Site icon صحيفة الصيحة

إزالة التمكين.. هل تمدّدت صلاحياتها؟

تقرير – نجدة بشارة

مؤخراً، أصبحت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الـ(30) من يونيو 1989م في مرمى التمحيص والتدقيق لجهة ارتفاع الأصوات التي تقدح في أسلوب تنفيذ اللجنة لمهامها.. إضافة إلى تمدد صلاحيات اللجنة حتى خشي مراقبون من تعطيل قيام المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية نتيجة لتطاول أذرع اللجنة، وتناسلت صوبها الانتقادات حين رماها البعض بأن أسلوب اللجنة طابعه التشفي في التنفيذ، حسب رئيس لجنة إزالة التمكين المستقيل الفريق ركن ياسر العطا، في تصريحات سابقة له إن هنالك انتقادا مستمراً من كافة مستويات الحكم ومعظم مكونات الحاضنة السياسية لقانون ونهج عمل اللجنة، وقال إن التشفي والانتقام صاحب عمل اللجنة.

لكن في المقابل يسبح تيار عريض بحمد اللجنة وشكر جزيل صنيعها على ما حققته من إنجازات بتفكيك ومصادرة معظم مظاهر الفساد للنظام السابق.. فيما تظل التساؤلات مشروعة عن هل تمددت صلاحيات اللجنة وتوسعت حتى تغولت على صلاحيات الأجهزة التنفيذية والأجهزة العدلية…؟ وهل صحيح أن اللجنة عطلت عمل مؤسسات السلطة المتمثلة في المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي؟.

ما وراء الحدث

مؤخراً اتّهم رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي في حوار مع (الصيحة)، لجنة إزالة التمكين بتنفيذ أجندة بعض الأحزاب السياسية وخلق مشاكل بالسودان، مشيراً إلى أنه لا توجد جدوى من إكمال مؤسسات السلطة المتمثلة في المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي في ظل إطلاق يد لجنة إزالة التمكين بالصورة الحالية.

وقال مناوي في رده على سؤال حول تأخير استكمال هياكل السلطة الانتقالية: “بهذا الوضع الذي يمضي بإطلاق أيدي اللجنة السياسية لإزالة التمكين، لا المحكمة الدستورية تنفع، ولا وزارة العدل تنفع، ولا النيابات تنفع، ولا حتى المجلس التشريعي”، مضيفاً: “هذه اللجنة بصلاحياتها التي تعمل بها تمثل مشكلة، لأنه لا توجد مؤسسة حالياً لديها صلاحيات في الأرض غير هذه اللجنة السياسية”، وأشار مناوي إلى أن اللجنة تغوّلت على صلاحيات الحكومة التنفيذية، موضحاً “لا توجد حكومة تنفيذية الآن، الحكومة التنفيذية هي ما تسمى باللجنة – يقصد لجنة إزالة التمكين – التي تفصل وتصادر وتسجن كما تشاء، وهي لجنة سياسية بحتة وتعمل لصالح أحزاب بعينها، وأن الأصول والممتلكات المُصادرة بواسطة اللجنة تتم إدارتها بواسطة كوادر حزبية لأحزاب محددة، ولا أدري هل للعسكريين مصلحة في ذلك؟ وعندما أجلس معهم يقولون إن الظلم ليس جيداً، ولكن لا رد فعل لهم، ولم يتحرّكوا لوقف الظلم.

تغول على مهام  

الخبير القانوني نبيل اديب قال لـ(الصيحة): صحيح من الناحية القانونية أن لجنة إزالة التمكين تملك صلاحيات قانونية في فتح البلاغات لمعارضة وعرقلة أعمالها. لكن هنالك إشكالات في التنفيذ وصلاحيات سلطات اللجنة وأردف: يفترض أن تتم مراجعتها.. وأوضح: في ظل الظروف الحالية هذه السلطات قانون قائم بموجب الوثيقة الدستورية.. وهو وضع مربك.. وقال: أنا كشخص أدافع عن حقوق الإنسان أرى أن أي شخص يفترض قبل صدور قرار في مواجهته يجب التحقيق معه وسماع وجهة نظره لذلك أرى أن هذه مشكلة قائمة في اللجنة.. وقال: لكن إلى حين تعديل أو تكوين التشريعي يظل هذا القانون سارياً.

في السياق، كان “حزب الأمة” السوداني، قد طالب  بحل “لجنة إزالة التمكين” واستبدالها بـ”مفوضية مكافحة الفساد”، فيما انتقد أداءها واعتبره “مؤججاً للصراع” في البلاد. واتهم الحزب في بيان له، اللجنة “بارتكاب أخطاء قانونية فادحة” وقال إن منهجها “شابه خلل في الكثير من جوانبه” وإنها “تغولت على مهام الأجهزة العدلية”. وذكر أن بعض توجيهات وقرارات اللجنة، “تفتقر لبعد النظر السياسي والأمني، وتفاقم الأوضاع الأمنية الهشة، وتزيد الاحتقانات اشتعالاً”.

أحادية النظرة

فيما يقول المحلل السياسي د. حاج حمد محمد خير في حديثه لـ(الصيحة): لا نختلف مع لجنة إزالة التمكين حول المبدأ والأهداف، ولكن هنالك نقاط خلافية حول التنفيذ أحادي النظرة وعمل هواة وليس عمل محترفين، وأردف: مثلًا في القانون الجنائي (عندما تتحفظ لجنة إزالة التمكين على ملف شخص لعدم أهليته في الخدمة المدنية.. فإن قانون الخدمة يخضع لمجلس محاسبة ثم يقال من العمل.. لذلك وطالما هنالك عدالة وإنصاف لماذا تلجأ اللجنة إلى عمل (هلولة) وتصنع من هؤلاء الأشخاص أبطالاً.. وبالتالي سيجلب أسلوب اللجنة انقساماً في الآراء.. وقال حمد: أساليب اللجنة تحتاج إلى مراجعة حتى لا تخصم من عمل اللجنة.. وهنالك استفهامات في عدم قدرتها للاختفاظ بمسافة بين المواقف الشخصية والعمل العام، وأشار حمد إلى أن أسلوب اللجنة يفتقر إلى المهنية والكفاءة، وقد يفقدها البوصلة.. وأردف: نحن معهم على أن إزالة التمكين كمبدأ مهم وصحيح وضرورة مرحلية لكن تحتاج إلى مراجعة التنفيذ.

تمدّد الصلاحيات

ويرى خبراء أن لجنة إزالة التمكين، أصبحت في سلطاتها أعلى من صلاحيات النيابة العامة، والمحكمة الدستورية. وأصبحت تقوم بإدارة وتشغيل الأموال والمقاولات المصادرة، في ظل غياب تام لوزارة المالية المسؤولة عن المال العام. وقال أديب: إن القرارات التي تتخذها لجنة إزالة التمكين فيما يختص باسترداد الأموال، تعتبر مخالفة للدستور، وأن مصادرة أموال مملوكة لشخصٍ وتحويلها إلى الدولة هو من شأن السلطة القضائية، فيما يمثل دور مفوضية الفساد هو كشف الفساد وتحويله إلى المحاكم.

في المقابل طالب عدد من المحللين والمختصين بتقنين عمل اللجنة وتحديد مهامها وصلاحياتها.. في الوقت الذي دعوا فيه إلى استعجال تكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية.

Exit mobile version