وكيل الصحة الأسبق: وزارة الصحة شبه مشلولة و70% من مستشفيات الخرطوم مُغلقة
مصدر طبي: المستشفيات الحكومية تحتضر والدولة تجنح إلى الاستثمار في القطاع الصحي
الخرطوم: إبتسام حسن
(متردٍّ.. منهار.. بيئة عمل متهالكة) وغيرها من المفردات ظلت ملازمة للوضع الصحي بالبلاد، ويعرف القاصي والداني الحديث عن الوضع الصحي سيما أن المستشفيات مسرح يشاهده المواطن يوميًا ويحكم عليه ويعرف الجميع أن المواطن أصبح زاهدًا في اللجوء إلى المستشفيات الحكومية، ويتجه إلى مستشفيات القطاع الخاص رغم ضيق اليد، ويلجأ إلى ذلك كارهاً ببيع كل مقتنياته في سبيل بلوغ صحته، غير أن الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد اليوم خاصة بعد أن طرأت مستجدات كثيرة مثل إضرابات كل الأجسام ابتداء من إضراب نواب الاختصاصيين مروراً بأطباء الامتياز في أول إضراب لهم، ثم كوادر المختبرات الطبية وأخيراً إضراب الصيدليات وبلغ الوضع أوجه بقطع التيار الكهربائي عن المستشفيات والقطاعات الخاصة بها مثل شركة الأوكسجين.
أوكسجين
حذرت مصادر موثوقة لموقع “باج نيوز” من قبل من نذر كارثة كبرى في مستشفيات البلاد بما يهدد حياة المئات
من المواطنين بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن شركة الهواء السائل السودانية المسؤولة عن توفير الأكسجين للمستشفيات.
وقالت مصادر في الشركة إن شركة الهواء السائل تطلق نداء استغاثة عاجلة بخصوص انقطاع التيار الكهربائي عن المصنع لمدة تزيد عن ٣٠ ساعة مما يهدد حياة مئات المرضى في مستشفيات البلاد والتي تعتمد على خدمات المصنع بالكامل
وأكدت المصادر، أن الوضع خطير جداً بالمستشفيات في الوقت الحالي، وأن الكارثة على وشك الوقوع، وأوضحت أن اللجنة العليا للطوارئ الصحية، كانت قد تلقت تقريراً مفصلًا من إدارة شركة الهواء السائل والتي أوضحت فيه خطورة الموقف علمًا بأن درجة نقاء الهواء الصالح للتعبئة في الأنابيب يحتاج إلى ٤ ساعات للوصول إلى هواء نقي يصلح للتعبئة حتى حال وجود الكهرباء.
وكشفت المصادر أن كمية كبيرة من الأنابيب قد تسربت للمنازل خاصة وأن معظم المحجورين هم في المنازل مما أضعف قدرة المستشفيات في الإيفاء بالتزاماتها تجاه المرضى.
ونوهت إلى أن ولاية البحر الأحمر، واجهت وضعاً عصيباً الأسبوع الماضي، نتيجة لعدم وجود جازولين للعربات التي تحمل حصة الولاية من الأوكسجين والتي وصلت بعد عناء، وقالت إن هذه الشاحنات لا تزال في انتظار الوقود حتى ترجع إلى قواعدها في الخرطوم، كما أشارت إلى أن هناك نقصاً كبيراً في الأكسجين بالولايات الشمالية والغربية، وذلك لعدم وجود خط كهرباء ساخن للمصنع، علمًا بأن إدارة المصنع خاطبت كل الجهات المسؤولة بداية من ولاية الخرطوم ووزارة الصحة الاتحادية ووزارة الطاقة والشركة القابضة للكهرباء دون أن أن تكلل تلك المساعي بالنجاح.
قطع الخط الساخن
استهجن مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة ولاية الخرطوم د. عماد علي قطع الكهرباء وإدخال المستشفيات في البرمجة قرابة الأسبوع، وتساءل: من المسؤول الذي قام بمعاملة المستشفيات معاملة المنازل في برمجة الكهرباء.
