تقرير- مريم أبشر
تمكنت الخرطوم بمنطق حجتها القائم على وقائع حقيقية من إقناع نظيرتها القاهرة بأهمية إشراك الاتحاد الأفريقى ومسهلين آخرين (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي) كطرف رابع في التفاوض بشأن ملف سد النهضة، تأتي خطوة الحكومة بإدخال الاتحاد الأفريقي ومنحه الثقة كمنقذ لمفاوضات السد وأهمية التوصل لاتفاق حولها في ظرف دقيق، قبيل بدء مرحلة الملء الثاني الذي أعلنت عنه الحكومة الأثيوبية في يوليو المقبل، في الوقت الذي تتصاعد فيه الانتقادات من قبل نشطاء وسياسيين على الاتحاد الافريقي في المحاولة الأخيرة الخجولة التي تم عبرها تمرير مذكرة مصرية كان الغرض منها تزوير الحقائق التاريخية الموثقة قانونياً ودولياً بشأن حدود السودان التاريخية الموروثه بتبعية مثلث حلايب وشلاتين للأراضي السودانية. هذا الحدث جعل الكثيرين يفقدون الثقة في حيادية الاتحاد الأفريقي برغم النفي القاطع رسمياً لإقدامه على تلك الخطوة.
مراقبون عول بعضهم وشكك الآخر في قدرة الاتحاد الأفريقي على أن يكون بقدر الثقة في إدارة ملف بات يمثل مزعزعاً لأمن المنطقة الإقليمية، بدل أن يكون مصدراً للمنعة والمصالح الاستراتيجية لإنسان وأمن منطقة القرن الأفريقي وذلك نظرًا لما ينطوي عليه من مخاطر كبيرة حال فشلت الجولة القادمة، وأقدمت أديس على تنفيذ قرار الملء الثاني.
كان وسيظل:
بدون تردد قطع الخبير وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور صلاح الدومة بعدالة الاتحاد الأفريقي وقدرته على حسم المشكلات بين عضويته من الدول الأفريقية، وقال الدومة لــ(الصيحة) أمس إن الاتحاد الأفريقي نصب نفسه في الآونة الأخيرة على حل قضايا الدول الأفريقية نيابة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مضيفا أن مساعيه وقراراته تجد في الغالب مساندة قوية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأشار إلى أن الاتحاد الأفريقي حتي وإن لم يطرحه السودان أو الأطراف الأخرى كوسيط في المفاوضات من حقه أن يفرض نفسه. ولفت إلى أنه ومنذ تحويل الاتحاد من متظمة الوحدة الأفريقية السابقة ظل يلعب دوراً إيجابياً في حلحلة قضايا القارة العالقة بصورة عادلة، ولم يثبت حتى الآن أن دولة واحدة من الدول الأفريقية احتجت على قراراته باعتبارها ظالمة أو منحازة لأي طرف من الأطراف.
الآلية الأقرب:
يعد الاتحاد الأفريقى أحد أهم الآليات الأفريقية المعنية بحل وفك الاشتباك بين دوله الأعضاء في قضاياها العالقة، فضلاً عن قناعة راسخة لدى السودان على طول عهوده بأن قضايا القارة الأفريقية يجب أن تحل في الإطار والمظلة الأفريقية.
ومن هذا المدخل الراسخ، يرى السفير عبد الباقي كبير في حديثه لــ(الصيحة) أمس، جاءت فكرة السودان في أن يكون الاتحاد الأفريقي طرفًا رابعاً والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في جولة مفاوضات السد المرتقبة، وأضاف أن الاتحاد الأفريقي يمثل الإدارة الأقرب لفهم الملف لجهة أن الدول الثلاث أعضاء فيه، ومن السهل الاحتكام إليه، بجانب ذلك فإن الاتحاد مخول بموجب معاهدات إنشائه يحق له التدخل لحل أي نزاع بين الدول الأعضاء، وإذا ما أضفنا أن السودان مؤمن بحل قضايا القارة داخل البيت الأفريقي تأتي أهمية تمسكه بضرورة دخول الاتحاد طرفاً رابعاً في ملف استراتيجي يمثل أهمية كبيرة له.
الحالة الصفرية:
دخول الاتحاد الأفريقي مصحوباً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تقديري يمكن أن يشكل ضغطاً كبيرًا على أثيوبيا ويحقق نتيجة إيجابية خاصة وأنها تتلقى إعانات من الولايات المتحدة، ولكن بالعدم فإننا نكون وصلنا للحالة الصفرية التي تنذر بالخطر..
هذا ما قاله السفير والخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة أمس “الإثنين” لــ(الصيحة)، وحذر في ذات الوقت من خطورة الموقف العربي المساند للسودان ومصر من قبل البرلمان العربي في هذا التوقيت، مضيفاً أن مثل هذه المواقف يمكن أن تؤلب أفريقيا كلها ضد مصر والسودان، مذكراً بذات التوجه الذي أبدته الجامعة العربية إبان حرب السودان وجنوب السودان والاصطفاف الذي تم من قبل الدول الأفريقية مع جوبا بتبريرهم أنها حرب الإسلام على المسيحيين والعرب على الأفارقة، وقال: يجب حفظ التوازن في هذه المرحلة الحساسة بناءً على السابقة القديمة، وأشار إلى أن العالم يعتمد على الاتفاقيات الدولية التي تنظم العلاقات والمصالح بين دوله وتوقع الرشيد أن تنجح مساعي الاتحاد الأفريقي المصحوبة بالموقف الأمريكي و الاوروبي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث وصولاً لصيغة تحفظ الحقوق وتجنب المنطقة مزالق الدخول أوضاع وتوترات تزعزع الاستقرار في المنطقة الإقليمية الهشة أمنياً.