سراج الدين مصطفى يكتب : على طريقة الرسم بالكلمات
أزمة الكهرباء:
قريباً كل المؤشرات تقول بأن أزمة الكهرباء لن تنتهي في القريب العاجل وتحتاج لصبر طويل، لأنّ القضية تتعلّق بحلول غير متاحة في الوقت الراهن.. وهذا بالطبع وضع مأزوم ومؤلم وفيه تعطيل للحياة بشكل عام.. وحينما يتعلق الأمر بخدمة حيوية يجب توافرها ولا تجدها فذلك يخلق نوعاً من الهياج المجتمعي وربما قاد ذلك الهياج الناس للخروج الى الشوارع بغرض الاحتجاج وذلك بالضبط هو ما تخطط له الأيادي العابثة التي تنتمي للنظام المباد.. فهي من مصلحتها ان يثور الشارع مجدداً وينتفض ضد الحكومة الانتقالية التي تتميز بالهشاشة في الكثير من الملفات الحرجة مثل الوقود والغاز والرغيف وغيرها من الأزمات التي لا نعرف لها نهاية.. لذلك نسأل الله تعالى أن يعين حكومتنا في معالجة ملف الكهرباء في أسرع وقت حتى توصد الأبواب امام المتربصين من سدنة النظام السابق الذي يسعى بكل ما يملك للعودة مجدداً لسدة الحكم.. مع أن ذلك يقع في عداد المُستحيلات ولن يعود قريباً حكم (المتأسلمين) وتجار الدين.. فذلك زمان ولى الى غير رجعة.
آدم سوداكال:
إلى وقت قريب كان المدعو آدم سوداكال مسجوناً على ذمة قضايا احتيال دولية.. وهناك العديد من التهم مازالت تُلاحقه.. هذه الوضعية الوضيعة لا تُليق أبداً برجل يجلس في قمة إدارة نادٍ عريق كالمريخ.. فهذا الكرسي الذي يجلس عليه سوداكال.. جلس عليه رجال من قبل بقامة حسن أبو العائلة ومهدي الفكي وعبد الحميد الضو حجوج وماهل أبو جنة وأخيراً جمال الوالي.. فلا يُعقل أن يجلس في ذات الكرسي رجل مثل سوداكال تُلاحقه التُّهم عابرة القارات ويتم حبسه لأزمان طويلة بسبب قضايا احتيال ضده.. فهو رغم أنه يعلم بأنّه مرفوض من قِبل المُجتمع المريخي ولكنه يصر على البقاء ويُساعده في ذلك كمال شداد .
أبوبكر سيد أحمد:
أبو بكر سيد أحمد فنان مبدع جملته الموسيقية تنتمي للحداثة.. ألحانه ذات ثراء نغمي بديع.. أفكاره اللحنية متجاوزة لحال السائد من الألحان الدائرية والرتيبة.. يحشد للنص تصاوير جديدة من حيث القُدرة على التعبير والتحلل من الأنماط اللحنية العادية.. وهو يحمل ذات الملامح السودانية القديمة من حيث الموهبة العظيمة في مجال الألحان.. فهو يُعد من العباقرة في مجاله.. وهو يُمكنه أن يسير على ذات الدرب الذي مشى عليه من قبل ملحنون كبار أمثال برعي محمد دفع الله وعبد اللطيف خضر ود الحاوي وعمر الشاعر.. فهو بمثل موهبتهم الفطرية الخلاقة التي قدمت أغنيات جادة وجديدة مازالت حضوراً حتى اللحظة.
أبو بكر سيد أحمد بغير صوته يتكئ على شكل تأليف موسيقي مُشبع بالنغم السوداني بكل تلوينات السلم الخماسي الذي يصبح عنده مدرجا موسيقياً، يستطيع أن يتحرك من خلاله على كل الأشكال من (الغليظ) الى (الحاد) وهذه هبات ربانية منحها الخالق عز وجل لأبي بكر، لذلك أصبح صوته فيه الكثير من البراعة وليس صوتاً محدوداً يتحرك في مساحة ضيِّقة.
لن أبالغ كثيراً في توصيف تجربة أبو بكر سيد أحمد، ولكني على يقين بأن الزمن القادم هو زمانه وسيصبح أكثر حضوراً وسطوة لأن مقدراته تقول ذلك وليس أنا الذي أقول.. ولكن فقط يتبقى أن نفرد له المساحة التي تُقدِّر موهبته العظيمة وتخرجها من هذا النفق والقيود التي تُكبِّله وتمنعه من السير في الاتجاهات التي نريدها له.
أكتب عن أبو بكر سيد أحمد الفنان والملحن.. لأني استشعر موهبته العظيمة.. أكتب عنه لأنني أرى فيه بشارة جديدة ذات طعم مغاير ومختلف.. فهو بالنسبة لي شاب موهوب على قدر عال من البراعة اللحنية والغنائية والأدائية العالية.. ولكنه لم يجد حظّه من الانتشار الذي يُوازي جمال الألحان التي يقوم بتأليفها.
أسامة بيكلو المؤدب:
مازلت أذكر تماماً تفاصيل الخلاف الذي حَدَثَ ما بين الفنان الكبير محمد الأمين والعازف الكبير بفرقته أسامة بيكلو.. وكلاهما وصل مرحلة عالية في سلم الموسيقى.. ويمكن أن نطلق عليهم مفردة (موسيقار).. كان خلافاً (مُؤدّباً) وفيه الكثير من الروح الجميلة التي تغرسها الموسيقى في الدواخل.. وكما معروف أن الموسيقى والغناء واحدة من أدوات التقارب والتلاحم.. ولم تكن في يوم من الأيام سبباً في التناحُر والشتائم والسباب العلني.
الأستاذ أسامة بيكلو في لحظات الخلاف العميقة بينه ومحمد الأمين.. خرج للصحف وقال (أنا تلميذ في مدرسة محمد الأمين).. لم يتطرّق الرجل لأسباب الخلاف ولم يحك أي تفاصيل.. رغم اجتهادنا في معرفة تفاصيل ذلك الخلاف.. وشخصياً سعيت سعياً حثيثاً لمعرفته.. وسألت أسامة بيكلو عن تفاصيل الخلاف.. ولكنه رفض رفضاً باتاً وتمسّك بالصمت.. وقال لي بأنها (سحابة صيف وبتعدِّي) وإن الذي بينه ومحمد الأمين (عُشرة عُمر وملح ومُلاح).. هكذا تحدث أسامة بيكلو بأدبه المعهود والمعروف.. ولم أندهش لذلك لأنه (مملوء) حتى أذنيه بالعلم والأدب والموسيقي.. ولو كان (فارغاً) لسعى للصحف وأجهزة الإعلام حتى (يشتم) محمد الأمين.. ولكنه لم يفعل حتى لا يكون مثل (الأواني الفارغة) التي تحدث الضوضاء.. كما يحدث الآن!!