الفشقة.. جزافية الشفتة وطمع إثيوبيا!
تقرير- عبد الله عبد الرحيم
رغم تناول الإعلام الأيام الماضية أحاديث لرئيس الوزراء الإثيوبي السابق ديسالين، عن تعدي بلاده على الحدود السودانية ما يستوجب اعتراف أثيوبيا في الراهن بهذا الاعتداء والتدخل في الأراضي السودانية عبر إقامة معسكرات واستثمار المشاريع الزراعية السودانية، رغم كل ذلك شدت إثيوبيا جيشها على الحدود السودانية في منطقة الفشقة تأهباً للانقضاض على المزارعين السودانيين الذين يتأهبون لحصد محاصيلهم الزراعية لهذا المؤسم واستهداف القرى والمناطق السكنية داخل المنطقة في محاولة لزعزعة استقرارها وسياسة فرض الامر الواقع بإعادة احتلالها مرة أخرى. هذا الامر دفع بحسب شهود عيان الجيش السوداني إلى إعادة انتشاره في المنطقة للحيلولة دون تلك المقاصد الاثيوبية وقد اقترب وفقا للمصادر السودانية، من السيطرة على مستوطنة “برخت” آخر وأكبر المعاقل الإثيوبية المشيدة داخل الأراضي السودانية بمنطقة الفشقة الكبرى. وأفادت المصادر أن القوات السودانية خاضت معارك عنيفة ضد قوات إثيوبية تساندها أخرى إريترية، وأن الجيش يتقدم على نحو مضطرد صوب “برخت” بعد تكبيده الجيش الإثيوبي وحلفاءه خسائر وصفت بالكبيرة.
وتحاذي الفشقة الكبرى بولاية القضارف إقليم التقراي الإثيوبي بطول 110 كيلومترات، حيث أقيمت فيها مستوطنة “برخت” بعمق 5 كيلو مترات داخل الأراضي السودانية كواحدة من أكبر المستوطنات الإثيوبية بغرض إسناد العمليات الزراعية والعسكرية للتقراي. وبعد الحرب التي خاضها الجيش الإثيوبي ضد جبهة تحرير التقراي سيطرت قومية الأمهرا ومقاتلو الكومنت على المستوطنة التي تمركزت فيها كذلك قوات إريترية وفقاً للمصادر. وأضافت ” القوات الإريترية والإثيوبية احتشدت داخل المستوطنة بعتاد حربي وأسلحة ثقيلة ومدرعات”. وأكدت المصادر أن المعارك الجارية حالياً تمضي في اتجاه بسط الجيش السوداني سيطرته على الأراضي السودانية وتحرير الفشقة الكبرى بنسبة 97%.
تأثيرات زيارة السيسي
وقد القت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للسودان أمس الاول الكثير من ردود الافعال على ملف علاقات السودان بإثيوبيا في جوانبها المختلفة ورأت إثيوبيا أن الزيارة لها علاقة بدعم طرف ثالث ترى إثيوبيا أنه المستفيد من التوترات التي تجري على الحدود بين البلدين. وتقول إثيوبيا أنها ترى أن القاهرة تستهدف بها إعاقة الجهود الجارية في ملف سد النهضة ومفاوضاته الجارية مؤخراً بشأن توقيع اتفاق بين الدول ذات العلاقة بسد النهضة ومياه النيل. وقد خاض الجيش معارك شرسة الأسبوع الماضي ، رداً على اعتداءات إثيوبية وتمكن من السيطرة على منطقة “الكردية” واسترداد مساحات جديدة قبل أن يواصل التقدم صوب “برخت”. وتعتبر “برخت” من أكبر المستوطنات الإثيوبية داخل الأراضي السودانية وتبعد 5 كيلومترات عن الحدود الإثيوبية، ويعيش فيها ما لا يقل عن 10 ألاف من المدنيين والقوات والمليشيات الأثيوبية، كما تعد واحدة من أكبر مراكز دعم وتشوين الجيش الإثيوبي ويحصل منها على المؤن والآليات والمعدات الأخرى.
