الحوش الوسيع: مجاهد نصار
(1)
صاغ كلماتها البديعة الشاعر الراحل محمد جعفر عثمان الذي ظلمته الأجهزة الإعلامية كثيراً وهي التي تبث روائعه وإبداعاته مع إشراق كل صباح جديد, عاش في هدوء ورحل عن دنيانا الفانية دون أن يشعر به أحد بالرغم من السعادة التي بثها بين الناس بكلماته الرقيقة ومفرداته الانيقة التي سكنت القلوب واحتلت ركناً قصياً في وجدان محبي الغناء الجميل والطرب الأصيل.
(2)
كيف لا وهو الذي أهدانا الدرر الغوالي عبر ثنائيته المدهشة مع ابن حيه الفنان الجميل زيدان إبراهيم وقدما سلسلة من الروائع الغنائية الخالدة (كلو ريده, أخونك, وسط الزهور, أسير حسنك يا غالي, ما أصلو ريدك) إلى جانب الكنوز الإبداعية الأخرى مع ابن العباسية الآخر الفنان إبراهيم حسين، عندما صاغ محمد جعفر كلمات الأغنية قدمها للملحن البارع عمر الشاعر ليقوم بوضع لمساته اللحنية عليها لتزداد جمالًا وبهاء وألقاً وبعد أن فرغ الشاعر من إضفاء لونيته الخاصة على الأغنية كان في طريقه لأن يعطيها لتوأم روحه الفنان الذي شاركه مشوار النجومية والتألق زيدان إبراهيم، لكنه وفي اللحظات الأخيرة عدل عن رأيه، ولعل الأقدار كانت قد اصطفت بلبلًا آخر ليصدح ويشدو بالأغنية التي حققت نجاحاً كبيرًا فيما بعد.
(3)
فحملتها إلى الفنان عبد العزيز المبارك الذي تلقاها بكل الفرح والغبطة وهو يدرك أنها كاملة الدسم الإبداعي مستوفية شروط النجاح وعناصر التميز كيف لا وشاعرها المرهف محمد جعفر عثمان وملحنها عمر الشاعر فغناها وخرجت للوجود إحدى الأغنيات الزاهيات.
(4)
ومن الطرائف التي صاحبت ميلاد هذه الأغنية، يقول الفنان زيدان: عندما علمت بأنها كانت من نصيبي لكنها سلكت منحى آخر سمعت زميلي عبد العزيز المبارك يؤديها في إحدى الحفلات الخاصة فقلت وقتها لمن كانوا بجواري (لو كنت أعرف لما تركتها يا عبد العزيز)، وهكذا تظل التفاصيل التي تصاحب ميلاد الأغنيات وإطلالتها على الوجود الكثير من القصص والحكايا الجديرة بالبحث والتوثيق.