا أنه ما زالت الأوساط تستشعر وجود نقائص أو حلقة مفقودة رغم أن الاتفاق السابق اهتم بكل التفاصيل من الترتيبات الأمنية والقضايا الاقتصادية؛ السياسية .. وأردف أن اتفاق الحلو سيعطي أملا جديداً لالتحاق الرفيق عبد الواحد محمد نور .. حتى يكتمل السلام.
وأردف: هذه خطوة مهمة.. فيما أكد أبو أن اتفاق الحلو أضاف عقيدة جديدة لاتفاقية السلام بالتوقيع على الحريات الدينية والعرقية .. إضافة إلى مبدأ فصل الدين عن الدولة .. والذي يشير إلى قرب اكتمال مدنية الدولة السودانية.
وتوقع أبو .. إعادة فتح الوثيقة الدستورية لتضمين الاتفاقية، وقال إن الوثيقة كانت ناقصة لعدم تضمين كثير من شعارات الثورة.
وقال: رغم أن الوثيقة الدستورية كانت حجر أساس لكن كانت ناقصة وأن اتفاقية سلام جوبا أضافت للوثيقة وبالمقابل ستفتح الوثيقة مجددًا لإضافة اتفاق الحلو، ومستقبل عبد الواحد إذا حدث اتفاق.. ويعد ركيزة لاستقرار السودان وبناء دولة وطنية حديثة تسع الجميع، وأن تنفيذه سيضع السودان على العتبة الأولى نحو التحول الديمقراطي، وأن الحكومة الانتقالية ملزمة باستكمال عملية السلام والعمل على انضمام عبد الواحد.
نجاح الفترة الانتقالية:
في المقابل، رحب رئيس الجبهة الثورية السودانية د. الهادي أدريس بإعلان المبادئ الموقع بين حكومة الفترة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال قيادة الحلو.
وقال إن هذا الإعلان يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح ويأتي استكمالاً لمسيرة السلام ولاتفاق جوبا لسلام السودان، ونثق أن ما ورد فيه من مبادئ ستؤسس لتفاوض بناء ومنتج بين الطرفين وستمهد للوصول لاتفاق يعزز السلام ويضع حداً للاحترابات ويضمن الأمن والاستقرار ويسهم في نجاح الفترة الإنتقالية.
ماذا بعد الإعلان:
قال المحلل السياسي د. الفاضل عباس (للصيحة)، إن ما بعد إعلان المبادئ نتوقع أن البلاد تسير نحو مصالحة كبيرة .. نسبة إلى أن الاتفاق تبناه المكون العسكري الذي كان يعتقد الناس أنه يقف يرفض فكرة علمانية الدولة .. وكون أن البرهان كان على رأس الاتفاق هذا يشي بأن السلام يسير في الطريق الصحيح.. وقال: صحيح أن هنالك غبارا كثيفً يثار ناحية مبدأ العلمانية التي وردت في صدر الإعلان .. لكن أؤكد أن تركيا التي تعتبر دولة إسلامية… دولة الخلافة الإسلامية.. لكن تطبق نظام العلمانية.. وفي ذات الوقت تدافع عن الإسلام والمسلمين على نطاق العالم .. وأردف: الدين للإله والوطن للجميع .. وأرى إذا حافظنا على هذا الشعار لما انفصل الجنوب .. وأعتقد أن إدخال الدين في السياسة يقود إلى مآسٍ وفتن.
وطالب أن تدرس الحكومة الدساتير العالمية لاسيما دستور الولايات المتحدة لتؤسس لدستور دائم .. يتيح المواطنة والحقوق لأصحاب كل المعتقدات الدينية المختلفة.