نقر الأصابع
على طريقة الرسم بالكلمات
سراج الدين مصطفى
الكهرباء يا حمدوك:
يبدو أن ذات العقلية التي تغيب عنها الشفافية ما زالت حاضرة ولم يتغير شيء.. حيث تمارس الآن ذات أساليب حكومة المؤتمر الوطني التي كانت تغيب عنها الشفافية والوضوح في كل القضايا التي تخص المواطن وحياته، وما يحدث حالياً في قطاع الكهرباء يؤكد بأن الموضوع أبعد من توفر قطع الغيار أو الفيرنس، فهذا الأمر حالياً يرقى لدرجة المؤامرة وجريمة موجهة ضد الشعب، والراهن يقول بأن هناك أيادي خفية تعبث بهذا القطاع الحيوي والمهم حيث استحالت حياة الناس الى عذاب مستمر ومتواصل ولا يعرف له نهاية حتى الآن ولا يوجد مسئول واحد يخرج للناس ويحكي بشفافية ما يحدث في هذا القطاع.
صحيح أن رئيس الوزراء الدكتور حمدوك مشغول بالعديد من الملفات المهمة، ولكن أعتقد بأن هذه الملفات ليست بأهم من الكهرباء فهي من المفترض أن تحتل الأولوية في جدول الاهتمامات وعليه الوقوف في كل التفاصيل التي تخص هذا القطاع وضرورة تنظيفه من الكسالى والمخربين الذين يعبثون بكل ما يخص ملف الكهرباء، ولعل ذلك سيشكل مهددا كبيراً للأوضاع الأمنية خاصة بعد بروز أصوات تنادي بمليونيات والخروج للشارع حتى يستقيم ويستقر التيار الكهربائي والحكومة حالياً ليست في حاجة لأن ترى الناس في الشوارع بسبب الكهرباء.
أبوعركي البخيت والتجديد:
التجديد في الغناء السوداني على مستوى المفردة الشعرية والألحان الغنائية تلاحقت وتدرجت أطواره ما بين الحقب المختلفة، ويظل الأستاذ الفنان أبوعركي البخيت واحداً من تلك النماذج الشاهقة التي ساهمت في تطوير الأغنية بنقلها من الشكل الكلاسيكي القديم الى فضاءات التجديد، وذلك كان منهجه الصارم في بداية ستينيات القرن الماضي، حينما جاء إلى العاصمة الخرطوم ليبدأ من هناك مسيرته في فن الغناء والموسيقى، حيث تتوافر فرص نشر الإنتاج الفني إعلامياً عبر الإذاعة السودانية والتلفزيون السوداني والصحافة المحلية، وهو منذ ظهوره يميل إلى الألحان ذات الرشاقة الميلودية ولأنه شاعر ذلك منحه ميزة انتقاء النصوص المشحونة بنبرة فرائحية تسعد النفس مستخدماً موسيقى تتوافق معها، ويظهر ذلك بوضوح في أغنية «مرسال الشوق» التي لاقت رواجاً كبيراً وهي من تأليف وألحان عبد الكريم الكابلي، وأضاف إليها أبو عركي من أسلوبه المميز له، فانتقل بذلك العمل الغنائي الجديد إلى آفاق أكثر رحابة من قبل، في نظر بعض النقاد الذين رأوا في ذلك نقلة نوعية لأعمال أبو عركي الغنائية.
معتز صباحي:
الفنان الشاب معتز صباحي بتقديري فنان معطون بالتجديد والمغايرة.. أثبت بأنه يمكن أن يكون صاحب بصمة واضحة في تاريخ الغناء السوداني.. معتز صباحي.. كان فناناً جديدًا بكل مواصفات الكلمة وبكل ما تحمل من مبنى ومعنى.. التف حوله جمهور عريض في بداياته.. وجعله (قيصر زمانه).. وللحقيقة فهو يستحق لأنه صاحب صوت جميل وطروب وكان لحظتها من أجمل الأصوات التي صافحت الأذن السودانية في العقود الأخيرة.
معتز صباحي هو الوحيد من بين كل الفنانين الشباب الذي إلتزم خطاً غنائياً صارماً ولم يتنازل عنه مطلقاً.. فهو أراد لنفسه أن يكون مغايراً ومختلفاً وصاحب بصمة وإضافة، ولعل خلافه مع صلاح إدريس يؤكد بأنه لا يريد أن يركن لفكرة لحنية واحدة تفتقر للتنوع كانت الفرصة متاحة وبقدر وافر للفنان الشاب معتز صباحي ليحقق حضوراً وتأثيراً في الأغنية السودانية.. لأن صباحي جاء بطريقة غنائية جديدة لم تكن معهودة وفي فترة وجيزة أصبح له معجبون كثر وسط شريحة الشباب.. ولكن صباحي تكاسل حتى فوت فرصته، ولا أظن أن هذه الفرصة ستأتي مرة أخرى لأن الساحة الفنية السودانية لا تتيح الفرصة بالساهل والذكي هو من يغتنمها ويستفيد منها وكما يقول (الحظ مرة واحدة ما بجيك مرتين)..
في تقديري الخاص أن معتز صباحي فوت فرصة تاريخية حتى يكون تجربة غنائية ذات مواصفات خاصة .. فهو أتى بأسلوب غنائي جديد ميزه عن سائر أبناء جيله، ولكن معتز لم يستثمر الفرصة بسبب العديد من الأوهام والتوهمات التي عشعشت في رأسه واعتقاده بأن هناك من يحاربه ويضع العراقيل أمامه.. مع أن ذلك يعد نوعاً من الانهزام ولكن كان الأمر كما يقول فقد نجح من يحاول هدمه وأبعده تماماً عن الساحة الفنية حتي أصبح فناناً في طي النسيان.. وشخصياً لا أتوقع أن يعود صباحي كما كان لأنه فنان هش التركيبة النفسية.