نبش جثامين شهداء كجبار.. الوصول للحقيقة
وكيل أعلى النيابة: نبش الجثامين جزء من التحري لتحديد سبب الوفاة
رئيس لجنة التحري: القضية تأخرت لأسباب ولكن…
مولانا قطبي: اللجنة يفترض أن تُنهي عملها يوم (6) أبريل القادم
والد الشهيد شيخ الدين: طلبوا مني قبول الدية ودفعوا لي (50) ألفاً ورفضت
والد الشهيد: مقتل القرشي نهاية حكم عبود ومقتل شيخ الدين سيكون نهاية حكم البشير
والد الشهيد: نطالب بالقصاص لقتلى شهداء كجبار
عضو لجنة التحقيق: حبل المشنقة بدأ يلتف حول الجناة الرئيسيين
وكيل شرعي أولياء الدم: كنا نتصارع مع النظام من أجل البقاء
منذ أن أصدر رئيس النظام البائد قراراً جمهورياً بإنشاء سد كجبار سنة 1995 وتهجير سكان المنطقة، كانت الشرارة التي أوقدت نار الثورة بالمنطقة، ليس رفضاً للتعمير، ولكن رفضًا للتهجير، كان رأي الناس فيه واضح وقالوا (من حقنا أن نبقى في مناطقنا نحافظ على هويتنا ونحافظ على حضارة السودان). ولكن في المقابل، كانت الأذن لا تسمع والعين لا تبصر والعقل لا يعي، لتكون معركة الحق والكرامة والباطل. في السادس عشر من يونيو2007 شهدت منطقة كبجار أحداثاً مأساوية بين سكان ساعين للبقاء وحكومة تسعى إلى التهجير سقط في معركة غير متكافئة أربعة شهداء غير الجرحى، استخدمت فيها السلطة القوة المفرطة, خلال تلك الحقبة لم تتحقق العدالة وانتظر أولياء الدم الكثير وصبوا لتحقيق العدالو كان أملهم في الله تعالى كبيراً يتلون قوله تعالى (ولا تحسن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، (14) عاماً مضت كان أهالي كجبار في انتظار العدالة، إلى أن تحققت بقرار النائب العام بتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث التي عملت في صمت منذ (6) أشهر كانت الخطوة الأخيرة نبش جثامين الشهداء ورغم أن بعض أولياء الدم رفضوا الخطوة، إلا أن اثنين منهم تم نبش جثامينهما على أمل أن تثبت ذلك الحقيقة وتقديم المتهمين للعدالة.
(الصيحة)، كانت بصحبة لجنة التحقيق، نقلت المثير في الأحداث.
كجبار: صلاح مختار
مراحل التحقيق
يقول وكيل أعلى النيابة رئيس لجنة التحري في شهداء سد كجبار مولانا قطبي حيدر: التحقيق بدأ منذ (6) اشهر وأن نبش المقبرة هو جزء من التحري ولتحديد سبب الوفاة بواسطة الطب العدلي. ونفى أن تكون القضية تأخرت كثيراً، وقال: صحيح تأخرت لأسباب يعلمها الجميع، اللجنة شكلت بعد تعيين النائب العام الأخير للتحقيق والتحري في كل الأحداث المصاحبة لسد كجبار. واعتبر عملية النبش جزءاً من إجراءات التحري والمقصود الوصول إلى الحقيقة والوصول إلى الجناة الحقيقيين وتقديمهم إلى المحاكمة. وأكد أن هنالك خطوات، ولكن قال: لا أستطيع الإفصاح عنها. وأضاف: اللجنة مفترض أن تنهي عملها يوم (6) من شهر أبريل المقبل، حسب قرار النائب العام الذي مد أجلها لمدة (3) أشهر من (6) من يناير، ومن المفترض أن تنهى عملها في السادس من أبريل المقبل. وأكد أنهم يعملون بسلطات النائب العام التحقيق والتحري والاتهام والقبض والإفراج والإحالة للمحاكمة، كل سلطات النائب العام. ورأى أن أي تحرٍّ في جريمة مثل هذه القضية التي أخذت وقتاً طويلاً من فترة وقوعها شيء طبيعي تواجههم بعض الصعوبات لكن كل الذي أستطيع أن أقوله نحن ماشين في الطريق الصحيح وبإذن الله نصل إلى الجناة.
