عبد الله مسار يكتب.. الوثيقة الدستورية
في يوليو ٢٠١٩ وقعت الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، واعتبرت دستور الفترة الانتقالية وتكونت من ديباجة وستة عشر فصلاً وسبعين مادة وألغت دستور عام ٢٠٠٥م.
الوثيقة وصفت السودان أنه دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية برلمانية تعددية لا مركزية، تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرأي السياسي أو الإعاقة أو الانتماء الجهوي أو غير ذلك من الأسباب.
وتضمنت فترة انتقالية مدتها تسعة وثلاثون شهراً برئاسة واحد وعشرين شهراً للعسكرين وثمانية عشر شهراً للمدنيين.
وقام برنامج الفترة الانتقالية على إنجاز الإصلاحات القانونية تلغي النصوص المقيدة للحريات وتعمل على إصلاح أجهزة الدولة ومعالجة الأزمة الاقتصادية وتسوية أوضاع المفصولين تعسفياً وتقوم على ضمان حقوق المرأة والطفل وتعزيز دور الشباب وقيام سياسيات خارجية متوازنة. وأقامت أجهزة انتقالية مجلس سيادة ومجلس وزراء ومجلس تشريعي، وحددت صلاحيات كل جهاز، حيث جعلت مجلس السيادة رأس الدولة ورمز سيادتها وحدتها وهو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء واعتماد حكام الأقاليم والولايات ورئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ومجلس النيابة والنائب العام والسفراء وكذلك إعلان الحرب واعلان حالة الطوارئ.
وقررت تعيين وزراء من كفاءات مستقلة، وكذلك قررت تعيين أجهزة القضاء القومي من مجلس القضاء العالي والسلطة القضائية والمحكمة الدستورية والنيابة العامة والمراجع العام.
وحددت قيام احدى عشرة مفوضية مستقلة وهي السلام والحدود والانتخابات والدستور والمرأة والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد والأراضي وحقوق الإنسان واصلاح الخدمة المدنية.
وهذه الوثيقة خضعت لتعديلين أحدهما بعد ستة وأربعين يوماً والآخر في 2/11/2021 تم بموجبه إنشاء مجلس الفترة الانتقالية وصلاحياته.
إذن هذه اهم ملامح ومكونات الوثيقة الدستورية.
هل التزمت الأجهزة الحاكمة بهذه الوثيقة أم خرقتها، وبمراجعتي لنصوصها وموادها، اكتشفت ان السلطة المختصة في السودان خرقت الوثيقة في واحد وثلاثين خرقاً، آخرها تكوين حكومة حزبية، ونص الوثيقة حكومة تكنوقراط مستقلة، وكذلك لم تلتزم الحكومة بها وخاصة في الحريات العامة وتكوين المجلس التشريعي و إنشاء المفوضيات، بل اضافت لها ثماني مواد جديدة بل حتى الجسم الذي وقع عليها اصابة التصدع والانشطار.
حتى ان البعض يتحدث إن هنالك وثيقتين ايهما معمول به غير معروف.
أخيراً أعتقد ان هذه الخروقات جعلت من الوثيقة مكاناً للشك، ولعدم وجود محكمة دستورية تظل هذه الوثيقة مكان جدل قانوني يرتب عليه تقاضٍ في وقت ما ضد بعض القرارات التي اتخذت بنصوص هذه الوثيقة عند قيام المحكمة الدستورية وقد تلغيها المحكمة وتترتب على الإلغاء اجراءات قانونية اخرى اقلها التعويض من الضرر.
كما ان تأخير قيام المفوضيات وخاصة مفوضية الفساد، ترك فراغاً قد يؤدي الى مخالفات قانونية، وكما أن مفوضيات مهمة لم تقم، كمفوضية الانتخابات ومفوضية الدستور لأنهما مرتبطان بأزمة ومواقيت تحدد نهاية الفترة الانتقالية.
أخيراً أعتقد ان دستور ٢٠٠٥ أصلح وأشمل وأنفع للفترة الانتقالية. لانه جاء باتفاق كل القوى السياسية وخاصة بعد ما أصاب الوثيقة من ثقوب.