تسوية الديون.. خطوة للإعفاء ومسار للإصلاح الاقتصادي
تقرير- جمعة عبد الله
أدت تسوية الحكومة لمتأخراتها المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية، لتمكين البلاد من إعادة مشاركتها الكاملة مع مجموعة البنك الدولي بعد نحو ثلاثة عقود، في أعقاب سداد المتأخرات عبر قرض تجسيري بقيمة 1.15 مليار دولار من الولايات المتحدة، مما مهد الطريق للوصول لنحو ملياري دولار من منح المؤسسة الدولية للتنمية للحد من الفقر وتحقيق الانتعاش الاقتصادي المستدام على مدى العامين المقبلين.
السودان والبنك الدولي
يتمتع السودان والبنك الدولي بشراكة طويلة الأمد تعود إلى عام 1957 عندما انضمت البلاد إلى البنك الدولي للإنشاء والتعمير كان السودان أيضًا أحد الأعضاء المؤسسين للمؤسسة الدولية للتنمية في عام 1960. واصلت المؤسسة الدولية للتنمية دعم جهود السودان في القطاعات الرئيسية بما في ذلك الزراعة والري والبنية التحتية والخدمات المالية.
أهمية إعفاء الديون
يعد سداد المتأخرات مع المؤسسة الدولية للتنمية خطوة رئيسية نحو تلبية المتطلبات اللازمة للحصول على إعفاء شامل من الديون الخارجية في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون منعت متأخرات السودان من الحصول على تمويل من مجموعة البنك الدولي لما يقرب من ثلاثة عقود، مما حرم البلاد من مصدر مهم للتمويل لدفع النمو الاقتصادي والحد من الفقر.
طريق ممهد
أكد الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، أهمية سداد السودان متأخرات البنك الدولي ممهدًا الطريق للوصول إلى تمويل بقيمة ملياري دولار، وقال إن الإعلان عن هذا القرض التجسيري جزء من الاتفاق مع حكومة الفترة الانتقالية حال قيامها إزالة التشوهات من الاقتصاد على أن يسعى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لحل المشاكل المالية والديون، ولكن السودان لم يسدد هذا المبلغ لعدم توفره وما تم اليوم عبارة عن قرض تجسيري تدخلت الولايات المتحدة ودفعت عن السودان للبنك الدولي الديون المتأخرة، منوهاً إلى أنه حسب قوانين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إذا عجزت الدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاهه وسداد ما عليها من ديون سيتوقفون عن إعطائها أي ديون أخرى، وهذا ما حدث للسودان منذ سنوات،وتوقف البنك والصندوق عن التعامل مع السودان حتى يقضي ما عليه من ديون حتى يبدأ في التعامل الجديد، وقال: الآن بعد أن سددت الولايات المتحدة المبلغ نيابة عن السودان على أن يكون دينًا على السودان يرده للولايات المتحدة، أصبحت صفحة السودان بيضاء ويسمح له بالاقتراض من جديد، والآن فتح الباب أمام السودان لكي يقترض في حدود ملياري دولار من البنك الدولي، مؤكدًا أهمية هذا القرض في دعم الاقتصاد إذا أحسنت إدارة الموارد، ونادى بضرورة وجود ترشيد وخطة وإشراف دقيق من الدولة لمعرفة أين يذهب كل دولار من هذه المبالغ.
دفعة قوية
ومن المتوقع أن تفتح عملية سداد المتأخرات الباب فورًا للاستفادة من برنامج البنك الدولي للدعم الميسر من خلال التمويل المباشر بقرابة الـ 635 مليون دولار، وهو ما يشكل دفعة قوية لوضع السودان الحالي، منها مبلغ 215 مليون دولار كدعم مباشر للموازنة قد يؤدي إلى المضي قدماً باتفاق جوبا للسلام دون تعثر.
الاستفادة من التمويل
ويرى د. عبد الله الرمادي، أن تخصيص (420) مليون دولار لبرنامج ثمرات لا يفيد، واقترح تخصيص المبلغ لإنشاء جمعيات تعاونية ومشاريع إنتاجية لتوفير فرص عمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي والمساهمة في تخفيض الأسعار، واقترح الرمادي أن يخصص القرض لمشروعات البنى التحتية مثل تحديث أساليب المناولة البدائية وتحديث المواعين حتى بميناء بورتسودان حتى تواكب التطور العالمي بجانب زيادة كفاءة الميناء وتقليل تكلفة الرسوم بالميناء والتي تكون باهظة بسبب تأخر البواخر بجانب تطوير السكة الحديد والناقل الجوي والنهري والبحري الذي يفقد السودان جراءه الآن حوالي 1.5 مليار دولار سنوياً تكلفة الصادر والوارد.
وشدد الرمادي على أهمية محاربة الفساد ووقف التهريب للمنتجات المستوردة والمحلية، وبذلك يمكن أن ينهض السودان خلال خمس سنوات وينافس كثيراً من الدول وفي فترة وجيزة يمكن أن يكون من أوائل النمور الأفريقية المنطلقة اقتصاديًا.
إعفاء الديون
وقال: من الفوائد التي يجنيها السودان فتح الباب لإمكانية إعفاء ديونه التي وصلت وصلت 64 مليار دولار من أصل الدين البالغ 17 مليار دولار بفعل تراكم أسعار الفائدة، وأصبحت الديون تكبل السودان، وقال: على المفاوض السوداني أن يكون حصيفا ومليئاً بالوطنية وألا تكون هنالك مساومة لتخفيض الدين بل شكله كاملاً، ويجب أن يكون إصرار الجانب السوداني على ذلك حتى يتم التخلص من هذا العبء الضار الذي أثقل كاهل الاقتصاد السوداني.