شملت الأصحاب والأقارب.. عناصر الوطني.. مظاهر الثراء أسباب وراء الحظر!
تقرير- عبد الله عبد الرحيم
أصدرت السلطات المختصة، كشفًا وقائمة جديدة خلال الأيام الماضية، بحظر سفر”56″ شخصًا من الشخصيات المعروفة من السفر للخارج. وقالت المصادر، إنّ من بين المحظورين بمطار الخرطوم رجالات أعمال ومستثمرين ورأسمالية وأقارب مسؤولين بالنظام البائد. وأشارت إلى أنّ من بين المحظورين أشقاء وأصحاب أعمال ومؤسسو شركات معروفة وأشخاص، قالت إنّه ظهرت عليهم علامات الثراء الفاحش بصورةٍ مفاجئة، ووضعت أسماؤهم بالحظر إلى حين التحقيق معهم واتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وتؤكد هذه الخطوة أن الحكومة ماضية في وضع حد ومحاصرة قيادات الوطني التي بدأ بعضها مغادرة البلاد في ظروف وأوقات متقاربة وربما كان بعضها بعلم الحكومة التي بدأت تستشعر الخطر من هذه الهجرات. رغم أن البعض يراها احترازات للإصلاح الاقتصادي دون القصد السياسي.
ليس الأول
ولم يكن هذا الحظر هو الأول الذي تتخذه الحكومة ضد قيادات الحزب المعزول، إذ أصدرت السلطات في العام 2019 عقب سقوط النظام البائد قراراً حظرت من خلاله نيابة الثراء الحرام (29) من قيادات الحكومة البائدة من السفر للخارج وجمدت أرصدتهم. وقال مصدر بنيابة الثراء الحرام وقتها، إن المحظورين من المؤتمر الوطني وأحزاب أخرى كانت تشارك في الحكومة السابقة، ولفت إلى أن القيادات المحظورة ستخضع للتحري في الفترة المقبلة. وقد نشطت النيابات المتخصصة والمحاكم في تلقي البلاغات ضد رموز النظام السابق وتسريع التحري فيها ومن ثم إحالتها للمحاكم عقب اكتمال كافة الإجراءات المتعلقة بالتحريات، وذلك إثر التوجيهات التي صدرت لها من قبل الحكومة الجديدة وتنسيقية قوى إعلان الحرية والتغيير. وشهدت النيابات المتخصصة مثل الثراء الحرام والمال العام والفساد والأراضي العديد من البلاغات في مواجهة منسوبي حكومات الإنقاذ، فيما وجدت تلك البلاغات ردود أفعال مختلفة وتحديداً من ذوي المحكومين بيد أن بعض البلاغات لا زالت قيد التحري من قبل اللجان المختصة والتي تم تكوينها من قبل تنسيقية الحرية والتغيير.
الحل سياسي
يبدو أن الوضع الداخلي لا يسر، كما يقال عدوا ولا صديقاً، كثير من نادى بتدخل العقلاء لتصحيح الوضع الداخلي وإخراج البلاد من أزماتها المستفحلة ورغم أن البعض ظل متفائلاً بعد الثورة والتغيير الذي حدث والإجماع حول الحكومة والحاضنة السياسية، إلا أنه بعد عامين وجد أن المحصلة فشل في كل شيء باعتراف الجميع.. الوضع الداخلي كما يراه البعض لا يسر ويتجه نحو مصير مظلم . فبعض السياسيين والمفكرين على استحياء كانوا يرددون بضرورة إيجاد طريق ثالث ليس هو طريق الحرية والتغيير وليس طريق أقصاء أحد، وإنما طريق يجمع الكل نحو هدف واحد للخروج من الأزمات.. ينظرون بأنه من غير إجماع وطني لا يمكن للبلاد أن تنهض.
وفي المقابل ترى القوى الحاضنة أحقيتها في إدارة البلاد ولا تريد تكرار تجارب سابقة، وبالتالي يشق عليها فتح النافذة للآخرين. ولكن من ينظرون لهذا الوضع مثل ياسر عرمان والشفيع خضر ومناوي حتى عبد الواحد نور يرى ضرورة قيام مؤتمر جامع للسلام بالداخل للخروج من أزمة الدولة.
