تقرير- الباقر محمد صالح
تعهد مجلس السيادة الانتقالي بتنفيذ خارطة الطريق للمشروع القومي لجمع السلاح، وأعلنت «الجبهة الثورية» البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية المقررة في اتفاق سلام جوبا في الإقليم الشرقي. وتسلم النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، التوصيات الختامية لحلقة بحث المشروع: القومي لجمع السلاح «الإنجازات والتحديات وخارطة الطريق»، وتعهد بالعمل على تنفيذ التوصيات ومتابعتها حتى تتحقق نتائجها، وتكون على أرض الواقع سلاماً واستقرارًا للسودان. وأشار دقلو إلى أهمية مواصلة ورش العمل والندوات حتى تتحقق الغاية المطلوبة من مشروع جمع السلاح. وشملت توصيات حلقة البحث التي نظمها المركز الأفريقي لدراسات الحوكمة والسلام والتحول بالتنسيق مع لجنة جمع السلاح والعربات غير المقننة، أهمية التخطيط السليم لجمع السلاح وإضافة مرحلة خامسة للمشروع تتمثل في تجفيف المصادر.
السلاح غير المقنن
وأكد الأمين العام لمجلس السيادة الفريق الركن محمد الغالي على أن الانتشار والحيازة والتداول غير المشروع للأسلحة بوساطة المدنيين كان وما يزال المهدد الأكبر للسلم والاستقرار وتسبب في مخاطر جسيمة في الأرواح والممتلكات. وأضاف أن حكومة الثورة أدركت أهمية مخاطبة ظاهرة انتشار السلاح لتأثيرها على السلامة العامة، فأعادت تشكيل اللجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة وتكوين لجان فنية بالولايات برئاسة الولاة وتوفير الدعم الفني والميزانيات للجنة لوقف انتشار السلاح وتوفير الحماية للمواطنين.
إلى ذلك، أعلن وفد التحالف السوداني «الجبهة الثورية» البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية المقررة في اتفاق سلام جوبا في الإقليم الشرقي وعلى وجه الخصوص ولاية كسلا باعتباره أحد أجندة التحالف. وقال رئيس الوفد اللواء الطيب فضل الله الذي يزور ولاية كسلا إن التحالف سيشارك في تأمين الشريط الحدودي وتحقيق الأمن بما ينعكس مستقبلاً على تدفق الاستثمارات وبما يخدم البنية التحتية والاستقرار الاقتصادي والحفاظ على الثروات المعدنية في شرق السودان. وأعلن اللواء فضل الله تجاوز التحالف مرحلة الحرب وطي ملف كان شائكاً وتم التوصل إلى محاور عديدة متعلقة بتنفيذ مخرجات اتفاق جوبا وملف الترتيبات الأمنية في الإقليم الشرقي، وأشار إلى افتتاح معسكر في الولاية يضم كل قوات التحالف السوداني. وشدد على ضرورة إزالة المفاهيم التي تعتقد أن ملف الترتيبات الأمنية حكر على قطاع جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.
تعزيزات عسكرية
في الوقت ذاته كشف مسؤول حكومي، مؤخرًا عن أن الحكومة دفعت بتعزيزات عسكرية إلى كافة المعابر الحدودية البالغة 64 معبراً، لوقف التهريب. وقال مقرر اللجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة الفريق الركن الدكتور عبد الهادي عبد الله، إنه تم إرسال هذه التعزيزات استجابة للطلبات المتكررة من لجنته. واعتبر أن تعزيز القوات العسكرية المرابطة في المعابر الحدودية في بلاده سيحد من عمليات التهريب الواسعة خاصة السيارات والسلاح الوارد إلى السودان.
وشدد عبد الله على أن الهدف من نشر هذه القوات في معابر السودان البالغة 64 معبرًا مع دول الجوار هو وقف عمليات التهريب الواسعة من وإلى البلاد. وأعلن أن لجنته التي يرأسها الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، قررت البدء الفوري في الجمع القسري للأسلحة من أيدي المواطنين بعد أن انتهت مهلة التسليم الطوعي. وقال إن اللجنة قررت أيضًا وبصورة قاطعة مصادرة كافة السيارات غير المقننة التي دخلت عن طريق التهريب والمعروفة محلياً بالـ”بوكوحرام”، بجانب الدراجات النارية غير المرخصة لصالح وزارة المالية. وأضاف مقرر لجنة جمع السلاح ــ وهي تابعة للقصر الرئاسي بالخرطوم ــ أن قرار مصادرة السيارات غير المقننة سيكون نافذًا ولا رجعة فيه.
تجارب سابقة
وللسودان قصةٌ طويلة مع انتشار السلاح بصورةٍ عشوائية منذ سبعينيات القرن الماضي، إذ أثّرت الحروب في دول الجوار، مثل الحرب في تشاد غرباً، وتلك التي اندلعت بين إثيوبيا وإريتريا شرقاً، في انتشار كميات من السلاح بواسطة مجموعات تخرج وتدخل إلى الحدود السودانية المفتوحة دون أدنى صعوبة، كما انتشرت على الحدود أيضاً تجارة السلاح عبر مجموعات عابرة لها، تنشط في غرب أفريقيا وشرقها ووسطها. ويثير إقدام الحكومة الانتقالية على اتخاذ قرارٍ بجمع السلاح غير المقنن من أيدي المدنيين، الشكوك حول جدوى ومدى نجاح الخطوة، وذلك بعد فشل محاولات سابقة لجمع السلاح، آخرها من نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وقبل الإقدام على خطوات ملموسة لتحقيق السلام والمصالحة الشاملة في البلاد.
عقبات اللجنة
ويرى محللون سياسيون أن اللجنة الجديدة برئاسة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ستواجه عقبات مماثلة لما حصل في عهد البشير، خصوصاً في ظلّ النزاعات القبلية الحالية التي ظهرت مؤخراً في كل من نيالا والجنينة وبورتسودان وكسلا، وتسببت في هذا الوقت عدم الاستقرار الحالي، ويشير مراقبون ومختصون، أن عملية الجمع تحتاج إلى جمع معلومات أولاً، وإلى طائرات مسيّرة، وأجهزة للكشف عن الأسلحة وأماكن تخزينها وإشراك القبائل نفسها في تلك المهمة التي تعتبر معقدة للغاية.