Site icon صحيفة الصيحة

الطاهر ساتي يكتب..  ناقوس الحذر.. (2)

:: وصلاً لما سبق، فالأمن مسؤولية الجميع، وليس الشرطة وحدها.. ثم أن الشرطة لا تمنع وقوع كل الجرائم، حتى ولو تم تجهيزها بكل العدة والعتادة، لأن بعض الجرائم تحدث في (كسر من الثانية)، ومن أقرب الناس إلى الضحايا، وليس من العقل أن نطالب الحكومة بأن يكون لكل مواطن شرطي يحرسه، فهذا مستحيل.. ولكن من مهام الشرطة التي تحد من الجرائم هي كشف خيوط الجرائم ثم تقديم الجناة إلى المحاكم..!!

:: وكثيراً ما تنجح الشرطة في هذه المهمة بامتياز.. وعلى سبيل المثال الراهن، لقد تم القبض على المتهمين في جريمة قتل طالب جامعة أم درمان الإسلامية في ذات أسبوع وقوع الجريمة.. بالأمس أيضاً، تم الإعلان عن إلقاء القبض على المتهمين بقتل وكيل محطة الوقود، وتم هذا قبل مضي (48 ساعة) من وقوع الجريمة.. وهكذا.. بفضل الله ثُمّ بجهد الشرطة، لم نسمع بجريمة قتل تم تدوين بلاغها ضد مجهول..!!

:: نعم، مؤسسة الشرطة، مثل كل مؤسسات الدولة، بها من شوائب العهد السابق ما يستدعي الإصلاح، ولكن هذا لا يعني هدمها معنوياً، كما يفعل البعض بغباء سياسي مدقع.. وقبل العدة والعتاد، فالشرطة اليوم بحاجة للدعم المعنوي، من الشعب وكل مُستويات الحكم، وخاصة الحاضنة السياسية الجديدة (شركاء الحكم).. فالشرطة ليس عَدوّاً للمواطن، أو كما يسعى البعض لترسيخ هذا الخطل في المجتمع..!!

:: ثم أن الجرائم الحديثة، ومنها النهب المسلح بالمواتر، تستحق أن نعقد لها مؤتمرات وتحذر منها المنابر، لتبصير الناس بمخاطرها على الفرد والمجتمع.. وليس عدلاً أن نترك الشرطة وحدها في ميدان القتال ضد الجرائم، بل على الجميع مساعدتها ومعاونتها بالمعلومات والدراسات والبحوث، وبالتماسُك الاجتماعي والوعي المجتمعي.. ثم أنّ قوة القانون هي التي تُكسب السلطات هيبتها والمجتمعات أمنها..!!

:: وما لم يكن القانون قوياً ومُقدّساً، وما لم يكن تنفيذه يتميّز بالدقة والسرعة، لن يسلم المُجتمع من المخاطر.. وللأسف، كما أن خُطى العدالة في بلادنا (سُلحفائية)، فإن القوانين أيضاً في بلادنا تقبل القسمة على (الخيار والفقوس)، بحيث يعدل مع أحدهم ويغفل عن الآخر.. وبعد الثورة كان الظن بأن تكون العدالة ناجزة، وأن يكون القانون قوياً ومُقدّساً، ولكن (لا جديد)..!!

:: وفي ذات زاوية كتبت عن إحدى وقائع عهد الرئيس الراحل نميري.. عندما شرعت محاكم العدالة الناجزة في (قطع الأيدي)، كان بطرف البعض فلنكات وأعمدة تلفونات قديمة، وكانوا قد جمعوها من الشوارع بعد إحلالها بفلنكات وأعمدة جديدة، واستخدموها في سقوفات منازلهم وحظائر أنعامهم.. ورغم أنها غير صالحة للاستخدام، سارعوا إلى تفكيك سقوفات منازلهم وحظائرهم، وإرجاع الفلنكات والأعمدة إلى حيث كانت.. وما فعلوا ذلك إلا خوفاً من هيبة السلطة وقُوة القانون..!!

 

 

Exit mobile version