إعادة الأموال
ويرى خبراء ومحللون سياسيون أن قرارات منع السياسيين أو مواطنين من السفر دلالة على أن ما يمارسه المحظورون يمارسون من الأفعال ما فيها خطورة على المجتمع، وأشار د. الأمين الحسن الخبير الاستراتيجي لـ(الصيحة)، أن هذه القيادات الممنوعة من السفر ربما أنها ظلت تمارس من الأفعال ما من شأنه تقويض نظام الحكم الجديد. وقال إن الرغبة في السفر دوماً يمارسها السياسيون حينما يشدد عليهم الخناق بالداخل، ولأن الإسلاميين تم منعهم من ممارسة العمل السياسي وغيره وبعضهم لا زال مطارداً في قضايا تتعلق بإزالة التمكين التي تمارسها الحكومة في محاربة الإسلاميين واسترداد الأموال المنهوبة من قبل قيادات النظام السابق بحسب الأمين الحسن، أكد أن هذه الخطوة من شأنها أن تخضع هذه الفئة المحظورة للمراقبة وربما دفعت بعضهم للتعامل مع لجان الحكومة المختلفة العاملة في إعادة الأموال المنهوبة من الدولة في ظل النظام البائد. لكنه يرى أن محاولة إشمال القوائم شخوص لا علاقة لهم بالنظام البائد كالأصحاب والأصدقاء والعائلة ربما يجر بجريمة غيرهم إليهم وهو مبدأ غير جيد في التحاكم، مشيراً إلى أن البينات يجب أن تكون واضحة في ظل هذه الظروف التي يعيشها السودان ككل.
تخفٍّ وهروب
ولكن مصطفى هارون خبير في شئون الهجرة الدولية، يرى في إفادته لـ(الصيحة) أن الهجرة إحدى أساليب التخفي والهروب من الملاحقات القانونية التي توجه ضد من يقوم بأعمال شائنة ربما في حق بلاده أو في الحق الخاص، وأكد مصطفى أن قيادات النظام البائد ينطبق عليهم هذا الوصف، ولذلك فإن الدولة يلزمها التعامل معهم بهذا الحذر للحيلولة دون تهريب مقدرات وثروات البلاد للخارج وتخريب الاقتصاد الذي ثبت عبر التقارير الاقتصادية والسياسية أن جهات وقيادات للنظام البائد تنشط في محاربة الحكومة عبر تهريبها للأموال النقدية والعينية بجانب تهريب المعادن كالذهب وغيره من تلك التي تدر أموالاً طائلة للبلاد، غير السلع الضرورية التي تحرم الحكومة تهريبها أو حتى المتاجرة بها خارج السودان. ورأى هارون أن القرار من شأنه أن يضع المعايير اللازمة لإيقاف النزيف الحاد الذي يمارسه مخربو الاقتصاد خاصة وأن الأزمة الاقتصادية بلغت أوجها في السودان في ظل الصراع الحاصل بين حكومة الثورة وأذيال النظام البائد وقياداته الذين كانوا يتحكمون في الاقتصاد.
جدلية الحظر
وتضع القرارات الحكومية هذه هؤلاء المحرومين من السفر وأسرهم موضع الجاني وربما بحسب الأمين الحسن أن يعيد بعضهم تفكيره ويلجأ للتعامل مع القرارات الصادرة بحقه وآخرين موضع الجدية، ريثما يتسنى لهم قراءة المشهد السياسي قراءة جديدة بعيداً عن التعصب، وهذه قد تعيد إليهم الثقة إذا ما تمكنوا من إعادة ما تم أخذه دون وجه حق من الأموال المملوكة لخزينة الدولة في عهد التمكين في زمن الانقاذ. ولكن كثيرين يرون أن هذه الخطوة قد لا تزيد هؤلاء المحظورين إلا تمسكاً بعدائهم لحكومة الثورة لجهة إصدارها لهذا القرار، ولهذا ربما انخرطوا جميعهم في مناهضة هذا القرار بمختلف الطرق، التي منها العمل بإصرار لتقويض نظام الحكم الراهن بيد أن البعض الآخر يرى أن الخطوة صحيحة وكان على الثورة أن تجد في إنفاذها حين قامت بإصدار أول قرار بحظر منتمين للوطني، الحزب المحظور ويرون أنه ربما أتت هذه الخطوة أكلها وقد تضع حداً لمن يتربصون باقتصاد البلاد.