وتهكم عماد على تردي الأخلاق وليس تردي الخدمات الصحية ــ على حد تعبيره.
وكشف في تصريح لـ(الصيحة)، أن مديري المستشفيات تم طردهم من قبل مسؤول لجأوا إليه للتفاوض حول قطع الخط الساخن عن المستشفيات، مؤكداً أن الحكومة لا تخصص أي ميزانيات للمستشفيات، وأنها تعتمد في تسييرها علي دخولات ذوي المرضى ورسوم الخدمات الأخرى، ووصف الأجهزة الموجودة بالمستشفيات بالمتهالكة، منوهاً إلى أن الخدمة الطبية خدمة مكلفة، وأن الخدمات المقدمة في القطاع الخاص تبلغ ١٠ أضعاف الخدمات المقدمة في القطاع العام، لذا يتوجب أن تدفعها الدولة، وقال: هناك فحص في المستشفيات الحكومية تبلغ قيمته ٧٠ جنيهاً فيما تبلغ قيمته في الخارج ٧٠٠ جنيه. وقال: المقابلة في العيادات المحولة لا تتعدى قيمتها ٧٠ جنيهاً
مرحلة الانهيار
وقال وكيل وزارة الصحة الاتحادية الأسبق د. سليمان عبد الجبار، إن الوضع الصحي وصل حد الانهيار، منوهاً إلى أن الخدمات الصحية أضحت تقدم في القطاع الخاص فقط رغم أنه هو أيضاً يعاني من مشاكل الكهرباء ومشاكل انقطاع الأكسجين بسبب انعدام الكهرباء، وأردف قائلاً إن القطاع الخاص أصبح المتنفس الوحيد وإن المواطن يتحصل على بعض الخدمات مقابل تكاليف باهظة.
ويقول سليمان في حديث لـ(الصيحة)، إن إدارة الرصد والتقصي أصبحت عاجزة عن رصد أي إحصائيات عن المرضى أو الوفيات لكي يعكسها للمواطن، وقال إن حصول المريض على الدواء أصبح صعباً للغاية، ويظل يبحث في عدد كبير من الصيدليات حتى يجد الدواء، فضلاً عن ارتفاع كبير في أسعار الدواء فقد ارتفع في بعض الأصناف من ٣٠٠ % إلى 700% وفي ظل هذا الارتفاع لا يستطيع القطاع العام توفير خدمة الدواء، هذا كله فضلاً عن عدم وجود الكادر الطبي بسبب الإضراب الذي نفذته جميع الكوادر الطبية من نواب وأطباء امتياز وصيدليات وتمريض.
ويقول سليمان، إن الوضع الاقتصادي زاد الوضع سوءاً، مؤكداً أن الكوادر تحتاج لزيادة أجور وترحيل كما يطالبون بالتدريب، مؤكداً وجود زيادة في عدد المرضى والوفيات، إلا أن وزارة الصحة لا تملك أي تقارير وأن جل البيانات تطلع من المستشفيات ووصف وزارة الصحة بشبه
مشلولة النشاط سوى من ورش عمل تدعمها المنظمات، وقال إن تلك الورش لا تخدم المواطن في شيء وإن الورش لا فائدة منها بقدر ما تخدم العاملين في الوزارة، وقطع بأنه لا توجد خدمة تنعكس على المواطن، وقال: يكثر الحديث عن خطة وضعت مع منظمة الصحة العالمية، إلا أنه لا يوجد فعل ملموس.
وكشف عبد الجبار عن أن 70% من مستشفيات الخرطوم مغلقة .
اختفاء الأجسام النقابية
يقول الوكيل الأسبق، إن الأجسام النقابية التي كانت تبرز السلبيات اختفت تماماً عن الساحة مثل الاتحادات والنقابات ورابطة الأطباء الاشتراكيين ولجنة الأطباء، مؤكداً أن جل الأجسام الثورية سكتت عن البوح، وقطع بأن المعاناة ملموسة في كل أنحاء البلاد .
