الأوضاع الاقتصادية.. ضبابية الموقف
الخرطوم: سارة إبراهيم
“الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك”هذه المقولة أوردناها مجازاً للتعبير عن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي مر بها السودان وجعلته في وضع حرج للغاية بل وصفه الخبراء والمراقبون للشأن الاقتصادي بأنه مرحلة الانهيار نتيجة الصعوبات والتعقيدات والأزمات التي تحاصره من كافة الجهات على سبيل المثال لا الحصر الأزمات في الوقود والخبز والميزان التجاري الذي يشكل عجزاً مستمراً ومتصاعداً تجاوز 6 مليارات دولار بسبب ضعف الصادرات، وتفشي البطالة وغيرها من المشكلات التي جعلت البلاد تقع تحت عبء اقتصادي ثقيل وأزمة اقتصادية طاحنة.
في هذا الاتجاه نظم مركز هوداي وصحيفة إيلاف مناظرة (السياسات الاقتصادية ومهام الانتقال) باتحاد المصارف.
وفي بداية حديثه أشار الخبير الاقتصادي محمد المصباح إلى بداية المشكلة الاقتصادية في السودان، وقال: يعتبر انفصال جنوب السودان في العام 2011م وفقدان السودان لـ(65%) من إجمالي صادراته وحوالي (60%) من إجمالي الإيرادات الحكومية هو بداية الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد والمتمثلة في مستويات عالية من التضخم سنوياً بصورة متصاعدة.
معرفاً التضخم بأنه الارتفاع في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات داخل الدولة، والذي يؤدي بالضرورة إلى تدهور الوضع الاقتصادي للدولة والأحوال المعيشية للمواطنين.
لافتاً إلى تمويل عجز الموازنة عبر الاستدانة من البنك المركزي (الطباعة) علماً أن الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي والذي يتخطى هذا الرقم، بالمقابل انخفاض نسبة التمويل من المصادر الأخرى الداخلية والخارجية.
مبيناً نمو الكتلة النقدية لدى الجمهور من حوالي 20 مليار جنيه في العام 2010 إلى حوالي 439 مليار جنيه للعام 2019 في حين نمت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع من حوالي 35 مليار جنيه في العام 2010 إلى 689 مليار جنيه للعام 2019 ، و 1.3 ترليون حتى يونيو 2020.
مشيراً إلى تدهور الناتج المحلي الإجمالي القوة الشرائية، البنية التحتية، الاستثمار، البطالة وارتفاع مستويات الفقر فضلاً عن تدهور الخدمات العامة والبيئة، تراكم الديون، واقترح المصباح حلولاً لحل المشكلة الاقتصادية متمثلة في زيادة الإيرادات عبر ضبطها والضرائب أفقياً عبر إدخال فئات إضافية (توسيع المظلة الضريبية) ورأسياً عبر تعديل الفئات تصاعدياً وتخفيض الإنفاق الحكومي على جهاز الدولة (الترهل،الكفاءة).
وإلغاء الدعم السلعي واستبداله بدعم مباشر.
وأبدى تساؤلاً لماذا التركيز على الدعم؟ منادياً بضرورة اجراء إصلاحات عاجلة وتعويم سعر الصرف زيادة الصرف على البنية التحتية، الحصول على قروض خارجية، مشدداً على أهمية تطبيق سياسة نقدية اكثر كفاءة بعد تحقيق الاستقرار.
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي د. حسام الدين حسن إن السياسات الاقتصادية التي تتخذتها حكومة الفترة الانتقالية تواجه بتضارب لمن يعارض منهجية الإصلاح لأن الإجراءات تندرج في الإصلاح، في إشارة منه لثورة ديسمبر التي قامت لأسباب تراكمية أهمها (الظلم والأوضاع المعيشة المتردية)، منتقداً تعليق الحكومة فشلها في التركة المثقلة التي تركها النظام البائد، موضحاً أن الحكومة الانتقالية ليست سبباً في ما حدث قبل 2019م ولم نسألها عن ما حدث قبل ذلك وتساءل لما التباكي عليها؟.
تقليل المعاناة
وأشار د. حسام إلى السياسات التي اتخذتها الحكومة و التي من شأنها تقليل معاناة المواطن، لافتاً إلى برنامج صندوق النقد الدولي الذي تم تطبيقة على 180 دولة وفشل في (80) دولة، فبالتالي لابد من أخذ تجارب لهذه الدول مع مراعاة الفرق بينها والسودان، ووضع خطة عمل لهذه السياسات في منهجية الإصلاح.
وقال نحن لا نمثل الحرية والتغيير لكن لدينا مشتركات حريصون للنظر للنقطة الوسطى خاصة وأن ثورة ديسمبر أتاحت الحريات، وأشاد بحديث رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك عن حرصه لدعم وتكوين منهجية، وعلق على البرنامج الثلاثي الذي وضعته الحكومة قائم على البرنامج الذي تم وضعه من قبل الحرية والتغيير، لكن وضع بطريقة الاقتصاد النيو لبرالي، وأصبح مدعوما بالسلام بعد اتفاقية السلام.
ويرى أن الحلول تكمن في المكاشفة والضغط المجتمعي على الشريط العسكري، موضحاً ان الجيش لديه كيان إنتاجي (542) شركة منتجة رأس مالها (10) مليارات دولار وأرباح (4) مليارات دولار في السنة، وطالب بالتوسع افقيًا في المظلة الضريبية والتوسع الراسي في الشركات.
مؤكداً أن الدولة تعاملت بتهاون في قضية الدعم السلعي، فلابد من دعم الإنتاج حتى ولو بطباعة العملة ولابد من تغييرها لاستجلاب الكتلة النقدية ومعرفة تقديرات الكتلة بعد ذلك يتم الرفع تدريجيًا.