الخرطوم- مريم أبشر
توافق السودان ومصر حول عدد من الملفات الإقليمية المُشتركة، على رأسها أزمة سد النهضة الإثيوبي، من خلال قمة ثنائية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في القصر الرئاسي بالخرطوم، التي وصلها السيسي قبيل ظهر أمس في زيارة استغرقت ساعاتٍ، وحفتها إجراءات أمنية مُشدّدة، وأكد الجانبان رفضهما لأيِّ إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثَمّ تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصُّل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يكون ملزماً قانونياً ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان.
قمة مُغلقة
وعقد السيسي خلال الزيارة، قمة ثنائية مُغلقة بينه والفريق أول عبد الفتاح البرهان قبل أن يترأسا جلسة مُباحثات مشتركة بحضور الوفد المرافق له، ومن ثَمّ عقد لقاء مع نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ولقاء آخر مع رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك.
سند ودعم
وأثنى الفريق أول البرهان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس المصري، على تلبية السيسي للدعوة بزيارة السودان في توقيت صعب، قال إنه يُواجه مرحلة الانتقال بما يستلزم تضافُر الجهود ووقفة الأشقاء والأصدقاء، وقال “هذه الزيارة تعتبر دعماً وسنداً حقيقياً لثورة وشعب السودان، لأنّها تُصب في خانة تقوية روابط الإخوة بين الدولتين التي ستنعكس على مجريات الانتقال”، وأضاف “ناقشنا كل الملفات التي تدعم التعاون المُشترك ووصلنا إلى رؤى موحدة تخدم تقدُّم وتطوُّر وبناء الشعبين وتسهم في استقرار الدولتين”.
السد
بدوره، أكد الرئيس المصري في المؤتمر الصحفي، أن بلاده تُساند الحكومة الانتقالية في السودان، مبيناً أنّه تباحث مع البرهان حول عددٍ من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، وذلك في إطار الارتباط الوثيق بين الأمن القومي المصري والسوداني، وقال “تناولنا كذلك مستجدات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي وهو الملف الذي يمس صميم المصالح الحيوية في مصر والسودان بوصفهما دولتي المصب في حوض النيل اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا المشروع الضخم.. واتفقنا على أهمية الاستمرار في التنسيق والتشاور بيننا في هذا الملف”.
وأضاف “أكدنا على حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة بهدف التوصل في قب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بما يخدم مصالح الدول الثلاث”، لافتاً إلى أن الرؤى تطابقت حيال رفض أي نهج يقوم على السعي لفرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق من خلال إجراءات أحادية لا تراعي مصالح دولتي المصب بما يتمثل في إعلان إثيوبيا تنفيذ المرحلة الثانية من السد حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق وهو الإجراء الذي سيؤدي للحاق أضرار جسيمة بمصالح السودان ومصر.
علاقات متميزة
وأشار إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت زخماً يستحق الإشادة طوال الفترة الماضية، حيث ارتفع مُستوى التنسيق المشترك بين حكومتي البلدين في مُختلف المجالات، وقال إن مُشاوراته في الخرطوم رمت لاستكمال عديد من الملفات والسعي لوضع إطار استراتيجي متكامل.
اتفاق السلام
وعقب القمة المغلقة والمباحثات، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى بالقصر الجمهوري، النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قدم من خلاله شرحاً للرئيس المصري حول سير تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، ومشاركة المُوقِّعين على الاتفاق في حكومة الفترة الانتقالية، وعبّر عن شكره وتقديره للرئيس المصري على الزيارة والاهتمام بقضايا السودان.
لقاء رئيس الوزراء
وفي مقر إقامته بالخرطوم، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.. حيث أعرب حمدوك من خلاله عن تقدير بلاده لعلاقات التعاون الوثيقة مع مصر، والتي تأتي انعكاساً للإرث البشري والحضاري المتصل بين البلدين، وأشاد بالجهود المصرية المُخلصة والساعية نحو المُساهمة في تثبيت الاستقرار بالسودان، وكذا محورية الدور المصري في صون السلم والأمن بالقارة الأفريقية، وأشار حمدوك لوجود آفاق رحبة لتطوير التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، وحرص السودان على توفير المناخ الداعم لذلك في مختلف المجالات التنموية الاستراتيجية، فضلاً عن تعويلها على الدور المصري الداعم للجهود السودانية الجارية لإسقاط وإعادة جدولة الديون الخارجية عليها.