(1)
حينما يتحدث الناس عن انتشار الأغنية السودانية في الوطن العربي.. لابد أن يتوقف الجميع في سيرة ومسيرة الفنان الراحل سيد خليفة.. فهو أول من فتح لها نفاجات جديدة وساهم بقدر فاعل بالتعريف والتبصير بها.. ولعل الجميع لم يمشوا على الخطوات التي مشى فيها لذلك كان البوار.. والمجهود الذي قدمه لم يجد من يقرأ فيه بحالة من التأمل والتفكر.. لأنه أسدى إلينا خدمة عظيمة لم نستفد منها أبداً.
(2)
ويعتبر الفنان سيد خليفة من أعمدة الفن السوداني. واشتهر في منطقة القرن الأفريقي خاصة حيث أحب غناءه وردده الصوماليون والإثيوبيون والإريتريون، لكن المستمعين في العالم العربي يذكرون له أغنيتين اشتهرتا لخفة إيقاعهما والتطريبية العالية فيهما، وهما «المامبو السوداني» و«ازيكم كيف أنكم أنا لي زمان ما شفتكم»،زيادة على (يا وطني) وهي أغنيات أداها في بداياته الفنية أواخر الخمسينات في القاهرة، التي وصل إليها لتلقي العلوم الدينية ليتحول مساره إلى دراسة الموسيقى التي لم يكملها أيضًا لانخراطه في عالم الفن والفنانين حيث برز نجمه كمطرب في الحفلات التي كانت تشهدها القاهرة في ذلك الوقت.
(3)
وسيد خليفة.. سوف يظل اسماً في مقدمة الذاكرة كفنان من الذين أجزلوا العطاء للغناء السوداني من خلال قدر هائل من الأغاني ذات المواصفات الخاصة.. فهو فنان معطون بحب الغناء، لذلك ترك دراسته في الأزهر الشريف واتجه لدراسة الغناء والموسيقى حينما أرسله والده إلى هناك.. حب الغناء والموسيقى ظهر لاحقاً في تجربته التي اتسمت بالنضج الفني والطرح المغاير والمختلف عن حال التجارب السائدة.. لذلك سيظل أبو السيد حاضراً رغم غيابه عن الدنيا.. لأن أمثاله من الصعب نسيانهم، لأن ما قدمه كفيل بأن يضعه في مصاف الأساطير التي يصعب تكرارها.
(4)
كان سيد خليفة أكبر من فكرة كونه فناناً عادياً أو مغنياً.. فهو كان عبارة عن سفارة متجولة، ولعل معظم الشعوب العربية عرفت الفن السوداني من خلال صوت سيد خليفة وأغنية المامبو السوداني حتى إنها أصبحت سمة فنية مميزة للشعب السوداني عند كل الشعوب.. وتلك الأغنية كانت هي كوة الأمل التي فتحت مسارب ودروباً جديدة للغناء السوداني حتى ينداح.. واليوم نتوقف عند أغنية (أزيكم كيفنكم) وهي من الأغاني التي وجدت حظها من الذيوع والانتشار نسبة لسهولة مفرداتها ولحنها الموسيقي.
(5)
وأغنية إزيكم وُلدت في القاهرة، حيث التقى الشاعر إسماعيل حسن الفنان سيد خليفة بعد عودته من إجازته الدراسية التي قضاها مع أهله في قرية الدبيبة التي لا تبعد كثيراً من الخرطوم وبعد أن نقل سيد خليفة انطباعاته بعد لقاء الأهل والأحبة إلى الشاعر إسماعيل حسن الذي كان يعيش نفس الظروف كانت كلمات إزيكم تعبيرًا صادقًا للقاء المحب الغائب عن أهله والفنان سيد خليفة من الفنانين القلائل الذين شاركوا في برنامج أضواء المدينة على مسارح القاهرة وله الفضل في نشر الأغنية السودانية عربياً.
(6)
اشتهر سيد خليفة بأغانيه ذات الإيقاعات المستوحاة من عمق الوادي والصحراء. وخرجت شهرته من السودان إلى باقي الدول العربية، التي كانت تتغنى بأغانيه. وكانت له مشاركات عديدة في التليفزيونات والإذاعات العربية. كما كان يمتاز بأدائه الدرامي وحضوره المسرحي الطاغي في الحفلات الحية. وشارك سيد خليفة في بعض الأفلام المصرية السينمائية عندما كان طالباً لا زال يدرس في القاهرة.. ولعل أشهر هذه الأفلام فيلم “تمر حنة ” الذي شارك فيه بأغنية كانت سبباً في شهرته في مصر. شارك في هذا الفيلم مع الفنانة الكبيرة فايزة أحمد والفنانة نعيمة عاكف.