الدموع والفرح
ما بين الدموع والفرح قال لي والد الشهيد شيخ الدين العم أحمد عبد الله وجد الشهيد عبد المحسن، إنه يشجع نبش مقبرة الشهيد ويدعمه واعتبره عملاً جيداً، وقال: من كان يتحدث في زمن البشير رغم إنه قال (قتلوهم خلاص)، ولذلك (أنا أطالب بالقصاص من المتهمين)، وقال: في عهد النظام السابق طلبوا مني أن أقبل الدية اتصلوا بي من دنقلا، حيث آتي إليهم مندوباً كي أقبل الدية من (35) إلى (50)، قلت لهم (أنا لا أريد لا خمسين ولا حاجة)، وتابع: الذي أعطى الأوامر بقتل الشهداء سوف نحاكمهم حتى ولو يوم القيامة. وذكر: عندما وصل الحديث إلى رئيس الجمهورية في زمن النظام السابق عمر البشير (قلت ليهم أنا عسكري وما في عسكري يطلق رصاص إلا بأوامر وسوف نطالب بمحاكمتهم). عندما وصل الكلام إلى الخرطوم قالوا (العسكري ده خطر)، وكنت خائفاً أن تتم تصفيتي. كنت أتحدث ولا أخاف. جاء ضابط إلى منطقة (الفارين) للتحقيق معي قلت لهم (إذا كان مقتل القرشي نهاية حكم عبود إنشاء الله حيكون نهاية حكم البشير). قال والد الشهيد: أحد الضابط جاء للتحقيق معي قال (القرشي قتل بمعنى أنه يدافع عن النظام، ولكن قلت له ستكون نهاية حكم البشير في مقتل شيخ الدين)، ولذلك أطالب بالقصاص الآن.
رواية محزنة
وحكى العم أحمد والد الشهيد شيخ الدين أن ابنه بعدما أتم الخدمة ترك المدرسة وعمل بالزراعة، لأن ابيه كان يمتك مجموعة كبيرة من شجر النخيل، كان الإنتاج حوالي (400 إلى 500) جوال في الموسم، وقال: كان شيخ الدين يعمل في السقاية، ولكن بعد وفاته كل أشجار البلح ماتت لعدم وجود من يرعاها ويقوم بسقايتها بعد وفاة شيخ الدين كنا نحصد (400 و 500) جوال في الموسم وكان يكفي حاجتنا ولكن الآن تغير ذلك، لأن أغلب النخيل مات، لذلك سنظل نطالب بالقصاص من القتلة.
بصمات الثورة
وقال عضو لجنة التحقيق عماد محمد، إنهم منذ 2007 كانوا في انتظار خطوات تحقيق العدالة، ولكن لظروف عدم وجود العدالة لم تتحقق، غير أنه قال: بفضل ثورة ديسمبر تحققت العدالة، ومن خلال عملنا السلمي المنظم تجاه مناهضة السدود لاسيما اللجنة العليا لمناهضة سد كجبار استطعنا وضع بصمات واضحة تجاه الثورة السودانية حتى إسقاط النظام 2019. وأضاف دائماً نقول: الجلاد لا يمكن أن يصبح حكم العدالة بمعاييرها المختلفة كانت مفقودة ومفتقرة في النظام البائد ولكن في نهاية النفق ضوء، بالتالي هدفنا الاستراتيجي القصاص للشهداء. وحتى نصل للعدالة ومعاييرها المعروفة وحتى تصبح تلك العدالة مدخلًا لتحقيقها كان نبش جثامين الشهداء هو طريقها، وهي واحدة من الأشياء التي نعتبرها مهمة لتحقيق العدالة. اليوم بالنسبة لنا تاريخي، لأن الشهداء الذين رووا الأرض الطاهرة بدمائهم وعززوا مسؤولية البقاء ومهروا بدمائهم الطاهرة الأرض التاريخية الآن تتحقق العدالة.