جزافية الشفتة:
وقد شهدت منطقة الفشقة الكبرى أوائل الأسبوع مواجهات شرسة بين الجيش ومليشيات أثيوبية كانت قد استولت على مساحات زراعية واسعة داخل الأراضي السودانية. ونفذت مليشيات أثيوبية من قوميتي الأمهرا والكومنت الأسبوع الماضي هجمات مسلحة على مزارعين سودانيين في الشريط الحدودي بين البلدين واعتدت عليهم كما اختطفت عمالاً وسلبت آليات وحاصدات تخص المزارعين السودانيين. وقالت مصادر موثوقة إن وحدات من الجيش وقوات الاحتياط خاضت معارك طاحنة باستخدام الأسلحة الثقيلة. وأضافت “استطاع الجيش دحر المليشيات من مشروعي إبرة وتدلي ومطاردتهم حتى مستوطنة برخت على الحدود السودانية الإثيوبية”. وأفادت أن الجيش أقام معسكراً ونقطة ارتكاز في مستوطنة “حسن كردي” قبالة الحدود مع إثيوبيا فيما لا تزال عمليات مطاردة المليشيات الأثيوبية مستمرة.
هذا الأمر يراه الخبير الاستراتيجي الأمين الحسن لـ(الصيحة)، بأنها ‘‘معارك جزافية’’ وهي التي تقوم بها المليشيات الإثيوبية ضد المكون السوداني، مشيراً إلى أنها سوف تساعد الجيش السوداني في استرداد كل أراضيه المحتلة من قبل المليشيات والقوميات الإثيوبية وإعادة السيطرة الكاملة على المساحات الزراعية بطريقة تمكنه من استرداد الفشقة الكبرى كلياً التي تقع بمحاذاة إقليم التقراي بطول 110 كلم. وكانت المليشيات الأثيوبية سيطرت على مساحة 30 ألف فدان لإسناد المزارعين الأثيوبيين وتمكينهم من حصاد الذرة المزروعة بالأساس داخل الأراضي السودانية.
انعكاسات مختلفة
هذه التداعيات ينظر إليها مراقبون بأنها سوف تكون لها انعكاسات على الأوضاع الداخلية وفي الحدود مع إثيوبيا لجهة أن لاجئين إثيوبيين كثر سيتمددون إلى داخل الأراضي السودانية.
ويرى المحلل في الشئون العسكرية د. أبوبكر آدم لـ(الصيحة، أن امتداد النزاع بين الجيش الأثيوبي والسوداني ودخول الجيش الاريتري طرفاً ثالثا فيه من شأنه أن يعمق هوة عدم الاستقرار هناك على الحدود السودانية والإثيوبية والإريترية، ما يجعل المنطقة كلها عرضة للنزوح حيث المناطق المستقرة داخل السودان، في إقليم التغراي سوف تمتد تأثيراته إلى السودان، وأكد أن التدفقات سوف تتضاعف خلال الفترة المقبلة بسبب إصرار القوات الإثيوبية على التوغل داخل الأراضي السودانية ومطاردة المتمردين التغراي، موضحاً أنه من الضروري ضبط تلك العناصر المسلحة في المنطقة وأن يعمل الجيش السوداني على بسط سيطرته والمحافظة على الأراضي السودانية التي استردها من الجانب الأثيوبي ونزع أسلحة المتمردين ، وقال إن التخوف الآخر من الضغط الاقتصادي الذي يمثله اللجوء داخل السودان، مشيراً إلى أن “تدفق اللاجئين ستكون له انعكاسات اقتصادية بالغة الخطورة على السودان”.