قيادات من درجات دنيا
وأكد عبد الجبار، أن قطوعات الكهرباء من المستشفيات تشكل خطورة في ظل عدم وفرة وقود لتشغيل المولدات وارتفاع أسعارها، فيما وصف خروج الكفاءات من الخدمة المدنية بأنه غاية في الخطورة، منوهاً إلى أن الشغل التنفيذي هو أهم مشيرًا لضرورة وجود كوادر لديها خبرات تراكمية، وكشف عن تقلُّد كوادر مناصب قيادية كانوا في الدرجة الثامنة، مشدداً على أنهم ليسوا ملمين بكثير من التفاصيل، واصفاً ذلك بالأمر الأساسي، داعيًا لضرورة الركون إلى الوفاق حتى لا يضيع المواطن نتيجة الصراعات .
خطورة
وأكد عبد الحبار أن قطع الخط الساخن والكهرباء عن المستشفيات فيه خطورة، إذ أنها تؤدي إلى توقف العمليات الخطرة وتؤثر على المرضي في العناية المكثفة، فضلاً عن خطورتها على عمليات الغسيل بالنسبة لمرضى الكلى والحضانات، إضافة إلى المواقع التي تحفظ فيها الأدوية مثل الإمدادات الطبية والصيدليات، مشيرًا إلى أن توقف شركة الأكسجين من نتائجها وفيات الناس في منازلهم، مشيراً إلى تحلل الجثث بسبب انقطاع التيار.
المستشفيات الحكومية تحتضر
من جهته، وصف مصدر طبي رفض الإفصاح عن هويته الوضع الصحي بأنه يسير نحو الكارثي، وقال إن الوضع في المستشفيات (ماشي بالعناية الإلهية)، إذ أنه لا يوجد أي تخطيط للمشاكل، وأكد أن المستشفيات الحكومية تحتضر، منوهاً إلى أنه لا توجد خدمات منذ الدخول من الباب حتى خروج المريض منها، وتهكم على انقطاع الأكسجين بسبب قطوعات الكهرباء، إذ أنه أهم وأبسط خدمة، ووصفها بالكارثة، إذ أن إنقاذ حياة الإنسان يعتمد على توفر الأكسجين، ووصف انعدامه بالكارثة.
انعدام الخطة
واستهجن المصدر في تصريح لـ(الصيحة)، عدم وجود خطة واضحة من الوزارة بالرغم من أن الوزير قضى شهراً كاملاً في الوزارة، وقال إن الوزير الذي تمت إقالته من قبل وهو د. أسامة تمت إعادة تسميته وكيلاً للوزارة، منوهاً إلى أن الكوادر العاملة تعمل بنفس عقلية العهد البائد، واستنكر أن تعتمد المستشفيات في تسييرها على دخولات الزوار والفحوصات المعملية على قلتها، في حين لا تخصص الدولة أي ميزانيات، وقال إن الدولة تجنح إلى الاستثمار في القطاع الصحي، منوهاً إليى أن ذلك يمثل نفس عقلية النظام البائد، ووصف المعامل الحكومية بشبه المنهارة، وأكد أنه لا توجد فحصوات تجرى بالمستشفيات الحكومية رغم وجود الكادر المعملي جهة أنه لا توجد معينات عمل مما يجبر المريض على أن يجري فحوصات خارج المستشفى بـ٨ آلاف جنيه، ونوه إلى أن العمليات أغلبها متوقفة نسبة لعدم توفر معينات بسيطة واكتمال “الاسطاف” مما يضطر المريض لإجراء عملية بقيمة ٥٠ ألف جنيه في القطاع الخاص تبلغ تكلفتها في القطاع العام،١٥٠٠ جنيه، وقال: مشكلة المستشفيات أنها لا يأتيها دعم من وزارة الصحة، فضلاً عن الظلم الواقع على الكوادر الصحية، ووصف العمل بالمستشفيات الحكومية بالطارد.