الهوية والقرار
وقال عماد منذ أن صدر قرار جمهوري بإنشاء سد كجبار سنة 1995 كان رأي الناس فيه واضحاً من حقنا أن نبقى في مناطقنا نحافظ على هويتنا ونحافظ على حضارة السودان، ونحن جزء مهم منها، وبالتالي شهداؤنا عززوا هذه القيم والمعاني لذلك اليوم تاريخي بالنسبة لسكان المنطقة رغم أنه يوم حزين، ولكن في سبيل العدالة علينا أن نصبر ونتحمل أي حاجة. وقال: باعتباري عضواً في لجنة التحقيق أقول العدالة والقصاص وحبل المشنقة بدأ يلتف حول الجناة الرئيسيين الذين ارتكبوا هذه الجريمة ولن يتوانوا في استخدام القوة المفرطة عام 2007 وبعد مرور (14) عاماً أصبحنا ننتظر تلك اللحظات لتحقيق العدالة لتصبح مدخلاً لتحقيق الاستقرار.
تحقيق العدالة
وصف وكيل شرعي أولياء الدم بأن هذا اليوم حزين وجميل في نفس الوقت، وعندما نتذكر الأحداث المأساوية التي وقعت في السادس عشر من يونيو 2007 حيث النظام كان ليس لديه أخلاق وعندما تتحقق العدالة نشعر بالسعادة. وقال (الحقيقة أن مجزرة (كرونتكار) من المجازر التي فعلها النظام في شتى ربوع السودان، وهو نظام مشهود له بارتكاب الجرائم مما يبعث الأسى والحزن في نفوس المواطنين، وعندما يفقد الإنسان حرية الحياة والبقاء والعيش بكرامة لابد أن ينقلب على الأنظمة الدكتاتورية. وأضاف: عندما نتذكر الأحداث المأساوية التي حدثت في السادس عشر من يونيو 2007 بالمنطقة كنا نشعر بالأسى والحزن، لأن المنطقة لم تشهد مثل هذه الجرائم من قبل وكنا نعيش نوبة هستيرية من الداخل، ونتساءل لماذا حدثت مثل هذه الجريمة في هذه المنطقة الآمنة ضد أناس خرجوا وهتفوا بسلمية شديدة من أجل البقاء ومن أجل أن يكونوا أحراراً والعيش بكرامة؟
نصب المشانق
وروى الوكيل الشرعي: كنا نتنازع مع النظام لم يفهم معنى للحرية والكرامة، وما نوع الصراع الذي نتصارع من أجله قال: كنا نتصارع مع النظام من أجل البقاء في مواقعنا وليس من أجل سلطة أو ثروة، ولكن النظام رفض ولم يستمع لمطالبنا العادلة بل تعامل معنا بحقد وغبن استخدم معنا كل وسائل البطش من اعتقال وتنكيل واقتحام للمنازل والتعدي على حرمات الأسر ليلاً ونهاراً في تحدٍّ وكسر لإرادة إنسان المنطقة ولكن أبى انسان المنطقة أن ينكسر أمام العاصفة وأمام القمع والجبروت للنظام المباد. جاء اليوم الذي كنا ننتظره أن تقتص العدالة من الجناة وتحقيق مطالبنا بالقصاص من الرصاص, كنا متأكدين أن هذا اليوم سيأتي وأن العدالة سوف تسير لأننا كنا ننتظر أن النظام سوف يزول والحمد لله أتى يوم القصاص من الجناة الذين ارتكبوا جريمة (كرنتكار)، ونطالب من الجهات العدلية إذا سمح القانون والإجراءات العدلية أن يُحالكم هؤلاء المجرمون في محاكم المنطقة في محكمة (دلقو) لأن المحاكمة في المنطقة لها رمزية وأثر كثير في نفوس إنسان المنطقة، وأسر الشهداء، ولذلك نتمنى بعد تحقيق العدالة نصب المشانق لمن ارتكبوا مجزرة (كرنتكار) في ذات المنطقة.