بداية التوتر
منذ نحو ربع قرن يسيطر إثيوبيون ينتمون لقومية «أمهرا» على أراضي منطقتي الفشقة «الصغرى والكبرى»، التي تعد من أخصب الأراضي الزراعية في السودان، تحت حماية «ميليشيات أمهرا» وعصابات «شفتة»، بعد أن طردت السكان المحليين بالقوة، في ظل «تهاون» وتفريط الحكومة السابقة عن توفير الحماية لهم، بيد أن الجيش السوداني شن هجمات عسكرية على قوات أمهرا المدعومة من الجيش الإثيوبي وطردها إلى حدود إثيوبيا الدولية، وذلك بعد تعرض قواته لكمين نفّذته قوات إثيوبية راح ضحيته عدد من الأفراد بينهم ضابط.
إعاقة الحصاد:
ونقل رئيس اللجنة التمهيدية للمبادرة القومية الشعبية لدعم الجيش والقيادي بشرق السودان مبارك النور في حديث لـ(الصيحة)، صحة الأنباء المتواترة عن تحركات الجيش الأثيوبي والإريتري على الحدود السودانية، وقال: إثيوبيا تطمع في هذه الأراضي وهم الآن يعدون العدة لمباغتة القوات المسلحة والمواطنين على الحدود بعد عمليات التجييش الكبيرة التي أعدتها لمهاجمة المناطق السودانية.. لكن الجيش السوداني على أهبة الاستعداد الآن، واستطاع أن ينتصر انتصارات كبيرة في الفشقة الكبرى والصغرى ورغم أنه استرد بعض الأراضي في المنطقتين، إلا أن الحدود كبيرة، وهناك أجزاء واسعة منها لا زالت تحت سيطرة الإثيوبيين، وأردف: لن يفرط في شبر من أرض السودان، ولا أستبعد اشتعال الوضع في أي وقت، كما لا أستبعد وجود توغل للجيش الأثيوبي داخل الأراضي السودانية.. وقال إن الأثيوبيين قاموا بمباغتة المزارعين السودانيين في هدف واضح وهو إعاقة موسم حصاد هذه السنة، وحتى لا تتم عملية الحصاد بصورة كاملة، وقال النور: أدق ناقوس الخطر، وأدعو الشعب السوداني كله للالتفاف حول الجيش وتوعية القوات المسلحة نفسها من غدر الجيش الإثيوبي والإريتري الذين يعدون العدة لمباغتته. وأوضح النور أن المحتلة في الفشقة الكبرى والصغرى لم ترجع كلها، وأن ذلك يحتاج لدعم وإسناد إعلامي كبير ودعم معنوي، مشيراً إلى أن كل الإعلام الإثيوبي الآن يعمل على الدعم المعنوي للجيش الاأثيوبي وتجييش مهول في الوقت الذي لا زالت تغض فيه قنواتنا الإعلامية الطرف عن تناول أمر الحدود. وأكد أن الأثيوبيين والأريتريين حشدوا حشدهم، لكنه أكد أنهم كمواطنين في الحدود وتلك أراضيهم فإنهم جاهزون للدفاع عنها ويطلبون من الجيش السوداني مدهم بالسلاح اللازم لحماية أراضيهم.
طمع إثيوبيا
وقال النور، إن أثيوبيا طامعة في الأراضي السودانية، وضرب مثل (الأمر الهين بضيع الحق البين)، وقال إن الحكومات التي تعاقبت على السودان تعاملت مع الحدود بالهين وتساهلت.. وأردف: الآن أصبحنا أمام الأمر الواقع، صحيح الأثيوبيون جيراننا.. وإخوان لنا لكن الحق حق ولن نسكت عنه، وقال: ثقتنا في جيشنا قوية.. وأردف: خطونا خطوات حثيثة في ، ونحن بصدد تكوين لجان وجيّشنا كل القبائل.. كما استقطبنا دعومات كبيرة من المغتربين وعدد كبير من القبائل السودانية.. ستذهب في شكل دعم معنوي ومادي بتسيير القوافل التي انطلقت فعلياً..