ابتلعهم النيل رحلة مسؤولي حلفا تتحوّل إلى مأساة!!
الخرطوم: محجوب عثمان
صباح أمس السبت، كانت مدينة حلفا بالولاية الشمالية تتهيأ لاستقبال وفد من الحكومة الاتحادية للوقوف على بعض المعوقات بمعبر أرقين، يضم وزيري الداخلية الفريق أول عز الدين الشيخ والنقل ميرغني موسى حمد، ورئيس الجمارك الفريق د. بشير الطاهر، ومدير الجوازات والهجرة اللواء آدم إبراهيم، ومدير حماية التعدين اللواء خالد حسن علي.
ولم يتوقّع الوفد الذي هبط مطار دنقلا وتوجّه نحو المعبر أن تتحوّل زيارته التي بدأت بترحاب كبير من والي الولاية آمال عز الدين، إلى كابوس قبل أن يصلوا مقصدهم..!
مأساة!
حينما تحرّك الوفد شمالاً، تزامن مع ذلك تحرُّك وفد من لجنة أمن محلية وادي حلفا عبر “لنش” بغرض عبور البحيرة ليكونوا في انتظار الوفد الاتحادي، ولكن عندما قطع “اللنش” التابع للقوات البحرية نصف المسافة البالغة نحو 5 كيلو مترات هبّت عليه رياح عنيفة أدّت لانقلابه رأساً على عقب وانتشر رُكّابه البالغ عددهم 14 في المياه بعضهم كانوا أسفل القارب نفسه.
سرعان ما اختفى 5 من ركاب القارب، حيث ابتلعتهم المياه، على رأسهم المدير التنفيذي لمحلية حلفا إسماعيل بلال، بينما استطاع 9 الوصول إلى القارب الذي كان حينها لا يزال طافياً، وتوجّه نحوهم صيّادون كانوا في المنطقة واستطاعوا إنقاذهم.
ناجٍ يروي الحادثة
وأكد المقدم محمد عبد الله عقلان الذي كان ضمن ركاب القارب لـ(الصيحة)، أنهم كانوا في طريقهم لاستقبال، وزير الداخلية والوفد الاتحادي، الذي يزور معبر أرقين، لافتاً إلى أنهم تحرّكوا في أجواء عادية من حلفا، لكنهم فُوجئوا بعد قطع نحو 3 كلم في البحيرة، برياح شديدة وموج عالٍ أدى لتعطُّل ماكينة العبّارة ومن ثَمّ انقلابها، وقال إنّ “الأمر تم في ثوانٍ معدودة”، مُبيِّناً أنّ العبّارة انقلبت فجأةً وقفز عدد من الركاب منها، وقال إنه كان تحت العبّارة بعد انقلابها وعندما خرج وجدها أمامه فسبح نحوها وتسلّق عليها رغم أنّها كانت مقلوبة رأساً على عقب، مُوضِّحاً أنّ كل من يُجيد السباحة توجّه نحو العبّارة، لكن الموج العالي منع وصول بعضهم مِمّا أدّى لغرقهم، وأشار إلى أنّ صيّادين كانوا في البحيرة شهدوا الحادثة، فقدموا نحو العبّارة وساعدوا في إنقاذهم، وأكّد استشهاد 5، منهم مدير شرطة محلية حلفا، والمدير التنفيذي للمحلية، ومدير الاستخبارات، ومقدم في هيئة الجمارك بحلفا.
روايةٌ أخرى
وأكّد مدير جمارك حلفا، العميد تاج السر أحمد عثمان وهو من الناجين، نجاة (9) أفراد، من بينهم مدير الجمارك، ومدير شرطة المحلية، ومدير الأمن والمخابرات، والمستشار القانوني لمحلية حلفا، وأحد أفراد القوات البحرية بحامية حلفا، الذين تم إنقاذهم عبر الصيّادين وانتشالهم، وأضاف أنّ “اللنش” تعرّض لارتفاع الأمواج في وسط البحيرة، ما أدّى لانقلابه.
الشرطة تُوضِّح
وقال بيان صادر عن رئاسة قوات الشرطة، إن الوفد هبط بمطار دنقلا وكان في استقباله والي الولاية ومدير شرطة الولاية وعدد من ضباط الشرطة، وواصل الوفد رحلته عبر البر إلى محلية حلفا برفقة لجنة أمن الولاية.
وفي الأثناء، تحرك وفد لجنة أمن محلية حلفا قاصداً منطقة أرقين للاجتماع بالوفد الاتحادي عبر “لنش نهري”، وشاءت إرادة الله أن يتعرّض لحادث غرق لسوء الأحوال الجوية، حيث كان يحمل 14 راكباً بصحبة المدير التنفيذي للمحلية وتم إنقاذ 9 أشخاص وإسعافهم لمستشفى حلفا وحالتهم مُستقرّة.
انتشال جثامين
وخلال نهار أمس، تم انتشال جثمان المدير التنفيذي لمحلية حلفا إسماعيل بلال، وبعده تم انتشال جثمان الرقيب في الاستخبارات العسكرية مدثر عبد العزيز وتمت مواراتهما الثرى في حلفا، بينما لا يزال كل من مدير شرطة حلفا العقيد جبريل النور والمقدم عوض عز الدين من استخبارات الجمارك وسائق القارب التابعة للبحرية في عداد المفقودين.
مُطالبة بقيام جسر “جُمَى”
ومساءً، وصل الوفد الاتحادي بقيادة وزير الداخلية إلى حلفا وقاموا بتقديم واجب العزاء، في وقت دعا فيه أهل مدينة حلفا وزير النقل والبنى التحتية لضرورة تنفيذ جسر “جُمَى” المُقترح للربط بين ضفتي البحيرة، مُشيرين إلى أن الجسر كانت قد تمّت دراسته خلال الأعوام السابقة بواسطة شركة تركية وضعت تصوُّراً لإنشائه، لكنها توقّفت، لافتين إلى أنّ عبّارة حلفا أرقين تسيِّر رحلتين أسبوعياً نحو أرقين.
حمدوك يترحّم
وفي الخرطوم، ترحّم رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك على أرواح شهداء القارب، وقال “اسأل الله تعالى الرحمة لمن فقدنا من الشهداء الذين لقوا ربهم وهم يقومون بواجبهم تجاه وطنهم وشعبهم”.
وأوضح بيانٌ صادرٌ عن مجلس الوزراء أنه بعد وصول هذه الأنباء، شرع مكتب رئيس الوزراء في الاتصال بالوفد المركزي الذي قطع برنامجه للوقوف على التطورات بعد الحادثة.