تقرير – نجدة بشارة
في ثاني زيارة رسمية لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك إلى المملكة العربية السعودية.. والأولى بالنسبة للمكون المدني منفصلاً غادر حمدوك؛ أمس الثلاثاء؛ إلى الرياض في زيارة يرافقه فيها كل من وزراء شؤون مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية والتخطيط الاقتصادي، والزراعة والغابات، والاستثمار والتعاون الدولي، ومدير جهاز المخابرات العامة، ومحافظ بنك السودان المركزي.
ما وراء الزيارة
تفيد متابعات (الصيحة) أن هذه الزيارة الرسمية تعبير عن أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، ولبحث مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك وسُبُل تعزيزها وتطويرها والتنسيق حولها، بما يخدم رفاه وأمن واستقرار شعبي البلدين الشقيقين. وأصدر مجلس الوزراء، بياناً جاء فيه، إن عدداً من الوزراء بينهم، وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، والمالية الدكتور جبريل إبراهيم، ومدير المخابرات العامة الفريق جمال عبد المجيد، سيرافقون حمدوك إلى السعودية. وتابع البيان، أن برنامج الزيارة يتضمن لقاءات مع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع السعودي، وعدد من المسؤولين السعوديين. وأوضح البيان أن السودان بصدد إطلاع السعودية على مستجدات أزمة الحدود مع إثيوبيا.
ملفات اقتصادية
ورجح عدد من المحللين أن يكون طابع الزيارة اقتصادي سياسي.. فيما تكون الملفات الاقتصادية على رأس الأولويات.. وتفيد متابعة (الصيحة) أن حجم التبادل التجاري بين السودان والسعودية بلغ حوالى 8 مليارات دولار في العام 2019، بحسب غرفة التجارة السعودية. فيما تعد الاستثمارات السعودية هي الأكبر بين الاستثمارات الخليجية في السودان، وتقدر بحوالى 11 مليار دولار، وفقاً لبيانات رسمية سودانية. وفي مايو 2019، أودعت السعودية 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية. وجاءت هذه الوديعة ضمن حزمة مساعدات سعودية ــ إماراتية للخرطوم، بإجمالي 3 مليارات دولار، بهدف مساعدة الاقتصاد السوداني على تجاوز صعوبات عديدة.
ملفات متعددة
ويرى السفير والدبلوماسي الطريفي كرمنو في حديثه لـ(الصيحة) أن العلاقات السودانية السعودية علاقات أزلية تمتد جذورها إلى حقب وحكومات مختلفة، لكن حالياً وفي ظل الفترة الانتقالية والضغوط التي يمر بها السودان رجح كرمنو أن تكون الزيارة بهدف بحث الملفات الاقتصادية، ولاسيما أن أغلب مكونات الوفد المرافق لحمدوك من الوزراء من حاملي الحقائب الاقتصادية، وزير المالية، الاستثمار، الزراعة، والغابات، إضافة إلى التعاون الدولي، ويرى أن الزيارة ربما تتناول سبل التبادل التجاري والاستثمار خاصة وأن هذه أول زيارة لحمدوك بعد رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وفتح التبادل المصرفي.
وكان رئيس الوزراء د. حمدوك قد أكد سابقاً في لقاء له مع وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تحتاج إلى منح وهبات، بل إلى استثمار حقيقي، لوجود الفرص الكبيرة في ذلك المجال. ودعا حمدوك إلى ضرورة تكامل الجهود وتهيئة البيئة للاستثمار، وإزالة العراقيل التي كانت تواجهه. وأكد اهتمامه بموضوع الاستثمار والتوسع الزراعي، والتكامل الجيد في فرص الاستثمار.
ملف أثيوبيا
وتوقع كرمنو أن تطلع الحكومة السودانية نظيرتها السعودية على تطور الأحداث مع الجارة الأثيوبية في سلسلة تحركاتها الخارجية لتوضيح وجهة نظرها للدول فيما يتعلق بالتوترات مع أديس أبابا، وأردف أن السعودية لها علاقات جيدة مع أثيوبيا وتعتبر ثاني دولة عربية من حيث التبادل التجاري.. وبالتالي فإن تدخل السعودية دبلوماسياً سيكون له بعد إيجابي في هذا التوقيت، وأكد مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجيةــ فضل حجب اسمه لـ(الصيحة)، أن الوزارة تخوض تحركات ماكوكية لصالح قضية سد النهضة، وقال إن السعودية تعد ثاني دولة بعد الصين من حيث علاقات التبادل التجاري مع أثيوبيا. وأردف: علاقة إثيوبيا مع السعودية جيدة وقد تسهم الأخيرة في تليين مواقف الأولى لصالح التوصل إلى اتفاق قبل ملء السد..
الأمن المائي
في السياق، أكدت مصادر أن حمدوك سيدخل فور وصوله في اجتماعات وصفت بالهامة، حيث سيلتقي بسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وعدد من المسؤولين السعوديين.
وفي الأثناء بدا الاهتمام واضحاً وسط الدوائر السياسية السودانية بالزيارة نظراً لأهمية التوقيت سيما عقب الانفتاح البائن في العلاقات الخارجية السودانية، ويرى مراقبون أن توقيت الزيارة مؤشر يقود إلى الاهتمام الأمريكي ـ الروسي وكذلك المصري بالسودان. وثلاثتهم سيطروا في الأيام القليلة الماضية، على الساحة السياسية حيث أنهى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة رسمية للعاصمة السودانية الخرطوم، بينما دخلت سفن حربية روسية وأمريكية شواطئ البحر الأحمر ورست داخل ميناء بورتسودان.
وفيما يتعلق بالأخير، أوضح الدكتور السفير كرمنو أن الملف الأمني في الزيارة حاضر، نظراً لأهمية البحر الأحمر لكلا الطرفين، قائلاً إن أمن البحر الأحمر، يرتبط بالخرطوم والرياض معاً، فكلاهما يتأثران به، وأردف: لا بد من التقارب بين الطرفين لرعاية الأمن المائي نظر لاهميته لدى دول عظمى مثل إسرائيل؛ روسيا، أمريكا. وتحدث الطريفي عن الوجود السوداني في اليمن، وأن هنالك تحركات كثيفة للحوثيين مؤخرًا، وبالتالي وجود الجيش السوداني مهم ويقاتل جنود سودانيون في الحرب ضمن تحالف عربي تقوده السعودية منذ عام 2015، دعماً للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة حركة أنصار الله، المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014. ويقاتل نحو 30 ألف جندي سوداني في اليمن، إلى جانب التحالف السعودي الإماراتي.