المكون العسكري.. سياج ديمقراطي وتماهٍ سياسي
ترجمة- إنصاف العوض
أكد موقع قلوبال ريسك أنسايدس البحثي على أهمية وجود المكون العسكري وتفعيل نفوذه من أجل حماية الديمقراطية والحد من طموحات النظام البائد، وقال الموقع: لا يزال وجود ونفوذ الضباط العسكريين السودانيين مهميناً، لا سيما في مواجهة مخاوف أمنية لا تعد ولا تحصى، ولم تتأثر طموحاتها السياسية بزوال النظام السابق كما أن التعاون السياسي ضروري لتعويض الطموحات العسكرية. ولفت الموقع إلى أن زيارة وفد يضم كلاً من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ونائب رئيس المجلس العسكري الجنرال محمد حمدان دقلو عقب أحداث الجنية التي أودت بحياة مائة وثلاثين شخصاً دليل على أهمية التماهي بين مكوني الحكومة لحفظ الأمن وصيانة التحول الديمقراطى وتحجيم دور النخب الطامعة في العودة إلى السلطة من فلول النظام السابق.
سياج عسكري
وقال: أدى اندلاع أعمال العنف مؤخرًا في الجنينة، بغرب دارفور، إلى مقتل أكثر من مائة وثلاثين شخصًا. يعد هذا أسوأ حادث منذ انتهاء بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التي استمرت 13 عامًا، والتي تم نشرها في دارفور، وتوقيع اتفاق سلام بين الحكومة الانتقالية وجماعات المتمردين الرئيسية في دارفور. وردًا على ذلك، أرسلت السلطات السودانية قوات لاستعادة النظام، إلى جانب وفد ضم كلاً من القيادي في مجلس السيادة بقيادة الجيش الفريق أول محمد حمدان دقلو، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وهو اقتصادي مدني على رأس المجلس التكنوقراطي، وكون الوضع يتطلب وجود الرجلين يؤكد خطورة المأساة. ولعل الأهم من ذلك أنه يسلط الضوء أيضًا على مصدري السلطة المتنافسين اللذين سعيا إلى تشكيل السودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أعقاب الاحتجاجات الشعبية في عام 2019.
وتيرة جليدية
وفي حين أن الحاجة للإصلاحات وحدت السودانيين من العديد من أطياف المجتمع للمطالبة بإقالة البشير، فإن ترجمة تلك الإصلاحات من الرؤية إلى الواقع تستغرق وقتًا، خاصة عندما يكون رأس المال محدودًا. ووفقا لإحصاءات رسمية انخفضت الإيرادات الحكومية بنسبة 37 في المائة عن التوقعات السابقة، وكانت الإيرادات الضريبية أقل بنسبة 21 في المائة مما كان متوقعاً، وكان دعم المانحين أقل بنسبة 36 في المائة مقارنة بالمبالغ المتوقعة في ميزانية ديسمبر 2019″.
إن الإصلاح بالطريقة الدرامية التي يسعى إليها كثير ممن نزلوا إلى الشوارع يتطلب رأس مال؛ سواء تم منحه من قبل الجهات المانحة أو تم جمعه محليًا. ويخلق هذا توترًا عندما يسعى السكان إلى تحسين مستويات المعيشة وتوفير المزيد من الخدمات والحد من الفقر، إذ كانت الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالبشير مستوحاة من الجهود الحكومية لخفض الدعم على القمح والوقود، مما رفع تكلفة المعيشة إلى مستويات غير مستدامة. ومع ذلك، فإن هذه الإعانات تمثل ما يقرب من نصف الميزانية السودانية وفقًا للتقديرات.
إن الحفاظ على هذه الإعانات، لمنع رد الفعل العكسي، يترك حكومة حمدوك مقيدة سياسيًا وماليًا. لقد أصبح هذا الوضع حلقة مفرغة، ألهمت المزيد من المظاهرات من قبل المواطنين السودانيين غير الراضين عن الوتيرة الجليدية للإصلاحات والافتقار إلى التحسينات التي سعوا إليها من خلال الاحتجاج.
مخاطر حدودية
وفي الوقت نفسه، شكلت الأحداث عبر الحدود في إثيوبيا المزيد من التحديات. لطالما كان البلدان في نزاع حول منطقة الفشقة، حيث يوجه السودان اللوم إلى الحكومة الإثيوبية لتشجيعها المزارعين الإثيوبيين لاستيطانهم وزراعتهم أرضًا خصبة تتبع للجانب السوداني. وقد تفاقمت هذه التوترات منذ اندلاع أزمة تيغراي. مع سعي 50 ألف لاجئ لعبور الحدود السودانية، اتهم السودان القوات الإثيوبية بنصب كمين لجنود سودانيين، وخرق مجالها الجوي. بعد هذه الأحداث بوقت قصير، بدأ السودان عملياته لاستعادة الأراضي المحتلة على طول الحدود.