سراج الدين مصطفى يكتب : قناة الدراما السودانية.. ثم ماذا بعد؟
يتزايد دور الإعلام في حياة الفرد والمجتمع يوماً بعد يوم، وأصبح يؤدي دوراً مؤثراً في بناء الدول وتشكيل الحضارات، إذ يسهم الإعلام في التنشئة الاجتماعية وفي تشكيل الرأي العام حيث يقوم بدورٍ استراتيجي هام في توجيه المجتمع وإرشاده وتثقيفه، كما يؤدي دوراً إستراتيجياً في التنمية المستدامة بمختلف مجالاتها وقطاعاتها، إضافة إلى الدور المألوف الذي يؤديه في تلبية حاجة الإنسان إلى الاتصال بوصفه حاجة إنسانية نشأت مع نشوء المجتمعات البشرية، لكي يتصل الفرد بغيره من الأفراد ويتبادل معهم المعلومات والأفكار ويعبر عما في نفسه.
نشأ الإعلام المتخصص وتطور استجابة لمجموعة من التحولات والعوامل الذاتية والموضوعية المختلفة والتعقيدات والتشابكات المتنوعة التي شهدها العصر الحالي، والتي أدت بدورها إلى اتساع الإطار الجغرافي الذي تشمله التغطية الإعلامية، وتشابك القضايا والأحداث والظواهر وبروز الحاجة لمعالجتها بقدر من التعمق والشمولية وظهور جمهور نوعي مع ارتفاع مستوى التعليم والثقافة وتعاظم الرغبة لإحداث تأثير أقوى وأعمق على المتلقي.
لذا أصبح الإعلام العام التقليدي متعثراً وعاجزاً في نفس الوقت عن إنجاز مهمة التأثير المناسب على المتلقي، وبهذا أصبح الإعلام المتخصص من أهم مصادر الثقافة والمعلومات العامة، يعمل على القيام بتلبية احتياجات الجمهور في المعرفة العامة والخاصة. من خلال تتبع أصل نشأة الإعلام المتخصص يمكن تتبع جذوره التاريخية.
ويعتبر نمو الإعلام المتخصص وازدهاره في أي مجتمع دليلاً قوياً على تقدم هذا المجتمع ورقيه، فحين يتجه أي مجتمع تجاه التخصص الدقيق بين أفراده ينجم عنه اتساع المعارف العلمية والثقافية وتعددها، وهو ما يمثل سمة أساسية للتقدم والتحديث.
قناة السودانية دراما هي واحدة من نماذج الإعلام المتخصص الذي بدأ يطفو على سطح الحياة السودانية ومسايرتها للمواكبة والتخصصية في المجال الإعلامي.. وقناة الدراما السودانية التي بدأت بثها على عرب سات تنتظرها تحديات جسام ومهام عسيرة يأتي في أولها تغيير النظرة والمفهوم العام حول الدراما السودانية ثم المحاولة للإجابة بكل حرفية ومهنية حول الوجود الفعلي لها في خارطة الوجدان السوداني أو العالم..
قناة السودانية دراما مطالبة بدور فاعل في المجتمع من خلال قيامها بتحقيق العديد من الوظائف والأهداف العامة للإعلام الجماهيري المتخصص منها نشر الوعي الدرامي الغائب عن المجتمع السوداني وتغيير النظرة الخارجية، وتعزيز الثقافة الدرامية والتعريف بالعلماء والمبدعين والمتميزين، وكذلك (إنتاج) دراما تلبي الحاجات الأساسية للإنسان السوداني وحل مشكلاته اليومية والمجتمعية والمستقبلية ونقل المستجدات.
وكما يقول البعض إن أسئلة كثيرة تتردد بسبب تراجع كبير أو غياب تام تشهده الدراما السودانية حاليًا؛ حيث لم يُكتب لها حتى هذه اللحظة أن ترى النور خارج الفضاء السوداني المحلي، أو أن يكون لها حلم مشروع بمنافسة الدراما المصرية أو السورية أو الخليجية رغم توافر المادة الجيدة والبيئة الخصبة لإنتاج كم هائل من المسلسلات التي تجسِّد واقع السودان وسط توفر كوادر مؤهلة في مجالات الإخراج والتمثيل.
على المستوى الشخصي تجدني منحازاً كثيراً لهذه القناة لأنها بتقديري محاولة للحلم في زمن من الصعب فيه أن تتحقق الأحلام ولن نقول كما قال المغني (أطرد الأحلام يا جميل واصحى)، وسنظل ندعم هذا الحلم الذي أصبح يتمثل كواقع حقيقي، ولكن؟