تقرير- نجدة بشارة
حرك التنسيق المصري السوداني وتوحيد مواقفهما حول رفض أي نهج يقوم على (فرض الأمر الواقع ) المياه الراكدة في ملف مفاوضات سد النهضة الأثيوبي.
ومؤخرًا أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في اتصال هاتفي له مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، وفق بيان صادر عن استيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام ونقلاً عن (وكالات) عبر فيها عن استعداد المنظمة لتقديم الدعم والمشاركة في عملية تفاوضية تقودها رباعية تضم الكونغو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات.
وبالمقابل تساءل متابعون عن فرص المباحثات الرباعية في إعادة المياه إلى مجاريها بين مصر وإثيوبيا والسودان فيما يتعلق بملء سد النهضة؟.
أطراف ذات ثقل
في الجانب السوداني، رحب وزير الري السوداني، ياسر عباس، في حوار له مع “العربية” بتأييد مصر لمقترح الوساطة الرباعية في أزمة سد النهضة، مؤكداً أن التفاوض بشأن سد النهضة لا يزال ممكناً.
وقال إن سد النهضة يجب أن يكون بادرة للتعاون الإقليمي وليس لفرض الهيمنة. وأضاف: “نطالب بأن تستغرق عملية التخزين في سد النهضة شهرين على الأقل”، وقال إن الخرطوم لديها فرق تعمل على مدار 24 ساعة لوضع سيناريوهات متعددة لتخفيف آثار الملء الأحادي، مضيفاً أن السودان عقد اجتماعاً مع الإدارة الأميركية الجديدة، والتي وصفت مبادرتنا بإشراك أطراف ذات ثقل بـ”المعقولة”.
وشدد على أنه من المهم أن تتحول أقوال إثيوبيا إلى أفعال خاصة أنها أعلنت مضيها في عملية الملء الأحادي دون توقيع اتفاق، مضيفاً أن التصريحات الإثيوبية تحمل قدراً من “عدم التناسق”.
تنسيق سوداني ــ مصري
تفيد مصادر (الصيحة)، أن وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي ستنطلق عقب زيارة الرئيس المصري للسودان لزيارة دول حوض النيل، لاسيما ثلاث دول في غرب أفريقيا لتعود مرة أخرى للقاهرة مع رئيس الوزراء السوداني عبد لله حمدوك في الحادي عشر من الشهر الجاري ثم تنطلق في زيارات أخرى لدول شرق أفريقيا لذات الهدف.
ولعل أهمية زيارات مريم المهدي الأفريقية حسب المتابعات تأتي في إطار توضيح موقف السودان لدول المصب بشأن الملء الأحادي للسد.
بالمقابل يرى خبراء أن التنسيق المصري السوداني دفع أثيوبيا ربما للتراجع عن تعنتها، وفي تصريح لوزير المياه والري والطاقة الأثيوبي، سيليشي بيكيلي، إن بلاده لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى حل بشأن سد النهضة، يفيد جميع الأطراف.
جاء ذلك خلال لقاء بيكيلي مع وفد من جمهورية الكونغو الديمقراطية (الرئيسة الحالية للاتحاد الأفريقي) حول سد النهضة، وأشار الوزير بيكيلي إلى أن “أثيوبيا لا تزال ملتزمة بحل يفيد جميع الأطراف، وتتطلع إلى قيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية في هذه المسألة، بالإضافة إلى الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية من خلال المفاوضات الثلاثية”.
وساطات دولية ولكن!
وأفاد خبراء بأنه سبق أن توسطت كل من الولايات المتحدة والبنك الدولي، قبل أكثر من عام، في مفاوضات سد النهضة، غير أن وساطتهما لم تسفر عن نتائج.
وتصر أثيوبيا على بدء الملء الثاني لسد النهضة، في يوليو المقبل، بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي، حفاظاً على حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، وسط تعثر مفاوضات يقودها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر.
وحسب السفير الطريفي كرمنو في حديثه لـ(الصيحة): لا بد أن يتخذ السودان خطوات واسعة ويجري تحركات عاجلة لإيجاد صيغة اتفاق قبل أوان ملء السد للمرة الثانية بحر ثلاثة أشهر.. وأردف: أي تحركات من جانب السودان ومصر الآن محمودة، لكن إذا لم تترك أثيوبيا التعنت واستعمال القوة.. لجهة شعور أديس بموقف القوة لجهة انحدار المياه ناحية السودان ومصر، وبالتالي هما الأكثر تأثرًا لاسيما السودان
فيما يتعلق بالاتفاق السوداني المصري على فتح الباب للتدخلات الدولية والموافقة على المباحثات الرباعية بدلاً عن الثلاثية.. توقع كرمنو أن يمثل الضغط الدولي كرتاً رابحاً وأن تستطيع الدول الخارجية أن تملي قرارات صارمة على أثيوبيا بشأن الملء.
خطوة جيدة
وعن تجربة رعاية الاتحاد الإفريقي لمباحثات الفترة السابقة قال كرمنو: كان خبراء الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمارسون دورًا رقابياً فقط دون تدخل في المفاوضات.
وأوضح أن الجولات استمرت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي لكنها لم تنته للنتيجة المطلوبة، وبالتالي حدث نوع من الجمود.
لكن المحلل السياسي د. الفاضل عباس محمد علي، يرى في حديثه لـ(الصيحة) أن هذه الخطوة جيدة ومن الممكن أن تدفع المفاوضات إلى الأمام، لكن ذلك في حالة قبول إثيوبيا لهذا المقترح السوداني.
وشدد على أن الأزمة هي أديس أبابا التي ترفض أي وساطة دولية من أي نوع ولا ترغب في دور للخبراء الأجانب في المفاوضات.
ويضيف أن الآلية الأفريقية تظل جديرة بالوصول إلى حل متكامل إذا ساعدتها الإرادة السياسية من كل الأطراف، فضلاً عن النظر للفوائد المتعددة التي يمكن أن يجنيها الأطراف الثلاثة من واقع السد في مشاريع تكاملية بعد تأمين المخاوف والوصول إلى آليات يُتَّفق حولها في العلاقات المائية، تكون نموذجاً لبقية دول حوض النيل.