عثمان محيي الدين خلده عبر مقطوعة موسيقية.. أميقو.. في ذكرى الكلارنيت الحزين!!
كتب: سراج الدين مصطفى
(1)
في مجال الموسيقى في السودان هناك أسماء لا يمكن تجاوزها البتة، لأنها قدمت لهذا المجال الكثير من خلال العطاء الإبداعي المتجاوز والمساهمة الفاعلة في تربية الذوق السوداني بالجماليات الموسيقية، ويظل الموسيقار الراحل (عبد الله إبراهيم أميقو) واحدا من تلك الأسماء الحاضرة في مجال الموسيقي وعلومها، فهو يعتبر علماً بارزاً في هذا المجال، حيث ساهم في تخريج العديد من الأجيال من كلية الموسيقى والدراما.
(2)
الموسيقار الراحل عبد الله أميقو ولد بمدينة الأبيض يناير 1955م.. توفي إثر علة مفاجئة بالقلب أودت بحياته في صبيحة السبت 3 أبريل 2004م ودفن بمقابر حمد النيل بأم درمان.. عمل أستاذ موسيقى ومحاضر تخصص آلة الكلارنيت والساكسفون، أستاذ مواد الهارموني والقواعد والصولفيج وعلم الآلات الموسيقية، مشرف بحوت التخرج التكميلية، قائد أوركسترا وكورال، معد وموزع موسيقي كلية الموسيقى والدراما بالخرطوم السودان.
(3)
الأستاذ الشاعر التجاني حاج موسى في إفادة له حول الراحل أميقو قال: (أميقو أخي وصديقي الذي لم تلده أمي، أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة. وأضاف: كنت قريباً منه وكم أنفقنا من ساعات نتحاور في الشأن الثقافي السوداني، واشتركت معه في أعمال غنائية موسيقية كثيرة مثل (أوبريت الشرطة السوداني) الذي لحن كلماته ووزع موسيقاه. وعدَّه من الأعمال الملحمية الكبرى.
(4)
كان الراحل عضو لجان امتحانات التخصص الدقيق والقبول والمعاينات كلية الموسيقى – قسم الموسيقى، عضو اتحاد الفنانين السودانيين، عضو مجلس إدارة اتحاد الفنانين، عضو ورئيس مجموعة مبيلا الموسيقية، معد ومقدم مشارك ببرنامج (مع رواد أغنية أمدرمان) بالإذاعة السودانية (أم درمان)، عضو لجنة الأصوات والألحان بمجلس المصنفات الأدبية والفنية وترأس لجنة التخطيط والتنفيذ للمشروعات الموسيقية بالهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون، وعمل مستشاراً لسلاح الموسيقى وأستاذ ومدرب موسيقى للفرقة الرئيسية (الأولى)، وأحد الذين كتبوا مسودة قانون المهن الموسيقية الأول 1998م، موزع موسيقي لمجموعة ألبومات لكل من (حنان النيل – حيدر بورتسودان- عمر إحساس)، ولمغنين آخرين لصالح شركات حصاد والسناري وشدياق للإنتاج الفني، قدم الفنانة حواء رمضان للإعلام.
(5)
وأضاف الأستاذ التجاني حاج موسى (كان أميقو من أمهر الموسيقيين الذين يكتبون النوتة الموسيقية، وهو عمل شاق كان يحرص عليه بشدة لسلامة تنفيذ الأعمال، وكان عاشقاً لآلة الكلارنيت. وأوصى التجاني أصدقاء الراحل الأساتذة محمد سيف، يوسف حسن الصديق، عبد القادر سالم الذين وقفوا على تجربته العظيمة، ولديهم وثائق وبحوث وأوراق على درجة من الأهمية كان ينوي الراحل إصدراها وإنتاجها، أوصاهم بتبني هذا المشروع.
(6)
الموسيقار الشاب عثمان محيي الدين صاحب مشؤوع (سحر الكمنجة) كانت تربطة علاقة خاصة مع الراحل أميقو الذي وقف معه في بداياته حينما التحق بكلية الموسيقى والدراما حيث قدم له الراحل كل ما يسهم في تطوير تجربته الفنية وتزويده بالنصائح، وحينما غادر أميقو الدنيا كان عثمان محيي الدين مهاجراً في بريطانيا حيث ألف مقطوعة موسيقية وأسماها (أميقو) حيث حشد فيها محيي الدين كل أحزانه وأشجانه وصور ذلك الحزن عبر آلة الكمان التي يتقنها.
(7)
وقال عثمان محيي الدين للحوش الوسيع (تعلمت من أميقو أشياء كثيرة من أهمها الإيمان بقيمتك كفنان والجدية في التعامل مع الفن كمهنة وبكل مسئولية، فأميقو كاريزما ومهابة… أميقو لا يعرف المجاملة ولا يقبل باللامبالاة.. وما لا يعرفه الجميع أنه من قام بالإصرار علي بالحضور لاتحاد الفنانين لإجراء معاينة القبول بعد موقف إدارة الاتحاد تجاهي وتجاه بعض الموسيقيين والفنانين في ذلك الوقت، حيث أنه قام بملء استمارة التقديم باسمي وسداد الرسوم وقال للإخوة الذين أحضروا الاستمارة لي في المنزل (قولوا لعثمان إنو الاتحاد دا مكانك الطبيعي ودارك وحقك، فما تتخلى عن حقك)!!
(8)
بالنسبة لمقطوعة أميقو فهي بمثابة وفاء له وللكثير الذي تعلمته منه، فقد كان لي المثل الأعلى والملهم. وفكرة المقطوعة الأساسية تعتمد على غناء الكلا نيت – وهو آلة أستاذ أميقو الأساسية- للحن الأساسي وترد عليه الآلات وتغني الكمنجة محاورة الكلارنيت وحينما يختفي صوت الكلارنيت (بوفاة أميقو) تبدأ الكمنجة بالبحث عنه في ارتجال إلى نهاية المقطوعة.