محمد وردي.. معنى أن تعيش بعد الموت!!
بغير الأغنيات العاطفية التي قدمها محمد وردي والتي ما زالت حتى اليوم تشكل إلهاماً لكل الأجيال المتعاقبة، أسهمت الأناشيد التي تغنى بها الفنان وردي إسهاماً مباشرًا في بناء روح التحرر والانتماء إلى الوطن في شباب السودان منذ الاستقلال على مر العهود المختلفة التي مر بها السودان، وبذلك أسهم في تشكيل جانب كبير من سيكلوجية الأجيال الناشئة على امتداد الوطن الذي كان يمتد لمساحة مليون ميل مربع.. أليس من الطبيعي أن يظل محمد وردي متربعاً على القمة الفنية كل هذا الوقت وطيلة الأوقات وما سيجيء من أوقات.. هذا الرجل عظيم جداً لدرجة أنه يعيش حياً حتى وهو ميت
حمزة سليمان.. فنان مختلف جداً!!
اختار الفنان المختلف حمزة سليمان لنفسه أسلوباً شائكاً ومسافة أطول حتى يصل، لأنه لجأ للتعقيد في اختياراته وذلك يحتاج لثقافة موسيقية حتى يتمكن المستمع من استيعابه وقد لا يتوافر له (الإلحاح السماعي) أو الشكل الدعائي الذي كانت توفره الإذاعة والتلفزيون، فهو يحتاج لأن تبث أغنياته بشكل شبه دائم حتى تصل أغنياته، لا سيما هو نفسه في حالة هجرة دائمة وهذا ما يجعل مشروعه الغنائي في حالة عزلة.
مونيكا روبرت.. التهجم على الغناء
حاولت جاهداً أن أبحث عن أغان للفنانة مونيكا حتى أتوقف على تجربتها الغنائية وحتى لا نظلمها، مع أنها كرست لذلك بعدم سعيها لنشر أغنياتها، ويبدو أنها فضلت مجال أغاني الإعلانات بدلاً عن الأغاني الواقعية.. ولكن يبقى أن نقول بأن مونيكا واحدة من التجارب الفطيرة التي ظهرت في الوسط الفني، وذلك من خلال غناء (المغارز).. وهي كفنانة تفتقد التأسيس السليم للمشروع الفني ولا يبدو عليها بأنها ستكون فنانة ذات إضافة راقية. مونيكا لا تختلف كثيراً عن إيمان لندن فكلاهما أثبتا بما لا يدع مجالاً للشك بأنهما متهجمات على الغناء.. وهن في كل يوم تقريباً يثبتان ذلك من خلال الحديث عن الجمال.. مع أنهما لم تتحدثا يوماً عن جمال الأغنيات..
عوض جبريل .. شاعر السهل الممتنع:
تربع شاعرنا الراحل على عرش الأغنية السودانية مختطاً لنفسه خطًا مغايراً وجديدًا مع إكثاره من الإنتاج حيث لم يكتف عوض جبريل بأغنية واحده ولا بفنان واحد لكي يردد أغنياته كما أنه لم يكتف بكتابة الشعر فقط، إذ كانت له تجربة لحنية متفردة مع أكثر من فنان وفي بعض الأحيان لقصائد آخرين بغض النظر عن قصائده التي كان يخرجها هكذا ملحنة وجاهزة للأداء، هكذا كان عوض جبريل سهلاً ممتنعاً في حياته وفي غيابه المشؤوم والذي خلف آثارًا كبيرة على الوسط الفني بأجمعه، إلا أنه وعلى الرغم من كل هذا الصيت لم يجد الرجل حقه من التقدير اللازم، وهو الأمر الذي يرجعه كثيرون لبساطة الرجل وتواضعه الجميل.