بين بنك السودان ولجنة إزالة التمكين.. تقاطع اختصاصات راح ضحيته الموظفون
الخرطوم ـ رشا التوم
منذ أن بدأت لجنة تفكيك نظام 30 يونيو وإزالة التمكين ومحاربة الفساد مهامها منذ أكثر من عام ظلت تقوم بإنهاء خدمة عدد كبير من الموظفين والعمال بدعوى أن تعيينهم لم يتم وفق الشروط المعروفة في الخدمة العامة، وتم إدخالهم في وظائف دون أن يكونوا مؤهلين لها، غير أن انتماءهم للمؤتمر الوطني المحلول دفع بهم لتسنم تلك الوظائف، وظل بالمقابل الموظفون المنتهية خدماتهم يقومون بمقاومة القرارات الصادرة ضدهم في كل المؤسسات والوزارات، غير أن الثابت ان جميع المؤسسات بما فيها القصر الجمهوري نفسه التزم بقرارات اللجنة، لكن محافظ بنك السودان المركزي وضع نفسه في فوهة المدفع عندما ألغى الأسبوع الماضي قرارًا صادراً من اللجنة بإنهاء خدمة نحو 200 عامل وأعادهم للخدمة.
انفجار
قرار محافظ بنك السودان محمد الفاتح زين العابدين، فجر الموقف فجأة وأدى لخروج لجنة إزالة التمكين لتعلن نافذية قراراتها على الجميع قاطعة في بيان أصدرته بأن القَرَارات الصادرة منها غير قابلة لإيقاف التنفيذ وفقاً لنص المادة (8/3) من قانون تَفْكِيك نظام الثَّلاثِين من يونو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019 تعديل سنة 2020م.
يوم عيد
كل تلك الأحداث حدثت يوم الأحد الماضي، لكن موظفي البنك المنتهية خدمتهم لم يجدوا بداً من الالتزام بقرار محافظهم والقدوم لمزاولة أعمالهم يوم الإثنين، وظلت الفرحة تعم ردهات البنك وكل يبارك العودة للآخر ويتقاسمون أنواعا مختلفة من الحلوى التي جلبها عدد من الموظفين وكأن اليوم عيد أو يوم عرس تتخلله الزغاريد وتعمه البهجة، لكنها ربما بهجة لم تدم طويلاً إذ أن الموظفين العائدين عندما دلفوا إلى مكاتبهم وجدوها فارغة حتى من الأوراق والفورمات التي يؤدون مهامهم عليها.
الحسم
منذ بعد ظهر الإثنين دخل محافظ بنك السودان ولجنة إزالة التمكين في اجتماع مع رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وأكدت مصادر مطلعة لـ(الصيحة) يومها أن الاجتماع كان عاصفاً وتحدث فيه المحافظ بشفافية عن رؤيته حول التوجيه الذي أصدره من واقع أن القرار سيؤثر على عمل بنك السودان ومن واقع أن القرار افرغ إدارات كاملة من الموظفين جميعهم، وشمل خبرات كبيرة سيؤثر غيابها على سير الأداء، بينما دفعت لجنة إزالة التمكين بأن قرارها محصن بالقانون ولا يمكن إسقاطه إلا من خلال الدوائر الاستئنافية المعروفة، وفي ختام الاجتماع وجه رئيس الوزراء محافظ بنك السودان بالالتزم بتنفيذ قرار لجنة التمكين.
التراجع
وبمثل الفرحة التي ظللت بنك السودان يوم الإثنين أطلت فوقه يوم الثلاثاء غمامة حزن عندما صدر قرار ألغى توجيه محافظ البنك بإعادة المفصولين واعتبار قرار الاستغناء عن خدمتهم نافذاً، وربما دفع بعض الموظفين بعدم قانونية الخطوة كون أن القرار الأخير صادر من نائب المحافظ، بينما تمت إعادتهم بتوجيه صادر من المحافظ لكن الخبير القانوني المعز حضرة يقول لـ(الصيحة) إن القرار الذي اتخذه نائب المحافظ صحيح من الناحية القانونية على اعتبار أن الخدمة المدنية تعطي الحق لمن يتم اختياره نائباً في إدارة أن يقوم مقام المدير في حالة غيابه مبيناً أن نائب محافظ بنك السودان اتخذ القرار في ظل غياب المحافظ في مهمة رسمية خارج البلاد.
ربكة
ولفت مدير إدارة بالبنك المركزي تم إنهاء خدمته ضمن الكشف المعني في حديث لـ(الصيحة) إلى ربكة شديدة صاحبت القرار منذ بدايته، وأشار إلى أن قرار إنهاء الخدمة شمل موظفين من كافة الإدارات العاملة في البنك وتجاوز إلى الفروع موضحاً أن أحد الفروع في الولايات تم إنهاء خدمة مدير الفرع ونوابه وحملة المفاتيح والخزينة وعمال وموظفين مما يعني عملياً إغلاق البنك أبوابه حتى يتم توفيق أوضاعه.
إهانة
اعتبر موظف آخر تحدث لـ(الصيحة) أن طريقة التعامل التي تمت مع الموظفين مهينة لأشخاص أفنوا زهرة شبابهم في العمل بالبنك، وأكد أن الموظفين تم منعهم الدخول من البوابة الرئيسية وحتى متعلقاتهم الشخصية لم يسحموا لهم بأخذها وقال “هناك زميلة مريضة من زارعي الكلي وضعت الدواء الخاص بها في المكتب للمداومة على أخذه يومياً وللأسف لم تراع حالتها ومنعت من أخذ الدواء وبقية متعلقاتها في المكتب.
كيد سياسي
موظف ثالث تحدث لـ(الصيحة) أكد أن الكيد السياسي هو الذي يحرك ما يحدث حالياً من تغييرات واستغناء عن كوادر مؤهلة عملت عشرات السنين في البنك، وكان لهم القدح المعلى في ما حققه البنك من نجاحات، ووصف قرار الإعفاء لكوادر البنك بالمهزلة من قبل لجنة إزالة التمكين مما ترك آثارًا نفسية سيئة على بقية الزملاء والعاملين في البنك وخلق نوعاً من البلبلة ما بين الفصل وإعادة التعيين، وقال من المؤسف أن يكون الانتماء السياسي هو الفيصل وليس الكفاءة والمهنية ولفت أن الأمور تمضي في اتجاه غير معلوم داخل البنك.